ظهر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، صباح اليوم، السبت 9 من تموز، من جامع “عبدالله بن عباس” بمدينة حلب، وأدى صلاة عيد الأضحى إلى جانب عدد من الشخصيات الدينية وشخصيات من حكومته ومن حزب “البعث”.
اختيار رئيس النظام ظهوره في بعض الأماكن لم يكن عبثيًا، إذ كان ظهوره فيها يحمل دلالات وإشارات داخلية وخارجية، ترافقت مع ترويج الإعلام الرسمي والموالي لهذه الزيارات، بأن الأوضاع في سوريا مستقرة وتحت سيطرة النظام السوري، وأن النظام يتعافى.
وبالتزامن مع زيارته إلى حلب، زارت زوجته أسماء الأسد مدينة حلب القديمة، خلال مشاركتها في الجلسة الختامية من ورشة “تطوير استراتيجية أسواق الشارع المستقيم” بمدرسة “سيف الدولة الحمداني”، الجمعة 8 من تموز.
أسد يتغزل بالمدينة “المنكوبة”
وعقب تأدية صلاة العيد، قال الأسد في كلمة ومن حوله المصلين، إنه خلال السنوات الماضية انقطع عن زيارة حلب لكنه لم ينقطع عن التواصل مع أبنائها.
علاقة رئيس النظام مع المدينة مدتها أربعة عقود ونصف ونيف وتحديدًا في العام 1976، حسب قوله، عندما أرسله والده حافظ الأسد مع إخوته بعد انتهاء المرحلة الابتدائية لتكون الإجازة الأولى له كطفل خارج مدينة دمشق في مدينة حلب تحديدًا.
وأضاف أنه بنى علاقة محبة مع حلب وتطورت خلال مراحل الشباب، وكانت إجازاته السنوية كرئيس في الصيف على البحر وفي الشتاء في مدينة حلب.
وذكر أن حلب بتاريخها وعمارتها وإبداع أهلها ووطنيتهم، كانت هدفًا للحرب، وعلى اتجاه “تركيز الجهود الرئيسية لجيوش الأعداء النظامية وغير النظامية ومن العملاء” سواء كانوا من أبناء هذه المنطقة أو من أماكن أخرى.
وتعتبر مدينة حلب من أكثر المدن السورية التي تعرضت لانتهاكات وقصف النظام، الذي أحكم قبضته على مركز المدينة بعد سنوات من الحصار والدمار، مستخدمًا البراميل المتفجرة والأسلحة الثقيلة، إلى جانب مساندة الطيران الروسي والقوات والمليشيات الرديفة على الأرض.
ووثقت العديد من المنظمات والشبكات الحقوقية والإنسانية مسؤولية النظام السوري عن عشرات المجازر التي راح ضحيتها أبناء المدينة التي زارها اليوم، منها مجزرة حيي أرض الحمرا و طريق الباب، في مدينة حلب، في 22 من شباط 2013، حين أطلقت قوات النظام السوري صاروخين على الأقل من نوع “سكود”، استهدفت فيهما حيي أرض الحمرا وطريق الباب في مدينة حلب.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 77 مدنيًا في الهجوم الصاروخي، بينهم 39 طفلًا، وسبع سيدات، إحداهن حامل، بالإضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 200 شخص آخرين.
وأيضًا مجازر أحياء السكري والمرجة والحرابلة والحيدرية والبيّاضة والراشدين وكرم الطرّاب والميسّر وبعيدين وباب الحديد والصالحين والشيخ مقصود، واستهداف المنشآت الحيوية ومفاصل الحياة في حلب.
واستخدام القصف الجوي والقصف البري، وإطلاق الصواريخ بشكل متواصل، في هجمات متعمدة وعشوائية وغير متناسبة على المناطق التي يعيش فيها المدنيون، والتي خلّفت ضحايا بشكل يومي في حلب.
وكذلك عشرات المجازر التي حمّلت الشبكات الحقوقية مسؤولية النظام السوري تنفيذها في أرياف حلب كمجازر رسم النفل، كفر حمرة، المرزعة، عين الجماجمة، دير جمال، تلعرن، وأبو طلطل.
وانقسمت أحياء مدينة حلب ما بين سيطرة المعارضة والنظام خلال السنوات الأولى للثورة السورية، لتعاني الشرقية منها حصارًا وحملة عسكرية مكثفة من الطيران السوري والروسي، انتهت بدمار المباني وتهجير السكان، نهاية عام 2016.
وبحسب تقرير نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب عام 2019، شهدت محافظة حلب أكبر نسبة دمار في سوريا، بوجود 4773 مبنى مدمرًا كليًا، و14680 مدمرًا بشكل بالغ، و16269 مدمرًا بشكل جزئي، ليبلغ مجموع المباني المتضررة 35722.
على وقع العملية التركية
ظهور الأسد في مدينة حلب تزامن مع تصاعد الأحداث الميدانية في الريف، بالحديث عن عملية عسكرية تركية تستهدف “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد) المدعومة أمريكيًا، التي ترافقت مع تعزيزات عسكرية تركية وصفتها شبكات محلية بـ”الضخمة”، إضافة إلى تدريبات أجرتها فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من قبل تركيا، استعدادًا للعملية.
واستقدمت قوات النظام السوري تعزيزات عسكرية دعمًا لـ”قسد” ضد “الجيش الوطني” شمالي سوريا، وأفاد مراسل عنب بلدي في الحسكة، أن تعزيزات عسكرية أطلقتها “قسد”، الجمعة 8 من تموز، وصلت إلى خطوط التماس مع “الجيش الوطني” مكوّنة من عدة سيارات دفع رباعي مثبت عليها رشاشات ثقيلة ومتوسطة.
وبحسب المراسل، فإن التعزيزات انطلقت من مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا باتجاه بلدة تل تمر شمال الحسكة، التي تعتبر خط تماس مع “الجيش الوطني”.
وتأتي هذه التعزيزات عقب يوم من الحديث عن موافقة النظام السوري على إرسال “أسلحة نوعية وثقيلة” إلى خطوط التماس في ريفي الرقة وحلب شمالي سوريا دعمًا لـ”قسد”، ولردع عملية تركية متوقعة.
وتشهد خطوط التماس المشتركة بين مناطق سيطرة النظام السوري وروسيا و”قسد”، وما يقابلها من مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، توترات أمنية وعسكرية ارتفعت وتيرتها مؤخرًا، وأصبح الإعلان عن مقتل عناصر أو استهداف مواقع بشكل شبه يومي من كلا طرفي خطوط التماس، التي تشمل ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي رأس العين وتل أبيض، شمالي سوريا.
“إنجازات” قوات النظام حاضرة
ظهور رئيس النظام السوري في المسجد جاء بعد يوم من زيارته للمدينة لأول مرة منذ عام 2010، والتي زارها بهدف إطلاق عمل مجموعة التوليد الخامسة من محطة “حلب الحرارية” بعد إعادة تأهيلها، التي استمرت الأعمال بها لمدة أكثر من سنة ونصف.
وأشاد الأسد في حديثه بعمال المحطة الحرارية، في المشروع الذي وصفه “إنجازًا”، مقارنًا بين الخراب والتدمير الذي عمله “الإرهابيين” والقوات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وبين العمال الذين يقومون بالإعمار.
وأشاد الأسد بدور العمال وعملهم في “ظروف صعبة”، معتبرًا أن “الإرهابيين ليسوا بعيدين عن هذا المكان” (موقع المحطة)، مشيرًا إلى اعتبار “الطبقة العاملة” النسق الثاني بعد “القوات المسلحة”، “فالنسق الأول يقاتل ويحرر والنسق الثاني يبني ويعمر”، على حد قوله.
حديث الأسد عن قواته المسلحة و”إنجازاته” لم يقتصر على “المحطة الحرارية” إنما عززه الشيخ محمود عكام الذي ألقى خطبة العيد مؤكدًا على أن “التضحيات التي قدمها السوريون في سبيل وطنهم ودماء الشهداء أدت إلى انتصار حلب”، وشكر خطيب العيد قوات النظام والقوى الرديفة و”الصديقة” لما قدموه في سبيل “تحرير حلب من الإرهاب”.
المصدر: عنب بلدي