صدر أمس الخميس، أول تحقيق مفصل بمناسبة الذكرى العاشرة لـ “مجزرة داريا”، والتي ارتكبتها قوات النظام في الفترة مابين 20 _ 25 من شهر آب لعام 2012.
وقام بإعداد التحقيق، والذي نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، محققين سوريين أو ممن تعود أصولهم لسوريا، وبدعم من الاتحاد البريطاني السوري.
قصف سبق المجزرة
ونقل التقرير عن شاهد على المجزرة قوله: “بدأ تصعيد النظام على مدينة داريا في أول وثاني يوم من أيام العيد (الموافق 19 أو 20 آب)، ثم اشتد القصف فأصبح أسوأ من المعتاد، حيث استخدمت قذائف الهاون، وأسوأ أنواع القصف وذلك بوساطة أسلحة لم نكن نعرفها، إذ صرنا نسمع أصواتاً جديدة وقتها”.
يقول شاهد آخر: “أدركنا بأن دور منطقتنا قد حان عندما توقفت قذائف الهاون”.
قطعت قوات النظام الكهرباء والاتصالات عن المدينة في ثاني أيام عيد الفطر، في 20 من آب 2012، ثم حاصرتها وقصفتها أيامًا متتالية بالمدفعية والدبابات وقذائف الهاون وغارات المروحية مسببة مقتل 70 شخصًا، قبل أن تنسحب منها فصائل “الجيش الحر” المحلية، وتدخلها قوات النظام في 24 من آب.
700 مدني أُعدموا ميدانياً
ارتكبت قوات النظام مجازر وإعدامات جماعية طالت 700 مدني، واعتقلت العشرات من مواطني المدينة، ثم عرضت “نصرها” عبر عدسة قناة “الدنيا” التي دخلت المدينة وصورت الجثث في البيوت والطرقات، ناسبة الجريمة لأفعال “الإرهابيين”.
ورد في التقرير بأن المحققين تمكنوا من التعرف على قوات النظام والميليشيات الإيرانية وعناصر “حزب الله” والذين شاركوا في الهجمات، وذلك من خلال لباسهم الموحد، والرتب والأسلحة التي يحملونها.
استغرق إحصاء أعداد القتلى، عدة أيام بعد أن سمحت قوات النظام لأهل المدينة النازحين بالعودة إليها، حيث قاموا بحفر قبور جماعية، تركت دون معالم، لدفن الضحايا.
أهمية التحقيق
تقول ياسمين نحلاوي المتخصصة بالقانون الدولي لمنع الجرائم: “قررنا أن نجري تحقيقاً حول هذه المجزرة لأنها كانت أول حدث كبير أدى لقيام عدد كبير من الحملات التي استهدفت المدينة، إلى جانب مجازر أخرى، فضلاً عن الحصار والقصف”.
بينما، تحدث محمد زردة الذي قتل شقيقه ابن عمه في المجزرة، معتبراً أن “التوثيق الرسمي مهم جداً، وأعني بذلك إجراء تحقيق يورد أسماء المجموعات المسؤولة عن المجزرة، إذ بوسعنا أن نثبت ذلك، إلا أن جميع أهالي داريا يعرفون من المسؤول”.
واعتبر التقرير، أن ما جرى في داريا، يعد من أسوأ المجازر التي ارتكبت في الحرب، بيد أن النظام السوري، وصفها بأنها عملية لمكافحة الإرهاب.
ولم توثق معظم أحداث مجزرة داريا على الصعيد الدولي، باستثناء ما ورد بشكل موجز في تقرير أممي موسع حول سوريا في عام 2013، والذي أقر بارتكاب قوات النظام لجرائم حرب.
يذكر أن قوات النظام سيطرت على مدينة داريا في آب عام 2016، بعد حصار امتد لأكثر من 4 سنوات.