ما إن أعلن النظام السوري عن عودة مرفأ اللاذقية للعمل بعد انتهاء عمليات الصيانة عقب القصف الجوي الإسرائيلي على ساحة الحاويات في 28 كانون الأول/ديسمبر 2021، حتى بدأت تتكشف تفاصيل خفية سجلها المرفأ بعد القصف مباشرة.
وكشفت مصادر خاصة لـ”المدن”، أنه بينما كانت ألسنة النيران مشتعلة، كانت ساحة الحاويات تُسجل عمليات نهب واسعة، من قبل عناصر الفرقة الرابعة المكلفة بحماية المرفأ، لينطبق على الفرقة المثل الشعبي “حاميها حراميها”، وفق تعبير المصادر.
وأضافت المصادر الموجودة في اللاذقية، أن القصف الذي استهدف عدداً من الحاويات، لم يخلف أضراراً بالغة في رصيف ورافعات المرفأ، ليقوم عناصر الفرقة التي يقودها العميد ماهر شقيق رئيس النظام بشار الأسد، بتفريغ عدد كبير من الحاويات، ونقلها إلى مخازن في ريف اللاذقية.
وأشارت المصادر باستغراب إلى تأخر إعلان حكومة النظام عن عودة المرفأ للعمل، رغم أن الأضرار لم تطاول البنية التحتية للمرفأ، ما يدفعها للقول إن “التأخير كان متعمداً للتغطية على عمليات النهب الواسعة، علماً بأن المرفأ عاد للعمل بعد الضربات بيوم واحد”.
وكان مدير محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية جورج مقعبري قد أعلن الأحد، عن عودة العمل في المرفأ منذ الخميس، أي بعد مضي 10 أيام على القصف، مؤكداً أن عدد الحاويات المتضررة بلغ 416 حاوية تتراوح أضرارها بين كبيرة ومتوسطة، وتحتوي في معظمها على مواد غذائية كالأرز، وخميرة الخبز وحليب أطفال وزيوت ومحركات ودراجات هوائية.
لكن المصادر، شككت بالعدد الذي تحدث عنه مقعبري، قائلة إن “عدد الحاويات المتضررة من الضربات الصاروخية، أصغر من هذا الرقم بكثير (…) للمناسبة لم يتجرأ أي تاجر متضرر على السؤال بسبب معرفة التجار بالجهة التي قامت بعمليات النهب”.
وتدل المصادر على دقة معلوماتها بالإشارة إلى صور الأقمار الصناعية التي نشرتها وسائل إعلام أميركية، وتقول: “في الصور لم يظهر هذا الحجم من الدمار الذي لحق بالمرفأ، ومن الواضح أن عدد الحاويات المتضررة لم يصل إلى الرقم الذي تحدث عنه النظام (416 حاوية)، وكذلك من الواضح أن الدخان المتصاعد كان ناجماً عن احتراق مواد مجهولة كانت ضمن حمولة الحاويات المُستهدفة”.
من جانبه، يؤكد المحامي عروة سوسي من اللاذقية، أن الفرقة الرابعة هي الجهة المخولة بحراسة المرفأ، إلى جانب فرع “أمن الدولة”، ويقول: “الفرقة خارج إطار المحاسبة، وتفعل كما تشاء بالمرفأ وبحركة الحاويات”.
ويضيف لـ”المدن”، أن الفرقة الرابعة باعتبارها المسيطرة على المرفأ، هي الجهة الوحيدة التي تمتلك صلاحيات إدخال البضائع إلى المرفأ، وهذا ما يُفسر تحول المرفأ إلى محطة لتصدير المواد الممنوعة والمخدرات، وهذا ما أدى إلى تشويه سمعته على المستوى الدولي.
والأهم من كل ذلك، وفق سوسي، أن الضربات الأخيرة لم تسفر عن خسائر بشرية، وهو ما يثير شكوكاً حول معرفة الجهات الموجودة بالضربات بشكل مسبق.
وتعرضت ساحة الحاويات في الميناء التجاري بالمرفأ فجر الثلاثاء 28 كانون الأول/ديسمبر 2021/ لعدوان إسرائيلي من عمق البحر المتوسط، وفق مصادر النظام، ليكون الهجوم الثاني من نوعه في غضون شهر واحد، إذ شهد المرفأ ذاته في 7 كانون الأول/ ديسمبر، قصفاً صاروخياً خلف أضراراً دون وقوع خسائر بشرية.
مصطفى محمد _ المدن