سيريا برس _ أنباء سوريا
لطالما تنكرت الثورة السورية من معارضيها الذين عجزوا عن تشكيل كيان واحد يمثل نبض الشارع، ويكون جديراً بتضحياته، ويوازيه بالوطنية والمطالب، مواكبًا مواقفه وتحركاته، محافظاً على ثوابته لايتنازل عنها ولا يساوم عليها، ولايعتد باعتراف دولي يشرع وجوده، وهو فاقد الثقة من مواطنيه الذين خرجوا على نظام الأسد مطالبين بالحرية والكرامة.
ومن نافل القول أن هذه الأجسام المعارضة وجب إكرامها بالدفن إن كانت ذا مكرمة بدلاً من اجترار نفسها وتجاربها وشخوصها، وخاصة بعد التساؤلات المحقة عن ماهية الفائدة عن خروج السوريين على حكم العائلة والحاكم الأوحد لآل الأسد، إن كانت ستمثلنا معارضة كل همها الكراسي وتبادل المناصب، بل لماذا ضحينا بسنوات من الدم إن كان سيحكمنا مجموعة من الفاشلين تربعوا على عرش المعارضة دون رؤية سياسية وطنية واضحة، يتخبطون في القرارات ويغوصون لركبهم في التبعية لمموليهم.
ما البديل؟ .. الذريعة التي تذرعها مؤيدي نظام الأسد هي ذات العباءة التي تلتحفها معارضتنا اليوم وتحاجج بها، وكأن كتب على السوريين أن يثقل ظهرهم وكاهلهم من يظنون أنفسهم أولياء الله على الأرض لابديل عنهم، ولاتستقم البلاد دون حكمهم.
استمد الأسد الأب والأبن مشروعيته من صناديق الانتخاب، في لعبة يدعون بها الديمقراطية والنزاهة حكموا من خلالها سوريا ماينيف عن خمسين عاماً، وفي مقارنة ربما يعتبرها البعض مجحفة يتبادر للذهن من أين استمد الائتلاف الوطني السوري وهيئة المفاوضات تمثيلهم للثورة السورية، من أفرز هؤلاء؟ ولماذا بعد إثبات عجزهم لسنوات وسنوات مازالوا يدعون تمثيلنا وكأنها حقيقة لاتقبل الطعن.
أشغل التمثيل الائتلاف وبات من أولوياته، وربما أصبح بالنسبة له أولى من مقارعة النظام، حيث أصبح شغله الشاغل الهيمنة على مفاصل عمل المجتمع المدني من اتحادات ونقابات وغيرها في المناطق المحررة داخل سوريا وفي دول اللجوء، معتقداً أن ذلك سيشرع استمرار وجوده، متغافلاً عن أصوات المحتجين على تمثيله، والذي عجز عن كسب ثقتهم وتأييدهم له.
وفي ظل الهيمنة الدولية على الحل في سوريا، والاعترافات المتكررة لأعضاء في الائتلاف أن ليس هناك إرادة إقليمية ودولية للحل، وعجزهم عن تحقيق أي تقدم في المفاوضات، ألا يجعلهم ذلك شركاء في هذه اللعبة مع النظام والمجتمع الدولي في تمديد أمد الصراع وغياب الحلول في الأفق القريب، هل يستطيعون نفي أنهم مستفيدين على الأقل من المناصب والرواتب والمزايا جراء إشغالهم هذه المواقع.
أليس من الأدعى اليوم أن ننزع صفة التمثيل عن الائتلاف وهيئة المفاوضات، وأن نستعيد البوصلة للوصول إلى أهداف الثورة، وإتمام آلاف الأميال التي بدأها السوريين بخطوة لارجوع عنها، بعد هذا الكم من الشهداء والأهوال التي عاشها الشعب على مدار السنوات العشر العجاف الأخيرة.
الكاتبة _ غصون أبو الذهب _ خاص سيريا برس