لم تعد تُفكّر ريما الخليل (30 عاماً)، وهي من سكان حي السّريان، بمدينة حلب، في إعادة تجربة عملية الإخصاب المساعد مرةً أخرى، وخاصّة أن مردودها المادي هي وزوجها بالكاد يسدُّ مستلزمات المنزل من طعام وحاجيات أخرى.
وتقول السيدة، وهي موظفة حكومية، أما زوجها فيملك ورشة صغيرة لصناعة الأحذية، إن ” التكلفة المرتفعة للإخصاب المساعد وقفت عائقاً أمام حصولنا على مولود”.
وكانت “الخليل”، قد تزوجت منذ 14عاماً وأجرت عدّة مرات عملية طفل الأنبوب قبل الحرب السورية، ولكن تجربتها في ذلك لم تنجح، وحال ارتفاع تكلفة العملية وصعوبة الوضع المعيشي لعائلتها دون إعادة المحاولة مرة أخرى.
وتراوحت تكلفة عمليات الإخصاب المُساعد في حلب بين عامي 2020 و20121 ما بين 5 إلى7 مليون ليرة سورية.
وقفز السعر خلال العام الحالي ليتراوح ما بين 10 إلى 15 مليون ليرة، بحسب مراكز متخصّصة بإجراء عمليات الإخصاب المُساعد، ما حوّل رغبة الكثير من الأزواج الرّاغبين في الحصول على مولود إلى “حلم صعب المنال”.
ويمكن أن تزيد التكلفة أو تقلّ بحسب حالة الجنين والأم، بحسب أطباء.
والإخصاب المُساعد، من الأساليب المُتّبعة لتحقيق الحمل بواسطة اصطناعية بشكلٍ كامل أو جزئي وتشمل هذه الأساليب التلقيح الصّناعي وأطفال الأنابيب والحقن المجهري، وهي تستخدم بشكلٍ رئيسي في علاج العقم.
وتزايدت مشاكل الإخصاب في المجتمع السوري؛ نتيجة تأخُّر سنّ الزواج لدى الكثير من الشباب؛ بسبب عدم الاستقرار وارتفاع كلفة الزواج والرّغبة لدى الكثير من الأزواج في تأخير الإنجاب، إضافة إلى الملوِّثات البيئية، بحسب رودي الخوري وهو أخصّائي في الجراحة النسائية والتوليد.
ويُشير الطبيب، إلى عدم وجود إحصائية دقيقة لنسبة العقم في سوريا، لكن المؤتمرات الطبيّة الأخيرة تحدّثت بأنها تتراوح ما بين 15 إلى 20 بالمئة من جميع الزيجات.
ويُرجع “الخوري”، سبب ارتفاع تكلفة الإخصاب المُساعد إلى أنّ عملية تحضير الأم تستلزم الكثير من الأدوية أثناء قطع الهرمون الداخلي وتزويدها بهرمون خارجي لتكون عملية الإخصاب تحت السيطرة.
كما أن المواد المُستخدمة في المجاهر للجنين من حفظٍ وتجميد وحواضن أيضاً مكلفة، وهذا الموضوع في المدّ المنظور ليس له أي حلّ بما أنها عملية مُعقّدة كلفتها مرتفعة وهي عائق في وجه الأنثى في الحصول على وليد، بحسب الأخصائي.
وفي حي السليمانية بحلب، تتحدّث آية بلال (35 عاماً)، عن مخاوفها من فقدان جنينها رغم أنها في الشهر السابع من حملها، وذلك بسبب تجاربها المتكرّرة في ذلك.
تقول “بلال”، إن هذه هي المرة الثالثة التي تخضع فيها لعملية الإخصاب المُساعد خلال السنوات التسعة الماضية من تاريخ زواجها، حيث فقدت أول مرة جنينها بعد شهرين من الحمل وآخر بعد مرور أربعة أشهر بسبب عدم تثبيت الحمل.
وتُشير، إلى أنّ هذه التجربة هي الأخيرة لها حتى لو فقدت جنينها مرة أخرى وذلك بسبب التكلفة المرتفعة للعملية والمراقبة الشهرية وإجراء الفحوصات المُستمرّة خلال أي تغيير يطرأ عليها.
وكلّفت “بلال” العملية الأخيرة حتى الآن ما يُقارب العشرين مليون ليرة، يتضمّن المبلغ إجراء العمليات للزوجين وثمن الأدوية، وخاصّة أن بعضها لم يتوفّر في البلاد حيث قام طبيبها بتأمينها من خارج البلاد حتى تمّت عملية التثبيت للجنين.
وتأمل “بلال” أن ينجح حملها هذه المرة، ” ففي حال لم ينجح سأُحرم من الأمومة طيلة حياتي”.
رافي حسن و سوزدار محمد _ نورث برس