كشفت مواقع موالية للنظام السوري، قيام مصرف سوريا المركزي، بدراسة مشروع قرار يسمح للبنوك ببيع العملات الأجنبية للعملاء، بهدف زيادة معروض الدولار، في الوقت الذي لم يعلق فيه المركزي رسمياً على صحة هذه الأنباء.
وذكرت صفحة “Economics Tips” أن المركزي يدرس قرار السماح للبنوك ببيع الدولار بسعر 3 آلاف سورية، لخفض سعر الدولار الذي يتجاوز حالياً 3500 ليرة في السوق السوداء، إلى ما دون 3 آلاف ليرة سورية.
وفي محاولة لخفض التضخم الذي يطوقه، يضطر النظام إلى تخفيف القيود على التعامل بالدولار، في تعارض واضح مع المرسوم رقم 3 الذي يجرّم التعامل بغير الليرة السورية، في الأسواق السورية، وهو ما يؤشر إلى تبني المركزي سياسة مصرفية جديدة تحت الضغوط كبيرة، الذي فرضها استفحال الغلاء.
ورغم بيع النظام منذ نيسان/أبريل 2020، الدولار لشريحة التجار بسعر مخفض لتمويل المستوردات بسعر 3375 ليرة سورية للدولار الواحد، تواصل الأسعار مسيرة الارتفاع، ما يعني أن الخطوة الجديدة في حال الموافقة عليها ليست مضمونة النتائج، والواضح أن هدف النظام منها ليس تحسين سعر صرف الليرة، بل المحافظة على السعر الحالي الذي بدأ يتجه نحو الانخفاض في الأسواق.
لكن وزير الاقتصاد والمالية في الحكومة المؤقتة عبد الحكيم المصري يستبعد أن يوافق النظام على بيع الدولار بسعر 3 آلاف ليرة سورية، وذلك لعدم قدرته على تعويض مخزونه المتواضع من الدولار، بسبب ضعف الناتج المحلي، وعجز الموازنة، وشح الصادرات.
ويضيف لـ”المدن” أن النظام “قد يلجأ إلى التلاعب بحديثه عن اعتزامه بيع الدولار بسعر مخفض، وذلك لتحسين سعر صرف الليرة بالحيلة، وهي السياسة التي قد تؤتي ثمارها لوقت محدود وقصير جداً، يحدده اكتشاف هذه الحيلة”.
وبهذا المعنى، قد يبدأ النظام فعلاً ببيع الدولار بسعر مخفض لكن لشريحة معينة وبكمية محدودة، وغالباً لطبقة التجار التابعة له، وفق المصري، الذي يرى أن هذه “الحيلة” لن تخدم سوى طبقة التجار، الذين يأخذون الدولار بسعر مخفض لتمويل المستوردات، ومن ثم يقومون ببيع السلع لكن بعد حساب قيمتها على سعر الدولار في السوق السوداء (3500 للدولار).
ويتفق مع المصري، نائب نقيب الاقتصاديين في الشمال السوري خيرو العبود الذي يؤكد أن النظام سيكون أمام تحدٍ كبير في حال سمح ببيع الدولار حتى بسعر السوق السوداء، لأن من شأن ذلك زيادة الطلب على الدولار، “فكيف إذا كان البيع بسعر أقل من سعر السوق السوداء؟”.
وفي حديثه لـ”المدن”، يرى العبود أنه من المستحيل أن يقدم النظام على مثل هذه الخطوة، لأنها ستؤدي إلى انفجار مالي في مناطق سيطرته.
والأرجح، وفق العبود، أن ما يتم الحديث عنه لا يخرج عن إطار المضاربات والشائعات التي يبثها النظام من وقت لأخر، في سبيل المحافظة على سعر الليرة، ومنعها من الوصول إلى الانهيار الكامل، مستدركاً: “لكن يمكن وضع كل ما سبق في إطار السياسة المعتادة للنظام الهادفة إلى التحكم بالسيولة السورية، وخصوصاً بعد رفع أسعار المواد والسلع الأساسية والكهرباء والاتصالات”.
في المقابل، لا تستبعد مصادر “المدن” أن يكون النظام بصدد التحضير فعلاً لطرح الدولار في الأسواق السورية بسعر مخفض، بعد حصوله على الدعم المادي من أطراف إقليمية، وذلك في إشارة إلى الانفتاح الإماراتي الدبلوماسي والاقتصادي على النظام السوري، والاتفاقيات التي وقعتها الإمارات والنظام.
وكان آخر هذه الاتفاقيات، الاتفاقية التي جرى توقيعها، الأربعاء، في الجناح السوري من معرض “إكسبو 2020 دبي” بين رئيس مجلس الأعمال السوري الإماراتي، محمد غزوان المصري، ورئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أم القيوين، خلفان أحمد مسفر، التي تنص على تطوير التعاون بين الجانبين، في مختلف الجوانب التجارية والصناعية والزراعية والعمرانية.
مصطفى محمد _ المدن