syria press_ أنباء سوريا
تختلف الروايات حول المرأة التي كانت تطبخ الحصى لأولادها حتى تُسكت جوعهم، لكنها جميعها تتفق على أن المرأة كانت تعلم أنها تطبخ الحصى وأن حلها مؤقت لا يسد رمق أطفالها.
تشبه قصة طبخة الحصى إلى حد بعيد ما يقوم به أعضاء اللجنة الدستورية السورية والذين يتفاوضون منذ أعوام ويطبخون الحصى للسوريين، الفرق بينهم وبين المرأة أن قلبها كان على أولادها، فيما يدرك هؤلاء أن مفاوضاتهم العبثية على حساب السوريين ووقتهم الذي يمضي من دم.
عملية قيصرية
احتاجت اللجنة الدستورية لما يقرب العامين لتظهر للوجود بعملية قيصرية أنتجت ثلاثة توائم تكاد تشبه بعضها البعض من حيث التركيبة التي اعتمدت على رؤية الدول الراعية وليس الكفـاءة.
ومنذ يومها الأول أعلن وفد النظام السوري أنه جاء لإضاعة الوقت من خلال البحث في التفاصيل والحديث في إجراءات تعطيلية لا تمت للدستور بصلة، ومع ذلك تمسك وفد المعارضة بهذه المباحثات رغم انكشاف عدميتها وعبثيتها وتصريح وفد النظام لأكثر من مرة أنه غير معني بالوقت ولا جدول الأعمال، وعلى الرغم من ذلك يتابع أعضاء وفد المعارضة تمسكهم غير المبرر لكثير من السوريين، بالرغم من حديث النظام المستمر عن عدم جدية العملية الدستورية من جانبه وتعطيله لجلساتها ومن ثم فرض إيقاعه عليها.
يبدو أنه لا سبيل لإقناع وفد المعارضة أن بشار الأسد كان جدياً عندما قال أن الوفد المشارك من قبله لا يمثل /الحكومة/ وبالتالي هو يفترض أن العملية الدستورية ليست مفاوضات وإنما عملية داخلية لإنتاج تعديل دستوري كما ذكر بعض أعضاء وفد النظام.
الجولة الخامسة انتهت إلى لا شيء ودون تحديد موعد، مما يعني أن النظام ذاهب في اتجاه الانتخابات دون أن يعطي أهمية لمباحثات اللجنة والتي إن استمرت على حالتها الراهنة ستأخذ وقتاً أطول مما توقعه أكثر المتشائمين بعملها.
هنا يبرز السؤال الأهم: كيف تستطيع المعارضة فرض إيقاعها من جديد ووضع المجتمع الدولي أمام استحقاقاته السياسية والأخلاقية دون انتظار ما ستسفر عنه اجتماعات آستانا المقبلة؟
جولة عبثية
لعل أفضل ما يمكن ان تقوم به المعارضة هو الانسحاب من العملية الدستورية، واشتراط تحريك ملف هيئة الحكم والبيئة الآمنة وقطع شوط كبير فيها قبل العودة للحديث عن دستور، فالتبريرات التي تسوقها المعارضة حول عدم ترك الساحة فارغة أمام النظام فقدت مصداقيتها، سواء بإفشال النظام الجولة الخامسة أو عدم تحديد موعد جديد لجلسة مقبلة، وبالتالي فقد ظهر جليا للعيان أن نظام الأسد بطريقته التي يعتمدها هو من يُسيّر عمل اللجنة دون أي ضغوط حقيقية من راعيه الروس، على عكس وفد المعارضة الذي قدم الكثير من التنازلات دون الحصول على أي مكسب، وبالتالي ربما سننتظر انتهاء انتخابات /الرئاسة / التي سيجريها نظام الأسد حتى نرى جولة جديدة للجنة الدستورية أو أننا سنرى جولة عبثية جديدة تنتهي إلى لا شيء.
فراس علاوي _ القدس العربي