ظهرت في الأونة الأخيرة، ملامح موجة لجوء جديدة يشقها سوريون في مناطق سيطرة الحكومة السورية أو ممن يعيشون في تركيا، وجهتها إلى هولندا.
فمع سوء الوضع الاقتصادي المتفاقم في سوريا إضافة إلى الخوف من الالتحاق بـ”الخدمة الإلزامية”، قرر عدد كبير من الشبان القاطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، الفرار إلى الدول الأوروبية خصوصاً هولندا.
كما ساهم تصاعد خطاب الكراهية من مسؤولين وسياسيين معارضين ضد اللاجئين في تركيا خلال الأشهر الأخيرة، وتقييد منح الإقامة السياحية أو “الكملك” للسوريين الوافدين حديثًا، وحتى نقل “الكملك” من ولاية إلى أخرى، من قبل الهجرة التركية، لدفع بعض السوريين للتفكير برحلة جديدة خارج تركيا، بحثًا عن ظروف أكثر استقرارًا في بلد آخر.
20 ألف يورو مقابل الوصول
الأخوان يوسف وباسم وهما ينحدران من وادي العيون “النضارة” في ريف مدينة حمص الغربي، هربا من البلاد خوفاً من الخدمة الإلزامية وبسبب انعدام الأمل بانفراجة قريبة تخفف من وطأة الوضع الاقتصادي السيئ.
باسم (20 عاماً) جمع تكاليف السفر خلال عمله في لبنان على مدار سنوات بحسب ما قال، أما يوسف (28 عاماً) فاضطرت عائلته إلى بيع شقة كانت تمتلكها في حمص لدفع تكاليف السفر بهدف الهرب من وطنه والخلاص.
ودفع كل من يوسف وباسم 20 ألف يورو مقابل حصولهم على جوازات سفر “مزورة” توصلهم إلى هولندا وألمانيا بعد عدة محاولات لم يكتب لها النجاح.
وأشار باسم ويوسف في حديث لتلفزيون سوريا إلى أنهما تركا أبويهما وحيدين في حمص من دون معيل لهما أملاً بالوصول إلى أوروبا ثم مساعدتهما لاحقاً.
لجوء يبدأ بقبول جامعي في أوروبا الشرقية
أما اللاجئ السوري عامر (24 عاماً) الذي ينحدر من مدينة السلمية شرق حماة فوصل إلى هولندا قبل ما يقارب الأربعة أشهر.
وعن الطريقة التي وصل بها إلى هولندا، يقول عامر لتلفزيون سوريا: “هناك مكاتب تؤمن للشخص قبولاً في إحدى الجامعات في دول أوروبا الشرقية ومن ثم نسافر إلى إحدى دول أوروبا الغربية”.
وعن سبب هروبه من البلد يشير عامر إلى أن “الوضع الاقتصادي ازداد سوءاً ولا يوجد أي أفق لتحسن الوضع كما أن تأجيلي للخدمة الإلزامية انتهى ولم يعد لي الحق في التأجيل مرة أخرى”.
مغادرة بعد “الإحباط”
أمل مواطنة سورية كانت تعيش في تركيا، وصلت أخيراً مع ابنتها الوحيدة إلى هولندا، واتخذت قرارها بمغادرة غازي عنتاب بسبب توقف ملفات تجنيس عدد من اللاجئين السوريين الأمر الذي أصابها بـ”الإحباط” و”خيبة الأمل”، بحسب قولها.
ولفتت اللاجئة السورية في حديث لتلفزيون سوريا إلى أنها ترددت بداية في الهجرة أملا بالحصول على الجنسية التركية.
وأضافت: “لا توجد فرص عمل لي وفي حال وجدت فإن الراتب لم يعد يكفي لسداد إيجار المنزل إضافة إلى تكاليف الحياة الأخرى”.
وعن طريقة وصولها إلى هولندا، قالت اللاجئة السورية إنها اتفقت مع أحد المهربين الذي وعدها بإيصالها وابنها إلى هولندا مقابل 18 ألف يورو، مشيرة إلى أنها وابنتها استخدمتا بطاقة إقامة “مزورة” للسفر إلى بلجيكا ومنها إلى هولندا.
وانتظرت اللاجئة السورية ما يقارب الشهر بعد وصولها إلى اليونان متحملة الكثير من المصاعب والتكاليف المادية المرهقة قبل أن تنجح في الوصول إلى هولندا من أول محاولة.
طلبات اللجوء إلى هولندا
وشهدت هولندا منذ بداية العام الجاري ازدياداً ملحوظاً في أعداد طلبات اللجوء، حيث وصلت إلى 13 ألف طلب لجوء لسوريين فقط.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في هولندا 126 ألف لاجىء سوري، ووفق بيانات وزارة العدل والأمن الهولندية في ربيع 2021، فإن أكثر من نصف اللاجئين السوريين في البلاد، حصلوا على الجنسية الهولندية.
يذكر بأنه في عام 2015، بلغت أعداد طالبي اللجوء في هولندا ذورتها، حيث قدم 29.7 ألف سوري، ومثلت طلبات لجوء السوريين نحو 55% من العدد الإجمالي لطلبات اللجوء المقدمة في ذلك العام.