يتنافس ستة طلاب لاجئين في هولندا – بينهم أربعة سوريين – على جائزة “التميز” في مؤسسة “UAF” الهولندية لعام 2021.
وجائزة “التميز” في “UAF” هي جائزة سنوية أنشأتها المؤسسة التي تساعد الطلاب ذوي الخلفية اللاجئة ممن هم فوق سن الثلاثين في التعليم أو إيجاد فرص تدريب أو عمل في هولندا.
اندماج عبر الفن
السورية ديانا بشور (30 عاماً) درست في سوريا تصميم الغرافيك ثم سافرت إلى أوغندا ودرست فيها الفن الإسلامي وفي عام 2017 فرت إلى هولندا وبعد أربع سنوات فقط من وصولها إلى هولندا تخرجت من مدرسة أمستردام للفنون.
تستخدم ديانا التعليم الفني كوسيلة لمساعدة الوافدين الجدد على الاندماج في هولندا، وتقول ديانا بحسب موقع مؤسسة “UAF”: “الاندماج في هولندا يعني: تعلم اللغة، الدراسة، العمل”، وتضيف “لكن هل يكفي الاستماع والقيام بالتمارين؟ أنا لا أعتقد ذلك.. يضيف تعليم الفن والفن بُعداً لذلك”.
وفي متحف “Catharijneconvent”، قدمت ديانا ورش عمل فنية للنساء اللاجئات، وكان هذا جزءاً من مشروع تخرجها مع إحدى زميلاتها، وتقول ديانا: “يمكن للمشاركين الاختيار من بين الفنون البصرية والتصوير والمسرح” مضيفة أن “النساء من دول الشرق الأوسط لم يعتدن على إظهار أنفسهن”.
وأشارت إلى أن “ورش العمل الفنية تشجع على الجرأة، والشيء الجميل أن المشاركين سيقدمون الآن ورش العمل بأنفسهم للمقيمين في مراكز طالبي اللجوء ولزوار المتاحف وينقلون معرفتهم مرة أخرى”.
وتعمل ديانا مع فريق الاندماج في بلدية أوترخت حيث تشارك في عمليات الاندماج ولديها نشاطها الخاص في مجال التعليم الفني، الفن والتكامل هما القاسم المشترك في عملها.
من صيدلانية إلى معلمة
السورية نورهان الشيخ حيدر (48 عاماً) كانت تعمل كصيدلانية في سوريا بعد أن أنهت دراسة الصيدلة ثم حاولت أن تكمل الماستر لكنها لم تستطع إكمال السنة الثالثة بسبب الحرب، ولكي تعمل بمجال دراستها وخبرتها كان عليها أن تعاود الدراسة في الجامعة لكنها لم ترد ذلك.
تطوعت نورهان ثلاثة أيام في الأسبوع في مدرسة ثانوية حيث كانت مترجمة ومدرسة مساعدة في المدرسة ودعمت الطلبة اللاجئين في تعلم اللغة، وتقول نورهان: “عجلت هذه الأنشطة بتطوير لغتي الخاصة، وعلاوة على ذلك، اكتشفت أنني أستمتع بالتدريس”.
ثم التحقت بتدريب مدته عام واحد في جامعة “Windesheim” للعلوم التطبيقية وأنهته، ومنذ أيلول الفائت بدأت نورهان بتدريس مادة الكيمياء لطلاب الصف الثالث في مرحلتي مرحلة التحضير لمرحلة التعليم الثانوي العام “HAVO” ومرحلة التعليم العلمي التحضيري “VWO” في كلية “Dr. Nassau” في مدينة أسن.
تعلم مهنة جديدة ممكن حتى بعد الخمسين
أما السورية الثالثة فهي خديجة منان وهي مهندسة ميكانيك وعملت بعد تخرجها في مطار حلب وبسبب الحرب في سوريا هرب زوجها في عام 2015 إلى هولندا وفي عام 2016 لحقت خديجة به مع أطفالها الثلاثة.
في هولندا سمعت خديجة (50 عاماً) عن مسار التعلم والعمل “WOOW” الذي تنظمه “UAF” ومدرسة “Zuyd Hogeschool”، وكان التدريب لعام واحد للقادمين الجدد المتعلمين تعليماً عالياً والذين يرغبون في العمل في “تقنية البناء والتركيب”.
وتقول خديجة: “كانت لدي خبرة عملية، لكن العثور على عمل في هولندا كان صعباً، لقد استمر التدريب لمدة عام، وكانت فرصة رائعة بالنسبة لي”.
وأكملت خديجة الآن مسار “WOOW” وتقول “لقد تعلمت برنامجين للرسم، “Revit” و”Autocad”، وتعلمت كثيرا حول جعل هولندا أكثر استدامة، وعملت أيضاً على تحسين لغتي ورأيت شركة (SPIE) من الداخل”.
وتم تمديد تدريبها لكي تحصل على الخبرة اللازمة في شركة “SPIE”، وفي حال سارت الأمور على ما يرام فستحصل على عقد عمل، وتعمل خديجة في قسم الهندسة وتقوم بعمل رسومات لتركيبات التدفئة، إضافة إلى أمور أخرى.
وتقول خديجة: “أريد الاستمرار في المسار الذي سلكته فأنا أحب الرسم، إنه عمل جميل وهادئ يناسب وضعي وعمري”.
شقيق وزير بالنظام
أما السوري الرابع فهو غزوان ياغي (50 عاماً) وعمل في سوريا كباحث لأكثر من عشرين عاماً، كما تولى عدة مناصب إدارية في مؤسسات الدولة كالمديرية العامة للآثار والمتاحف إضافة إلى عمله كمحاضر في جامعة دمشق.
ودرس ياغي التاريخ والهندسة المعمارية وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة وهو متخصص في العمارة والفن المملوكية.
وفي عام 2014 فر من الحرب في سوريا وأخذ رؤيته العلمية وسنوات خبرته في العمل وشغفه بالمهنة معه إلى هولندا ويقول غزوان إن “الأبنية تتكلم. تساعدك المباني على تكوين صورة كاملة للتاريخ. لدينا كتب بالطبع، لكن ليست كل القصص التي تقرأها صحيحة، أما المباني فلا تكذب أبداً فهي تعكس القصة الحقيقية للناس”.
بفضل مساعدة “UAF” تمكن غزوان من مواصلة عمله في هولندا وشارك في عام 2018 في برنامج “Hestia”، وهو مبادرة من “UAF” والمنظمة الهولندية للبحث العلمي “NWO” ويمنح المشروع الباحثين اللاجئين الفرصة للمشاركة في المشاريع البحثية القائمة، وبعد عام حصل على منحة من جامعة ليدن حيث عمل كباحث أول.
يعمل غزوان حالياً كباحث في NIAS (للمعهد الهولندي للدراسات المتقدمة في العلوم الإنسانية والاجتماعية في أمستردام)، إضافة إلى أنه يكتب المقالات والكتب.
بالإضافة إلى عمله، يلتزم غزوان بمشاركة معرفته حول سوريا والعمارة السورية مع المجتمع الهولندي، وقد قدم أكثر من عشرين عرضاً تقديمياً في السنوات الأخيرة في أوتريخت ولايدن وهوتين، كما أنه أسس منظمة “دار الثقافة العربية الهولندية”.
وغزوان هو شقيق كنان ياغي وزير المالية في حكومة الأسد بحسب ما أظهرت صورة لنعوة نشرها على حسابه على فيس بوك ووفقاً لما ذكره بعض الناشطين.
ويتهم الناشطون ياغي بتأييد النظام وأظهر حسابه على (فيس بوك) مشاركته فيديو من صفحة المطران لوقا الخوري يقول بأنه لا يوجد دليل على استخدام نظام الأسد للسلاح الكيمياوي في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، وعلق ياغي على الفيديو باللغة الإنكليزية “بث مباشر.. من القناة الأميركية حول قصة استخدام السلاح الكيماوي في مدينة دوما السورية والنتيجة ما من دليل حتى الآن ؟؟”.
لفت انتباه إلى إنجازات اللاجئين
وتحاول “UAF” من خلال الانتخابات لفت الانتباه إلى إمكانات ومثابرة الطلاب والمهنيين اللاجئين الذين يعملون على بناء مستقبلهم في هولندا.
ويواجه الطلاب اللاجئون وضعاً صعباً في بداية حياتهم في هولندا وعليهم التغلب على جميع أنواع العقبات كحاجز اللغة وشهادات غير معترف بها أو يتم معادلتها بأقل من تقديرها الحقيقي إضافة إلى عدم معرفتهم بنظام التعليم، كما أن هناك صعوبات تواجه اللاجئين في سوق العمل يجعل من الصعب الحصول على التدريب أو الوظائف التي تناسب مواهبهم.
وتقول مديرة المنظمة مردجان سيغالي إن “الأمر يتطلب كثيرا من الشجاعة والمثابرة للفرار من بلدك والبدء من جديد في بيئة غير مألوفة”، مضيفة “أنا أعرف ذلك من الخبرة بمجرد العثور على الأمان سترغب في إظهار ما يمكنك فعله، لكن لا يحظى الجميع بفرصة المشاركة وتطوير مواهبهم، نحن نحاول تغيير ذلك مع أرباب العمل والمؤسسات التعليمية”، مشيرة إلى أن “المرشحين لجائزة UAF هم دليل حي على أن يمكنهم كثيرا إذا حصلت على مثل هذه الفرصة”.
وبحسب تقرير صادر عن وكالة الإحصاء الهولندية (سي بي إس)، في أيلول الفائت، فإن عدد اللاجئين السوريين في هولندا وصل إلى ما يقارب 100 ألف شخص، وأن أكثر من ثلثهم حصلوا على الجنسية حالياً.
المصدر: تلفزيون سوريا