أسماء رزوق _ سيريا برس
مرعب جداً استرجاع الذاكرة ورهاب المستقبل، بعد سيطرة طالبان على كابل، الحركة الإسلامية المتطرفة، المرتبطة بشبح التنظيمات الإرهابية، الشبح الذي لا يمت للخيال بصلة، فـ للواقع دهشة تفوق الخيال، وما يحمله طالبان لحياة النساء هو فكر متجذر في تركيبة الحركة، و منهجية أصولية لازمة في سياسة السلوك، فلا يوجد ضوء في نهاية النفق الطالباني، على وجه الخصوص بحياة المرأة الأفغانية.
بعد أن أصبحت أفغانستان بيد حركة طالبان، خلت الجامعات والمدارس من الطلبة، حالة من الرعب والرهاب استوطنت قلوب الناس وعلى وجه الخصوص النساء، فذاكرة 1996 راسخة، واختبار الحكم الطالباني يؤكد أن المنهجية متأصلة لا متفاوتة.
تخشى النساء والفتيات في أفغانستان بعد استلام حركة طالبان من التحول من عديد الحقوق والحريات، إلى زنزانة البرقع والمنزل، ومن الطبيعي أن يتوقعن خسارة كافة حقوقهن المحصلة بعد عقدين من الزمن، وبعد تجربة إنقلابية بفترة الحكم الطالباني في التسعينات.
عندما حكمت طالبان البلاد بين 1996 و 2001، فرضت منهجيتها الفكرية الإسلامية المتطرفة في عموم البلاد، وكان للنساء النصيب الأكبر، فالمرأة هي صورة المتطرف في تطبيقه الشريعة، منعت المرأة من الخروج من منزلها دون محرم، منع التعليم، والعمل، وطبقت حدود الرجم والجلد، فرض البرقع وهو التجارة المزدهرة في فترة الحكم الطالباني، ذلك اللباس القسري والذي يغطي المرأة من رأسها حتى أخمص قدميها، في سجن ثالث خارج المنزل وبعيداً عن الحياة.
لا توقعات جيدة حول الحركة الطالبانية
وقد قالت الصحفية روث بولارد، المتخصصة في تغطية الصراعات بالشرق الأوسط، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إنه مع دخول طالبان العاصمة الأفغانية كابول (الأحد 15 أغسطس / آب 2021)، جمع المحاضرون في الجامعات طالباتهم في طقوس أشبه بالوداع النهائي.
وقال المحاضرون للشابات المصدومات “قد لا نلتقي مرة أخرى”. وقد تم إجلاء جميع المحاضرين، كما أُغلقت الجامعات إلى جانب المدارس والمكاتب والمحلات التجارية.
شوارع خالية ومقاعد شاغرة وأحلام متبخرة، صمت بارد يحيط في الشوارع الأفغانية، لا تسمع بها إلا صوت خطى اللحى و طنين الأسلحة المترامية على أكتافهم، وعيون مترقبة من نوافذ ضيقة، وبكل عهود طالبان المدعية في تقديم الصورة المعتدلة، واحترام السلطة، إلا أن البئر ينضح بما فيه، الحركة الطالبانية حركة مبنية على أسس راسخة وفي مدارس ممنهجة.وكانت قد صرحت في أن أساس حكمها الشريعة ولا خروج عن الحدود التي تفصلها، الشريعة التي يفهمها الطالبانيون بين إقامة الحدود و تشديد القيود، وهنا لا مكان للمرأة في هذه الحياة، سوى بسجون متراكمة ومركبة.
لا أرى أي مشهد مثير للأمل في هذه المرحلة، التجارب تفيد بأننا في خط متباين عائد للوراء، ولن يكون لوجود حركة طالبان في المنطقة سوى بوابات للتنظيمات الإرهابية، و مشرحة للحياة النسوية في أشد زواياها ظلاماً، لتبدأ الخيبة تقول فريشته فوروغ، وهي امرأة أفغانية تعيش في الولايات المتحدة أسست برنامج “كود تو إنسباير”، لتعليم الفتيات برمجة الكمبيوتر في هرات، “أشعر بالحزن الشديد لرؤية ما فعلناه جميعا قد اختفى”.