syria press_ أنباء سوريا
من جديد يعود لبنان الصغير إلى الواجهة كتعبيرعن حقبة أميركية تفتح الباب الواسع كي يحكم الرصاص بين طرفين أحدهما يرى في إيران وميليشياتها سبب الأهوال التي أحاقت ببلد هشمته الحروب الداخلية طويلاً.
من حارة حريك في قلب الضاحية الجنوبية التي يحكمها حزب الله ارتفع صوت لقمان سليم الشيعي العروبي ليشير بأصبعه إلى موت يأتي من جواره، وبكلمات غير مواربة يتهم إيران وحسن نصر الله بتخريب لبنان وسوريا معاً، وبكم أفواه الشرفاء الذين قالوا لا لكاتم الصوت حيث الرصاص الفيصل في الحوار، وهو ما حصل عندما انتهى الرجل مرمياً في سيارته جثة هامدة كأولى بشارات فترة بايدن الديمقراطية.
بدأت إيران لعبة الموت من بيتها الذي زرعته في لبنان، وكانت الخيارات كثيرة أمام كواتم الصوت فقد ارتفع مزيد من الأصوات الشيعية المطالبة بالنأي بالطائفة عن الولاء الخارجي والعودة إلى الوطن كخلاص للجميع، ووقع الخيار على الأقربين المدعووين (شيعة السفارة)، وأولهم أولئك الذين لا يكفون عن الانتقاد والتخوين ويرون في الخارجين على نظام الحليف الأسد مظلومين يستحقون الوقوف معهم في وجه مذبحة المحور الممانع.
خرجت إيران من شرنقة عزلتها إلى هوايتها المفضلة في اصطياد مناوئيها، وأعطت الأوامر لبدء معركة جديدة فقد وصلت الإشارات الناعمة من الأميركي والأوروبي عن إمكانية تخفيض العقوبات وبدء مفاوضات بخصوص الملف النووي، والعودة الأميركية إلى الاتفاق مشروطة بملفات أخرى من بينها فيما يبدو اليمن وسوريا ولبنان مع تصاعد النبرة الإيرانية مدعومة ببيانات أوروبية عن قرب امتلاكها سلاحاً نووياً.
بالمقابل يرى بعض المثقفين العرب أن آلة القتل هذه ما كان لها أن تتغول لولا جملة أسباب من بينها كما يرى قانوني فلسطيني: (ما كان لحزب إيران في لبنان أن يتغول في تصفية الأحرار لولا صمت وأحياناً تبرئتة القاتل، من قبل أحزاب وشخصيات شيوعية وقومية تدّعي دفاعها عن محور المقاومة، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي اللبناني، ورهط من الكتّاب والمثقفين اليساريين).
هم وليس سواهم من اغتالوا مهدي عامل وحسين مروة وسمير القصير، وأمثالهم في سوريا من برروا وسمحوا بتصفية أصوات الحرية، وحتى أولئك الذين ينتمون إلى تيارهم ممن رأوا في استقدام الروسي والإيراني لحماية النظام تسليماً للبلاد لقوى استعمارية بحجة الخوف من الإسلام المتشدد، وساهموا برفع وتيرة الشحن الطائفي ليقولوا لأتباعهم وللعالم انظروا إنهم يقتلوننا تحت رايات التشدد والطائفية.
اللبنانيون يعرفون جيدا قاتل لقمان سليم، ويشيرون إليه فهو في طهران التي بدأت تتنفس الصعداء بالرغم من حدة الضربات المتوالية لمواقعها في سوريا والعراق من قبل إسرائيل، واللهجة المرتفعة لمنعها من الاقتراب من الحدود المرسومة بتوافق روسي إسرائيلي أميركي، ولكن التوافقات التي تحرص عليها واشنطن للجلوس من جديد مع إيران تتضمن فيما يبدو وقف الهجمات الإسرائيلية ضد مواقعها والتطبيع بين النظام وتل أبيب مقابل مساحة لإيران في المنطقة تسمح لها بهيمنة اقتصادية وسياسية، وهذا هامش يكفي لممارسة القتل ضد معارضي محورها مع النظام والميليشيات التي تحكم قبضتها على الأرض.
الخشية الآن في ضوء ما تقدم أن يذهب دم لقمان سدى كما سابقيه، وأن تساهم قوى اليسار المرتجفة في ضياعه بحجة السلم الأهلي والخوف من حرب أهلية محتملة، وأما السوريون الذين ناصرهم لقمان فكأسهم مملوءة بالسم نفسه مع بدء الأسد حملته الانتخابية، وفشل هيئاتهم السياسية في الحفاظ على أبسط تطلعاتهم في الحرية والخلاص من الاستبداد.
عبد الرزاق دياب _ موقع تلفزيون سوريا