syria press_ أنباء سوريا
أول الكلام، عتب شديد على نظام بشار الأسد، لأنه يركّز على وهن نفسية الأمة، ويتجاهل إضعاف الشعور القومي، رغم أن هذه التهم المتموجة، وردت بقانون العقوبات “المادة 285 و286” جنباً إلى جنب، ولا يمكن، أو لا نسمح كقوميين، إهمال الشعور القومي من نظام يرفع الشعارات القومية ويترأس الحزب القومي الوحيد بالمنطقة العربية.
وما يتعلق بفلسفة العقوبة وضرورة أن تكون النصوص الجزائية دقيقة بتعبيرها واضحة بلفظها، فذاك تفصيل تافه يمكن للمشرّع تجاهله، لطالما ضحاياه من الرعايا فقط، ولا من خطورة تلحق شعور الأمن القومي المرهف ونفسية الأمة المتوازنة المتماسكة.
والعتب موصول أيضاً، لتساهل قضاء نظام الأسد خلال معاقبة المتآمرين على عزيمة أو نفسية الأمة، فعادة ما يتم أخذ الحد الأدنى من العقوبة “سجن 6 سنوات” في حين، قلما نسمع القضاة ينطقون بعقوبة الأشغال الشاقة، غير مستغلين رحابة صدر القانون وشفافية كلمة “في زمن الحرب” التي تعطيهم الصلاحية لأقصاها، وهذا تساهل إن لم نقل أكثر، نخشى أن ترى فيه الأمة قلة اهتمام، فتوهن نفسيتها مرة أخرى، والشعور القومي استهداف فيضعف.
قصارى القول أمران:
الأول أن نظام بشار الأسد يرد “ها نحن ذا” على من ظنّ أن حاجز الخوف قد انكسر بعد الثورة وأن الدولة الأمنية تراجعت سطوتها، وما بعد آذار 2011 ليس ما قبلها، فابن أبيه أخذ الاحتياط ومنذ عام 2012 عبر المرسوم 17 بديلاً عن إلغاء قانون الطوارئ، فملاحقة الحق العام للجرائم الإلكترونية، خطوة متقدمة يتحسر إثرها السوريون على قانون الطوارئ والأحكام العرفية.
بمعنى، مرت الثورة بكل حمولاتها وانتصر الأسد، وعليه، لا بد من العودة إلى القمع والدولة الأمنية وإخضاع الشعب لخطة ورؤية القيادة الحكيمة، كما كانت إبان حرب الأسد الأب الأولى على الشعب مطلع ثمانينات القرن المنصرم.
وأما الأمر الثاني فله علاقة باستحقاق مصيري على سوريا الأسد سوريا الممانعة سوريا درع المنطقة وقلب العروبة النابض.
فرغم أن المرسوم صادر منذ تسع سنوات، وتعدلت تعليماته، أو أضيف عليها منذ آذار عام 2019 تعليمات تنفيذية جديدة طاولت الصحافيين والناشطين الذين يوهنون نفسية الأمة، وينشرون أخباراً كاذبة أو يتعاملون مع “صفحات مشبوهة” على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الوقت المناسب للتطبيق اليوم.
فاليوم بدأ نظام الأسد الابن حملته الانتخابية لولاية وراثية رابعة، ومن المزعج والمخلّ والمشوّه أيضاً، بواقع استعراض الإنجازات والانتصار واللحمة الوطنية، أن يزج المتآمرون بأخبار ملفقة، أو يأتي السوريون على شكايات تافهة، من قبيل تراجع مستوى المعيشة للحد الذي دفعهم لحاويات القمامة لتلقف ما يسدون به رمقهم، أو غلاء الأسعار 15 ضعفاً وتثبيت الأجور بهدف إفقار وإذلال الشعب، أو ما شاكل من أمور ثانوية، إذا ما قيست بانتصارات القائد وهزيمته المؤامرة الكونية. كنفاد المشتقات النفطية من الأسواق وانقطاع الكهرباء لعشرين ساعة باليوم وتحول حلم السوريين للحصول على رغيف خبز، بعد مشوار طوابير ممتدة على طول الوطن المعطاء، أو حتى الإشارة، كيداً وكيدية، إلى الحكومة ومسؤولي الدولة.
نهاية القول: قد يهز الفقر والظلم شعور الانتماء، ويثير إعادة الشعب بالألفية الثالثة للعصر الحجري، الشك بأي حق وعدالة، تماماً كما يبعث الصمت الدولي على قتل وتهجير السوريين، ولكن..
لا شيء أوهن ويوهن نفسية السوريين وأمتهم، سوى بقاء حاقد على كرسي الوراثة، سد جميع الآفاق أمام تطلعاتهم وحوّل الوطن لمزرعة قبل أن يجعله ساحة حرب وتصفية حسابات دولية، وحولهم إلى نازحين بالبراري أو جوعى أذلاء بالمدن …أو سبايا ومصادر ريبة وشبهة، بدول العالم قاطبة.
عدنان عبد الرزاق _ زمان الوصل