يبدو أن حالة التعثر التي تواجهها المساعي الروسية في سبيل التماهي مع المطالب الإقليمية والدولية المتعلقة بإيران ونفوذها في سوريا، قد دفعتها إلى انتهاج مسار جديد، لا سيما وأن كل خطواتها السابقة في هذا الإطار لم تنجح في إقناع أي طرف، في ظل ما يجري في الجنوب السوري من تغلغل لمليشيات إيران.
فبعد الخطوة غير المسبوقة التي أقدمت عليها روسيا في مرفأ اللاذقية، قبل أيام، عندما تم الحديث عن فرض دوريات روسية سيطرتها بشكل كامل على المرفأ بعد الغارات الإسرائيلية التي استهدفته، أبلغت مصادر “المدن” عن تحرك روسي مشابه بدأ يُسجل في مطار دمشق الدولي، من دون أن تكشف عن طبيعة وتوقيت التحرك الروسي، واكتفت بالتأكيد على أن “روسيا عازمة على وضع يدها على كل المنافذ البحرية والجوية السورية”.
وحسب المصادر، زادت روسيا من حجم الاهتمام بمطار دمشق الذي تخضع أجزاء منه إلى السيطرة الإيرانية، وتحديداً بعد تعاظم النفوذ الإيراني فيه، وقيام ميليشيات إيرانية بالتحضير لعمليات إعادة ترميم أحد مدارجه، الذي كان قد خرج عن الخدمة إثر هجوم إسرائيلي في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2021.
وقبل مدة وجيزة، كشفت شبكات محلية عن انتهاء الميليشيات المدعومة من إيران من التحضيرات للبدء بترميم مدرج للطيران في مطار دمشق الدولي، وأكد موقع “صوت العاصمة” أن استئناف عملية إعادة تأهيل المدرج الذي خرج عن الخدمة من جراء استهدافه بغارات إسرائيلية سابقاً، قد بدأت.
وتسيطر إيران على مستودعات ضخمة داخل مطار دمشق الدولي، تستخدمها لإمداد الميلشيات المدعومة منها بالسلاح، وكذلك توليه أهمية بالغة، بحيث يؤمن المطار عمليات انتقال قاداتها وعناصر الميليشيات المدعومة منها من وإلى سوريا.
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أحمد حمادة أن المساعي الروسي الهادفة إلى تحجيم دور إيران في سوريا، محكوم عليها بالفشل، نظراً لقوة إيران وحجم نفوذها في كل المفاصل السورية.
ويضيف لـ”المدن”، أن إيران لن تتنازل بسهولة عن وجودها في الموانئ والمطارات، لأنها الشريان الذي تغذي من خلاله مشروعها في المنطقة.
والأهم من ذلك، أن روسيا لا زالت غير جادة في الحد من نفوذ إيران في سوريا، لأنها تستفيد من الورقة الإيرانية في التفاوض حول الملف السوري، والحديث لحمادة الذي يضيف أن “روسيا تحاول إيهام العالم بأنها تقلص النفوذ الإيراني في سوريا، لكن في الحقيقة هناك تحالف واضح بين موسكو وطهران، وهذا ما لمسناه في البوكمال وتدمر، حيث تبدو القوات الروسية والإيرانية المنتشرة في تلك المناطق في توافق تام”.
ويشير حمادة في هذا الجانب، إلى التصريحات الصادرة عن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال زيارته قبل أيام لموسكو، والتي أشاد فيها بالتعاون الروسي الإيراني في سوريا.
لكن الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة يشير في حديث ل”المدن”، إلى ما يبدو فشلاً في مهمة رئيسي بموسكو، ويقول: “من الواضح أن زيارة رئيسي لم تكلل بالنجاح ولا سيما في الملف السوري، حيث الاختلاف بينهما في طريقة التعاطي مع النظام وألية التعامل معه”.
ويقول خليفة: “إن صحت الأنباء عن توجه روسي نحو مطار دمشق، تكون موسكو قد سيطرت على أهم منفذ سوري، بعد نجاحها في السيطرة على مرفأي طرطوس، واللاذقية”.
ويضيف أن أهمية مطار دمشق، تكمن من كونه الوحيد في العاصمة السورية، ولأنه دائرة أمنية لا تقل أهمية عن أي فرع أمني آخر، حيث تصب كل معلومات السوريين الأمنية عند أمنه.
مصطفى محمد _المدن