أكد القاضي الشرعي الأول في دمشق، مازن القطيفاني، ارتفاع معدلات الزواج العرفي مؤخراً في سوريا، مشيراً إلى وجود عشرات الدعاوى اليومية التي تشهدها المحاكم بهدف تثبيت الزواج والنسب. وقال، إن الزواج العرفي صحيح شرعاً، إلا أنه غير ضامن لحقوق المرأة والأطفال، لافتاً إلى إحجام بعض رجال الدين عن توثيق عقود الزواج.
وتعزو مديرة الوحدة المجتمعية في مركز “الحوار السوري” الباحثة كندة حواصلي، زيادة معدلات الزواج العرفي في سوريا إلى جملة أسباب، في مقدمتها الاستغلال الواضح لحاجة النساء إلى معيل، وخصوصاً في ظل الأوضاع التي أفرزتها الحرب في سوريا. وتضيف حواصلي لـ”القدس العربي”، أن الزواج العرفي لا يلزم الزوج في الغالب بالنفقات والمسؤوليات، ولذلك يتجه الرجال إلى هذا النوع من الزواج، وخصوصاً أن فرص التهرب من حقوق الزوجة (المهر) كبيرة جداً، وخصوصاً عند الشرائح غير الملتزمة دينياً.
وتشير الباحثة إلى وجود عدد كبير من النساء في سوريا، مقارنة بعدد الشباب المحدود نتيجة الهجرة وغيرها من الأسباب، وتردف “أصبحت فرص الزواج قليلة جداً، وهذا ما يدفع بالمرأة إلى القبول بالزواج العرفي، والقبول برجل متزوج امرأة أو أكثر”. وما يفسر كثرة دعاوى تثبيت الزواج في المحاكم بمناطق سيطرة النظام، حسب حواصلي، هو اضطرار نسبة كبيرة من السوريين خارج سوريا وفي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام إلى الزواج (كتاب الشيخ) بدون تثبيت العقد في المحاكم، وهو ما يعتبر زواجاً عرفياً عند محاولة تثبيت الزواج في المحاكم لاحقاً.
أما عضو “هيئة القانونيين السوريين” المحامي عبد الناصر حوشان، فيرجع في حديثه لـ”القدس العربي” ارتفاع معدلات “الزواج العرفي” إلى عزوف الشباب عن الزواج الرسمي للتهرب من الالتزامات القانونية و الشرعية، مشيراً إلى قلة عدد الرجال بسبب الهجرة أو الحرب مع زيادة في عدد النساء بأضعاف مضاعفة. ويشير حوشان إلى انتشار ظاهرة “المساكنة”، مضيفاً أن “الزواج العرفي هنا يأتي كغطاء “شرعي” للمساكنة” ملمحاً كذلك إلى أن “الزواج العرفي” بات يُعتبر أسلوباً من أساليب التغطية على ممارسات غير أخلاقية التي تنتشر بشكل واسع في مناطق النظام، بسبب الفقر والانحلال الأخلاقي.
وبموجب القانون “رقم 24” لعام 2018، يُعاقب في سوريا بالغرامة المالية من عشرة آلاف إلى 20 ألف ليرة سورية، كل من يعقد زواجاً خارج المحكمة المختصة، قبل إتمام المعاملات المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية، وتفرض تلك العقوبات بسبب “كتاب الشيخ” على المتعاقدين المذكورة أسماؤهم وعلى ممثليهم وشاهدي العقد اللذين حضرا الزواج بصفتهما شهوداً.
ولا يُعتمد “كتاب الشيخ” كعقد زواج قانوني، إذ لا تحصل المرأة بموجبه على حقوقه من مهر الزواج، ولا يعتبر وثيقة رسمية تسمح بتسجيل الأولاد ضمن العائلة، يتحولون بذلك إلى مكتومي قيد نظراً لعدم وجودهم في السجلات الرسمية.
وحسب القاضي مازن القطيفاني، فإن إجراءات تأكيد وإثبات الزواج داخل المحاكم السورية، تكون إدارياً من خلال دعوى إثبات الزواج والنسب الناتج عن عقد زواج عرفي، أو عبر القضاء بتقديم دعوى إثبات الزواج والنسب، في حالة عدم اتفاق الطرفين، أو غياب أحدهما بسبب السفر.
وأضاف أن حالات تأكيد الزواج في المحاكم لوحظت كثيراً خلال فترة الحرب في سوريا، والتي رافقها العديد من زيجات السوريين خارج البلاد، في دول مثل تركيا وألمانيا والسويد وهولندا، عبر إرسال وكالات للعائلات يتم من خلالها تقديم قضايا الزواج والنسب.
وائل عصام _ القدس العربي