في 16 كانون الثاني/ يناير 2022، افتتحت قوات سورية الديمقراطية بالتنسيق مع النظام السوري معبراً غير رسمي جديداً في محافظة دير الزور يربط مناطق سيطرة الطرفين، وذلك بين بلدة “الباغوز” ومدينة “البوكمال” عَبْر جسر عائم على نهر الفرات.
لم يُعلن الطرفان عن افتتاح المعبر الذي سيُستخدم لعمليات التبادل التجاري. وتديره “قسد” من مناطق سيطرتها عَبْر نقطتين جمركيتين.
بالمقابل، تديره قوات النظام السوري من مناطق سيطرتها عَبْر نقطتَيْ جمارك أيضاً تتبعان الفرقة التاسعة التي تهيمن إيران على قرارها.
وتنتشر على طول نهر الفرات الفاصل بين مناطق سيطرة الطرفين في دير الزور أكثر من عشر نقاط تهريب يديرها قياديّون في “قسد” وحزب العمال الكردستاني، إضافة إلى قادة أمنيين وعسكريين من قوات النظام والميليشيات التابعة لإيران.
تُستخدم هذه النقاط لتهريب المواد بين الطرفين وخاصةً مادتَي المحروقات والطحين من مناطق سيطرة قسد إلى مناطق سيطرة النظام للاستفادة من فرق السعر الكبير.
ونقاط التهريب تلك تُشكّل ممرات آمنة لعناصر الخلايا الأمنية التابعة للنظام السوري والميليشيات التابعة لإيران، والتي تنشط في ريفَيْ “دير الزور” و”الحسكة” بشكل رئيسي، وبالرغم من تنفيذ “قسد” باستمرار بدعم جويّ من التحالف الدولي لعمليات أمنية تستهدف تلك النقاط والعاملين فيها إلّا أنها لم تنجح إلى الآن بإيقاف عملها أو تفكيك الشبكات التي تديرها.
في الواقع، يمكن تلخيص العوامل والأسباب التي دفعت “قسد” للمضي قدماً بخطوة افتتاح “الباغوز – البوكمال” فيما يلي:
• فشل “قسد” في إيقاف عمليات التهريب الجارية بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة النظام عَبْر نقاط التهريب، مما يستدعي ضرورة الحدّ من التهريب عَبْر تقنينه ومراقبته ومحاولة حصره في معابر شِبه رسميّة تديرها بالتنسيق بشكل مباشر مع قوات النظام.
• توفير “قسد” لبديل عن معبرَيْ “سيمالكا” و”الوليد” الحدوديّيْنِ مع إقليم كردستان العراق، واللذان تم إغلاقهما منذ أكثر من شهر، وتعتمد عليهما بإمداد مناطق سيطرتها بنسبة كبيرة من احتياجاتها من المواد الغذائيّة والطبيّة وموادّ البناء، خاصةً أنّ المعبر الجديد لا يبعد سوى 8 كم تقريباً عن معبر “البوكمال” الحدودي بين سورية والعراق.
ومع ذلك، من المتوقّع أن تواجه “قسد” عدداً من التحدِّيَات والمخاطر مقارنةً مع حجم المكاسب المحتملة، مثلما هو موضَّح أدناه:
• مواجهة “قسد” والتحالف الدولي لمزيد من التحدِّيَات الأمنية؛ إذ من الممكن أن تقوم الخلايا الأمنية التابعة للنظام والميليشيات التابعة لإيران باستخدام المعبر كنقطة وصول إضافية إلى مناطق سيطرة “قسد”، علماً أنّ افتتاح المعبر الجديد لا يعني بالضرورة توقُّف عمليات التهريب الأخرى الجارية عَبْر نقاط التهريب المنتشرة على طول نهر الفرات.
• توفير مورد مالي جديد لقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، بما قد يُساعدهما في دعم وتعزيز أنشطتهما العسكرية والأمنية في مناطق حوض الفرات بما فيها مناطق “قسد”.
• ليس بالضرورة أن يُساهم المعبر في الحدّ من سُوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ضِمن مناطق سيطرة “قسد”، والتي غالباً ما كانت تتسبّب بها أزمات فقدان المحروقات والطحين، هذا في حال عدم السماح لمرور هذه الموادّ من المعبر.
المصدر: مركز جسور للدراسات