دخل قانون مكافحة “الجريمة الإلكترونية” في سوريا، حيز التنفيذ في 18 من أيار الماضي، ليستخدمه النظام السوري وعبر الترهيب به، كإحدى أدواته لكسب أموال السوق السوداء.
وتتجلى إحدى جوانب الترهيب بقانون “الجريمة الإلكترونية” في المادة “29” منه، المعنونة بـ”النيل من هيبة الدولة المالية”، وهي تمس الكثير من السوريين الذين يتداولون أسعار الصرف وفق السوق السوداء التي لا يسيطر عليها النظام.
وتفرض المادة 29 من القانون عقوبة السجن المؤقت من 4 إلى 15 سنة، مع غرامة تتراوح بين 5 ملايين و 10 ملايين ليرة سورية، لكل من أنشأ أو أدار موقعًا إلكترونيًا، أو صفحة إلكترونية، أو أنشأ محتوى رقميًا على الشبكة، بقصد “إحداث التدني، أو عدم الاستقرار، أو زعزعة الثقة في أوراق النقد الوطنية، أو أسعار صرفها المحددة في النشرات الرسمية”.
ونقل موقع عنب بلدي عن دكتور الاقتصاد السوري كرم شعار قوله، إن المادة 29 تتيح للنظام اعتبار كل من يتعامل بغير أسعار الصرف الرسمية، أو حتى ينشر عن قيمتها، مُسهّلا لوصول الناس إلى المعلومات المرتبطة بالسوق السوداء.
كما أن النظام، وفق شعار، يعتبر كل من يضر بوارداته وعائداته الاقتصادية من فروقات الأسعار، والتي يستطيع النظام من خلالها الحصول على جزء من الحوالة مرتكباً للجريمة الإلكترونية.
وبحسب الدكتور كرم شعار، فإن النظام يعتبر أنه من خلال تجريم الحديث والإعلان عن أسعار الصرف في السوق السوداء، قد يقلل من انتشارها ويخفف نشاطها، لكنه ومع ذلك لن يستطيع توقيف تعامل الناس بتحويل الأموال عبر السوق السوداء.
أسعار متعددة لسعر الصرف
ويلجأ النظام في محاولة منه للسيطرة على قيمة الليرة، والاستفادة من فروقات أسعار الصرف لعدة أساليب، كأن يخلق مثلًا أسعارًا متعددة لسعر الصرف، تختلف بحسب الفئة المستهدفة.
ووفقًا لهذه الأسعار، يجد المستوردون أنفسهم (باستثناء مستوردي السلع الأساسية) مضطرين لشراء الدولار من السوق السوداء وهو أربح بالنسبة لهم، بينما لمرسلي الحوالات عبر القنوات الرسمية سعر آخر، وللحوالات التي تأتي من المنظمات الدولية والأمم المتحدة سعر يختلف عن كل الأسعار، وبهذا الشكل يدير النظام سياسة أسعار الصرف وفقًا لمصالحه، بحسب شعار.
وتوجد في سوريا بحسب النشرات الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، أربعة أسعار يعلن عنها بشكل يومي، بالإضافة إلى سعر إضافي غير رسمي هو سعر السوق السوداء.
السعر الرسمي
يبلغ سعر صرف الدولار الرسمي أمام الليرة السورية 2500 ليرة، وذلك بعد مضاعفته بدلًا من 1262 ليرة، مطلع كانون الثاني الماضي، وعقب ثبات في سعره الرسمي منذ حزيران 2020.
نشرة المصارف
هي النشرة التي تُعتمد في المصارف العاملة بمناطق سيطرة النظام. وفي 13 من نيسان الماضي، رفع مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية إلى 2814 ليرة بدلًا من 2512 ليرة.
نشرة دفع البدل
في أواخر كانون الأول 2020، ضاعف المصرف المركزي نشرة دفع البدل الخاصة بتسديد بدل الخدمة الإلزامية في سوريا، وحدده بـ2550 ليرة للدولار الواحد.
ويشير القرار إلى أن فئتين محددتين بإمكانهما تسديد “البدل النقدي” عن الخدمة الإلزامية من داخل سوريا بالليرة السورية، على أن يحسب سعر الدولار وفقًا لنشرة “البدلات”.
سعر الحوالات
بات سعر صرف الدولار لتسليم الحوالات بالليرة السورية، 2800 ليرة بدلًا من 2500 ليرة، بعدما رفعه مصرف سوريا المركزي في 13 من نيسان الماضي.
ويطبق سعر صرف الحوالات على حوالات المنظمات الدولية غير الحكومية، وحوالات منظمات الأمم المتحدة، والحوالات الواردة عبر شركة “ويسترن يونيون” العالمية.
السوق السوداء
ظهرت السوق السوداء لليرة السورية منذ عام 1981، وكان يسيطر عليها في الغالب مسؤولون ورجال أعمال للنظام السوري حينها، بحسب دراسة للباحث في الاقتصاد السياسي جوزيف ضاهر، صدرت عام 2020.