قتلت قوات الأمن العراقية خمسة متظاهرين على الأقل يوم السبت أثناء محاولتها إجبار المحتجين على التراجع صوب موقع تجمعهم الرئيسي في وسط بغداد باستخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت , بحسب الشرطة ومسعفون , وأفادت مصادر حقوقية وإعلامية بأن قوات الأمن العراقية أطلقت وابلا كثيفا من قنابل الغاز المسيل للدموع على مئات المعتصمين في ساحتي الطيران والخلاني وسط بغداد قبل أن تجتاحهما , وجراء ذلك، تفرق المحتجون في الشوارع والأزقة الضيقة ، بينما تتواصل عمليات الكر والفر بين الجانبين ، كما أصيب عشرات المتظاهرين بحالات اختناق جراء استنشاق الغاز , واجتاحت قوات الأمن العراقية ، مساء السبت ، الساحتين اللتين يعتصم فيهما مئات المحتجين المناوئين للنظام الحاكم بالعاصمة بغداد وسط إطلاق كثيف للقنابل المسيلة للدموع ، فيما نفى مسؤول بالجيش العراقي تفريق المتظاهرين
وتسببت الاشتباكات في إصابة العشرات واستعادت على إثرها قوات الأمن السيطرة على كل الجسور الرئيسية عدا جسر يربط المنطقة الشرقية من العاصمة التي تضم أحياء سكنية وتجارية بمقر الحكومة عبر نهر دجلة , وتقع ساحة الطيران على مقربة من ساحة التحرير، معقل المحتجين في بغداد، في حين تقع ساحة الخلاني على مقربة من جسر السنك المؤدي إلى المنطقة الخضراء التي تضم مباني الحكومة والبعثات الأجنبية، كما أنها لا تبتعد كثيرا عن ساحة التحرير , في الأثناء، توافد المئات من المتظاهرين على ساحة التحرير في تحرك غير معتاد على مدى الأيام الماضية , وقال جمال عبد السلام، وهو متظاهر في ساحة التحرير ، إن قوات الأمن تنوي مهاجمة كل ساحات الاعتصام لإنهاء الاحتجاجات , وأضاف أن المتظاهرين يتوافدون على ساحة التحرير لمواجهة قوات الأمن وإحباط خططها
وفي مدينة البصرة كبرى مدن الجنوب أقامت السلطات طوقا أمنيا لمنع المتظاهرين من الاحتشاد في وسط المدينة يوم السبت بعد مقتل شخصين هناك يوم الجمعة خلال اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن , ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشهد العراق موجات احتجاجية مناهضة للحكومة، هي الثانية من نوعها بعد أخرى سبقتها بنحو أسبوعين , وقبل ساعات ، قتل 3 متظاهرين في بغداد عندما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع قرب ساحة التحرير، وفق مصدر طبي وشهود عيان , وفي عيادة مؤقتة قرب المكان قالت منار حمد المسعفة المتطوعة إنها ساعدت العشرات من المصابين يوم السبت , وأضافت وسط دوي الأعيرة النارية وأبواق سيارات الإسعاف “الكثير أصيبوا بشظايا من قنابل الصوت وآخرين أصيبوا باختناق من الغاز المسيل للدموع أو أصابتهم قنابل الغاز بشكل مباشر. قتل البعض بتلك الطريقة”
وقالت الشرطة ومسعفون إن خمسة قتلوا وأصيب ما يفوق 140 في بغداد يوم السبت. ورأى مصور من رويترز رجلا يحمله المسعفون المتطوعون بعيدا بعد أن أصابته قنبلة غاز مسيل للدموع بشكل مباشر في الرأس , وأستخدمت قوات الأمن يوم السبت القوة المفرطة ضد المحتجين لفتح الجسور التي حاولوا السيطرة عليها خلال الأيام الماضية ودفعتهم نحو ساحة التحرير الرئيسية لتجمع المتظاهرين , لكن المحتجين تمكنوا من الاحتفاظ بالسيطرة على جزء من جسر الجمهورية المجاور حيث نصبوا حواجز في مواجهة مع الشرطة , ويخشون من أن يكون هذا الجسر وساحة التحرير هما الهدفان التاليان لقوات الأمن . واندلعت اشتباكات جديدة بحلول الليل قرب ساحة التحرير حيث سُمع دوي اطلاق قنابل الغاز والصوت في وسط بغداد كما هو الحال كل ليلة على مدى الأيام الماضية
وقال أحد المحتجين ويدعى عبد الله “الشرطة سيطرت على كل المنطقة أمامنا تقريبا. إنها تتقدم وظني إنها ستحاول الليلة السيطرة على التحرير” , رشق بعض المحتجين يوم السبت قوات الأمن بالقنابل الحارقة على جسر آخر بينما جاء آخرون بقنابل حارقة لمنطقة قريبة تضم أبراجا استعدادا لمزيد من الاشتباكات , وبدأت الاحتجاجات الحاشدة في ساحة التحرير في بغداد في الأول من أكتوبر تشرين الأول إذ يطالب المحتجون بتوفير وظائف وخدمات. وانتشرت تلك الاحتجاجات من العاصمة إلى مدن في الجنوب بمطالب وصلت إلى التغيير السياسي الشامل للنظام الطائفي في البلاد , والاحتجاجات هي الأكبر وتعد أيضا من أكثر التحديات تعقيدا للنظام السياسي الذي أسس اعتماداً على المحاصصة الطائفية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 وأطاح بصدام حسين
ولم تتمكن الحكومة التي شكلتها الأحزاب والمليشيات المدعومة من قبل إيران من التوصل لحلول للموجة الحالية من الاضطرابات التي وضعت الطبقة السياسية في مواجه الشبان ، وأغلبهم من العاطلين عن العمل ، الذين لم يروا تحسنا في ظروفهم المعيشية , والمتظاهرون الذين خرجوا في البداية للمطالبة بتحسين الخدمات وتأمين فرص عمل ، يصرون الآن على رحيل الحكومة والنخبة السياسية الفاسدة , ورغم تعهد الحكومة بتنفيذ إصلاحات وصفها المحتجون بأنها شكلية ولا تلبي الحد الأدنى من مطالبهم ، استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة منذ البداية وقتلت عشرات الشبان في أنحاء البلاد , وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة النطاق خلفت 285 قتيلا على الأقل فضلا عن نحو 13 ألف مصاب ، غالبيتهم من المتظاهرين ، حسب أرقام مفوضية حقوق الإنسان العراقية (رسمية تابعة للبرلمان) ومصادر طبية