غصون أبو الذهب syria press_ أنباء سوريا
تعاني وداد من أمراض نفسية وجسدية عديدة تصعب عليها حياتها بعد تجربة مريرة مع الاعتقال امتدت لعامين، خرجت بعدها من سوريا إلى تركيا مع أطفالها لتكابد مشاق الحياة وصعوباتها دون سند أو مال يساعدها على الحياة الكريمة والعلاج.
التعذيب الجسدي والنفسي
تقول وداد إلى “سيريا برس” اعتقلت لمدة عامين في سجون النظام السوري ذقت فيها أصناف من العذاب والألم لا يمكن أن تخطر على بال إنسان، أدت إلى تحطيم أسناني الأمامية وإصابات في العمود الفقري والكلى، لم أتصور يوماً أن أتعرض إلى كل هذا التعذيب كوني إمرأة حيث لم تأخذهم بي لا رأفة ولا رحمة، بعدها خرجت مع طفلاتي الثلاث من سوريا باتجاه تركيا لأعاني من مشاكل أخرى تتعلق بالمعيشة والعمل وتأمين بيت ومتطلبات بناتي هذا غير أمور العلاج الملحة.
تضيف وداد غيابي عن بناتي في المعتقل وفقدهم لوالدهم جعلهم يعانون من بعض المشاكل النفسية التي تحتاج إلى علاج ملح، وزاد عليها وجودهم ضمن مجتمع غريب دون أقارب أو أصدقاء أو مقومات مناسبة للحياة، إضافة إلى غيابي طول اليوم عن المنزل بسبب العمل، وللأسف إصابتي بفيروس كورونا وتعرض منزلنا للسرقة، زاد من مخاوف البنات وزادت لديهم الكوابيس ما حرمهم من النوم المنتظم، وانعكس على تصرفاتهم اليومية.
لم تتمكن وداد التي تحتاج للدعم النفسي هي وبناتها من الاستمرار في تلقيه، حيث حال بُعد المسافات في اسطنبول دون قدرتهن على مواصلة العلاج الذي تقدمه منظمات الأمم المتحدة.
الخدمات النفسية
حول الخدمات النفسية المقدمة للاجئين السوريين في اسطنبول قالت الاستشارية النفسية “إسراء قطاش”: العلاج النفسي في اسطنبول يفتقر للمنهجية الصحيحة الموجهه للاجئ السوري والمراكز غيز كافية واغلبها مأجور وان كان غير مأجور فهي غير كافة لتلبية حاجة اللاجئ النفسية وابسط شيئ يقال له (ألعب رياضة …وتدرب على جلسات الاسترخاء والتنفس للسيطرة على القلق المصاحب لك) … وهذا بالنسبة لشخص فقد أملاكه وفاقد لأشخاص أعزاء سواء بالفقد أو متوفون ومصاب بعزله اجتماعية وعدم إمكانية تحصيل الرزق ببلد جديد وتوقف الحياة بمعنى حقيقي له ليس كاف وبالأخص لجميع شرائح اللاجئين السوريين ف40% من اللاجئين دخلوا صدمة نفسية حقيقة بسبب أشخاص ماتوا أمامهم ومنهم من نجو من اغتصاب أو خطف أثناء هروبهم لدول الجوار … في تركيا هناك بعض المنظمات مهتمة بالشأن النفسي للاجئ السوري وبالأخص النساء والأطفال مثل maya vakif التركية، ومنظمة وiyilikhane التركية الموجودتان في منطقة الفاتح… إضافة للهلال الأحمر وعيادة المهاجرين يوجد طبيب نفسي وهناك مترجم وبسبب كوفيد 19 اقتصرت بعض المنظمات على التواصل الهاتفي والاستشارة مثل جمعية فرح الموجودة بالفاتح أيضا.
تضيف “قطاش” في النهاية نحن بحاجة لإنشاء فضاءات آمنة للنساء والأطفال والرجال والفضاءات اقصد بها مكان أمن للفضفضة والتنفيس عما يجول بداخلهم من ضغوط ومخاوف تولد لديهم القلق مصاحبة بنوبات هلع لربما تكون بدرجات عالية ليضطر الشخص للجوء للمشفى والكشف عن وضعه الجسدي … واشدد على أن الصحة النفسية للاجئ السوري تؤثر على اندماجه وعلى عمله وعلى سلوكه ولذلك يجب علينا أن نتكاتف معاً للتخفيف والمساهمه بتقليل من معاناتهم وان نكون لهم السند الآمن في هذه الغربة.
حقوق المصابين بالاضطرابات النفسية
خدمات طبية متعددة تقدمها منظمات الأمم المتحدة، ومنها مفوضية شؤون اللاجئين التي تقدّم خدمات الدعم والعلاج النفسي للسوريين الخارجين من ظروف الحرب، ورغم استفادة آلاف السوريين من هذه الخدمات، إلا أن صعوبات عديدة تعترض حصول بعض السوريين عليها.
ومن الجدير بالذكر، إن حماية الحقوق وتعزيزها وتحسينها عن طريق تشريعات الصحة النفسية وفقاً لأهداف ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية، تعتبر حقوق الإنسان منطلقاً أساسياً لهذه التشريعات، وتقر المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بهذا الحق إذ تنص على أن: “لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية…”
وتقر المادة 12 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بحق الأفراد بمن فيهم المصابين بالاضطرابات النفسية بالتمتع بأعلى معيار يمكن الحصول عليه من الصحة النفسية والبدنية.
كما توفر المادة 7 من الميثاق الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية لجميع المصابين بالاضطرابات النفسية الحماية من التعذيب والقسوة والمعالجات غير الإنسانية أو المذلة أو العقاب بالإضافة إلى الحق بعدم الدخول في تجربة طبية أو علمية من دون موافقة مستنيرة.
في عام 1991 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 64/119 الذي يشمل مبادىء حماية الحقوق الإنسانية للمصابين بالأمراض النفسية، التي يحترمها المجتمع الدولي ولايمكن انتهاكها في المجتمع أو في المواضيع العلاجية، وتغطي المبادىء الخمس والعشرون جوانب عديدة منها ” تعريف الاعتلالات النفسية، حماية السرية، معايير الرعاية والمعالجة وحقوق المصابين في المرافق الصحية النفسية، دور المجتمع والثقافة، مراجعة الآليات والإجراءات الواقية التي توفر الحماية من انتهاك حقوق المصابين بالاضطرابات النفسية”.
تتعالج اليوم وداد على حسابها الخاص من راتب بسيط لايكفي حتى آجار منزلها، وهو ماسبب لها ضغوطات نفسية أدت إلى إصابتها مؤخراً بالشلل في العصب السابع بالوجه، هذا غير العلاج المكلف لأسنانها الذي فقدتهم في المعتقل، كما أن ضيق الوقت والمسافات الكبيرة منعتها من إتمام العلاج النفسي هي وبناتها، وطالبت وداد الجهات الطبية المعنية بتوفير العلاج اللازم لمن تقطعت بهم سبل الحياة وأن يكون علاج اللاجئين السوريين أحد الأولويات على طاولة المعنيين.
غصون أبو الذهب _ سيريا برس