Array

روسيا وقوات الأسد تحاصران مخيم الركبان وتدفعان سكانه إلى مصير مجهول بمناطق سيطرة النظام

يقع مخيم الركبان في قلب صراع بين روسيا والولايات المتحدة على السيطرة على جنوب شرق سورية وعلى طريق بري يؤدي إلى العراق وإلى إيران الحليف الإقليمي الرئيسي للأسد , وترى روسيا ، التي ساعد جيشها الأسد في استعادة السيطرة على جزء كبير من سورية ، في مخيم الركبان ذريعة أمريكية للحفاظ على ”احتلال غير مشروع في الجنوب“ وجيبا أخيرا للمعارضة المناوئة للأسد في جنوب سورية لابد من سحقه , ويبدو من المستبعد أن يدفع إخلاء المخيم الولايات المتحدة للتخلي عن حاميتها القريبة في التنف ومنطقة منع الصدام التي تشمل الركبان . فقاعدة التنف تعتبر أداة مفيدة في خدمة الأهداف الأمريكية في التصدي لإيران.

وتعتبر الأوضاع في مخيم الركبان قاسية لكنه يتيح ميزة كبرى لسكانه البالغ عددهم 36 ألفا ألا وهي الحماية من الضربات الجوية الروسية ومن هجمات قوات الأسد والميليشيات المؤيدة له بفضل موقعه قرب قاعدة أمريكية , إلا أن مقيمين في المخيم ودبلوماسيين يقولون إن الحياة فيه سارت من سيء إلى أسوأ حتى باتت شبه مستحيلة في الأسابيع الأخيرة. فقد تدهورت أزمات نقص الغذاء نتيجة للحصار الذي تفرضه قوات الأسد وروسيا التي تريد تفكيك المخيم وإخراج القوات الأمريكية من سورية

وتقول مصادر محلية إن القوات الروسية وقوات الأسد عمدت إلى قطع الإمدادات للمخيم منذ منتصف شباط / فبراير وسدت الطرق التي كان المهربون يلجأون إليها بالرشوة عبر نقاط التفتيش التابعة لجيش النظام وإطلاق النار على بعض العربات , ويوم الخميس حثت واشنطن حكومة الأسد وموسكو على السماح بتوصيل مساعدات دولية إلى مخيم الركبان والامتناع عن سد الطرق التجارية المؤدية للمخيم ”لتفادي المزيد من المعاناة“ , ومع تزايد الأزمات خرج سيل مستمر من اللاجئين من الركبان إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة النظام

وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إن نحو 7000 شخص رحلوا عن المخيم في الشهر الأخير تقريبا حيث يتم نقلهم بالحافلات إلى ما تسميه سلطات النظام مراكز إيواء. لجأ بعضهم إلى ملاجئ في مدينة حمص حيث يعمل البعض على تسوية أوضاعهم مع السلطات وانتقل البعض الآخر إلى مناطقهم الأصلية في محافظة حمص . ويقول البعض إن ملاجئ مدينة حمص هي مراكز احتجاز لكثيرين من الرجال , وقد اتهمت موسكو ونظام الأسد واشنطن باحتجاز سكان الركبان رهائن وبل وشبهت روسيا الأوضاع فيه بمعسكرات الاحتجاز في الحرب العالمية الثانية.

غير أن روسيا عازمة على هدم المخيم. وسيمثل ذلك مكسبا لموسكو في سورية بعد أن توقف تقدمها العسكري في مناطق أخرى من البلاد ومن ثم تأكيد نفوذها على منطقة تخضع للسيطرة الأمريكية , وقالت الولايات المتحدة إنها لا تمنع أحدا من مغادرة الركبان ودفعت في الوقت نفسه إلى إرساء عملية ”للرحيل الطوعي الآمن الذي يحفظ للناس كرامتهم“.ولم تستجب وزارة الدفاع الروسية على الفور لطلب للتعليق على الأمر , ونادرا ما يتسلم مخيم الركبان ، الذي تخضع الطرق المؤدية إليه لسيطرة نظام الأسد شحنات من مساعدات الأمم المتحدة.

وقالت الولايات المتحدة بعد تسليم شحنة في تشرين الثاني / نوفمبر إنها تدرك أن روسيا لعبت دورا في إقناع حكومة الأسد بالموافقة على الشحنة , وآخر مرة وصلت فيها قافلة مساعدات من الأمم المتحدة إلى الركبان كانت في أوائل شباط / فبراير , ويخشى كثيرون من سكان الركبان العودة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ويقولون إن من الممكن احتجازهم أو إرغامهم على الخدمة العسكرية. علاوة على أنه في حالات كثيرة يصعب عليهم العودة إلى مدنهم المهدمة. وهذا الخوف شائع بين اللاجئين الذين لا يقتنعون بالتطمينات الروسية أنهم لا يواجهون أي تهديد.

وعلى مر السنين أخذ المخيم بعض ملامح الديمومة بما في ذلك بناء منازل من الطوب النيء ومدارس وأسواق. وفتح إبراهيم الناصر متجر بقالة في الركبان إلى أنه اضطر لإغلاقه بسبب نقص السلع , وقال لرويترز وهو على وشك مغادرة المخيم إنه لم يعد يهتم بمصيره ولا يريد إلا إنقاذ أولاده من الجوع , وأضاف ”العالم مسيطر عليها الخوف. أنا مجبر أطلع مهما كانت النتيجة. إذا كان في سجن أو موت أو توقيف حتى يعيش أطفالي , ”شو بدك تسكت الناس؟ الجوع ماله تسكيت إلا إن الناس تاكل. والأكل غير موجود“.

من جهته قال أبو أحمد الدرباس الخالدي رئيس المجلس المحلي الذي تديره المعارضة في المخيم إن تناقص الإمدادات الغذائية لا يترك لسكان الركبان خيارا سوى الرحيل , وأضاف ”النظام والروس نجحوا للأسف في حصارهم للمخيم. صار بعض الناس تتوجه من الفقر والجوع“ , وتوقف المخبز الوحيد في المخيم عن إنتاج الخبز هذا الشهر. وأصبح سعر جوال الطحين ، إذا ما وُجد، 40 الف ليرة سورية (70 دولارا) أي ثمانية أمثال سعره في الأراضي الخاضعة لسيطرة النظام , وقال عبد الله العمور أنه قرر أن الوقت قد حان للرحيل عن مخيم الركبان الذي لجأ إليه مع أسرته عندما بدأ أولاد يتضورون جوعا , ليواجه بذلك مصيرا مبهما تحت حكم نظام الأسد

وكان العمور تاجر الماشية القادم من مدينة تدمر قد لجأ إلى المخيم الواقع على الحدود السورية مع الأردن والعراق قبل أكثر من ثلاث سنوات بعد أن دمرت ضربات جوية روسية بيته أثناء استهداف المناطق التي كانت خاضعة في ذلك الوقت لسيطرة تنظيم “داعش” , وقال العمور (46 عاما) لرويترز هاتفيا من المخيم ”اليوم بتاكل وبكرة ما في شيء يؤكل. الناس ذبحها الجوع“ , وأضاف أن ابنه حمزة ابن الثلاثة أعوام أصابه الهزال من جراء إطعامه ماء محلى بالسكر بدلا من الحليب المجفف. ويضاف الحصى والتراب إلى العجين لإطالة أمد إمدادات الطحين (الدقيق) , وأضاف العمور ”لا أحد يرحل بإرادته. ما قادر أنام وأولادي ياكلهم الجوع“.

ونشرت وسائل إعلام تابعة لنظام الأسد صورا للراحلين عن مخيم الركبان في حافلات خضراء بمرافقة أمنية تشبه الحافلات المستخدمة في إخلاء المدنيين ومقاتلي المعارضة من أماكن أخرى من سورية تمت استعادتها من معارضين مثل شرق حلب والغوطة الشرقية , وفي مقابلة مع وكالة أنباء النظام اتهم أحد الراحلين عن الركبان جماعات متشددة ”بقيادة أمريكا بوضعنا تحت ضغط وحرماننا من الطعام والماء حتى ننضم إليهم“ , غير أن مصادر في الركبان قالت إنه تم احتجاز الراحلين عن المخيم لأسابيع في معسكرات احتجاز في حمص قبل نقلهم إلى السجن أو إطلاق سراحهم أو إلحاقهم بالجيش , وقال محمود الهميلي أحد المسؤولين في المخيم إنه تلقى تقارير أنه تم القبض على أكثر من 20 رجلا , وقال شكري شهاب الذي يعمل في جهود الإغاثة بالمخيم ”الموت في المخيم أفضل من الموت خلف القضبان“.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

جمعية الأمل لمكافحة السرطان

معاناة اللاجئات السوريات المصابات بمرض السرطان في تركيا

تصطدم مريضات السرطان من اللاجئات السوريات في تركيا بحواجز تمنعهن من تلقي العلاج على الوجه الأمثل، بداية من أوضاعهن الاقتصادية الصعبة والاختلاف في أحقية...

خدمات المساعدة القانونية المجانية للاجئين السوريين في تركيا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا الجهل بالحقوق القانونية للاجئين السوريين في تركيا يقف حجر عثرة أمام ممارسة حقهم بالوصول إلى العدالة، ويمنعهم...
منظمة INGEV

واقع دعم المشاريع النسائية الصغيرة في مدينة شانلي أورفا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا تدعم منظمات المجتمع المدني المتخصصة في التنمية وريادة الأعمال، المشاريع الاقتصادية للاجئات السوريات في مدينة شانلي أورفا، بهدف...
مركز الأمل لمكافحة السرطان

خدمات دور ضيافة مرضى السرطان القادمين من سوريا بين الواقع والمأمول 

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا تستقبل دور الإيواء المعدودة ومحدودة الإمكانيات في تركيا، مرضى السرطان السوريين عند تحويلهم من الشمال السوري حسب طاقتها...

سوريات إلى الدعارة في العراق..ضحايا ميليشيات عراقية

“يضربني زوجي كل يوم، ويصطحبني مُكرهةً لممارسة الجنس مع أشخاص في الفنادق والبيوت، ثم يعود بي إلى البيت ليفعل بدوره الأمر نفسه بعد ضربي...

الأكثر قراءة