syria press_ أنباء سوريا
في شباط 2017، سمع العالم أجمع، صوت الطفل السوري “عبد الباسط الصطوف”، ذي القدمين المبتورتين، وهو يستغيث بوالده المذهول من هول الصدمة صائحا: “يا بابا شيلني”، فهو واحد من أطفال سوريا الذين وقعوا ضحايا عنف السلطة السورية التي تتفنن بقتلهم.
أثار التسجيل المصور حينها غضب الكثير من العالم والسوريين وحرك مشاعرهم، فقد كانت حالة الطفل الذي فقد قدميه جراء قصف نفذه طيران السلطة السورية على بلدة الهبيط جنوبي إدلب، صدمة كبيرة و جزأ من سلسلة طويلة لقتل الأطفال وتعذيبهم من قبل قوات لا تعرف الرحمة.
شاهد: لا يعلم بمقتل أمه.. الطفل عبد الباسط يروي قصة البرميل الذي بتر قدميه
وتعتبر قوات السلطة السورية الأكثر عنفا في قتل الأطفال السوريين، نتيجة الأساليب الإجرامية التي تنتهجها ما سبب بقتل مئات الأطفال وإحداث إعاقات جسدية ونفسية للكثير منهم، إضافة لزجهم في السجون، وتعذيبهم بشتى الوسائل.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 22864 طفلا سوريا على يد السلطة السورية وحليفها الروسي والميليشيات الإيرانية، منذ آذار/مارس 2011 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
أنواع كثيرة للقتل والحولة شاهدة على ذلك
تعتبر مجزرة الحولة التي ارتكبتها قوات السلطة ضد مجموعة كبيرة من الأشخاص في 25 أيار/مايو 2012، من أكبر الأدلة على إجرامها وعنفها ضد الطفولة، فقد ارتقى قرابة 49 طفلا من أصل 108 أشخاص ذبحوا بالسكاكين، على يد تلك القوات في بلدة “تلدو” بمنطقة الحولة الواقعة شمال غرب حمص، بحسب ناشطين.
تفاصيل القصة بشعة للغاية، حيث أظهر تسجيل مصور بث حينها، جثث أطفال ملطخة بالدماء ملقاة في الشوارع، البعض قتل عبر إطلاق النار عليه بشكل مباشر، بينما ذبح آخرون بالسكاكين.
شاهد: طفل نجا من مجزرة الحولة يروي تفاصيل مرعبة
يقول “عبد الرحمن” وهو ناشط ميداني من حمص، حول المجزرة، في حديث لموقع أنا إنسان: “دفعتنا الصور التي شاهدناها على وسائل التواصل للبكاء، لم نعرف ماذا نفعل في ظل عجزنا عن إيقاف الإجرام والعنف الغير معقول للسلطة السورية وحلفائها”.
والقصف لا يعتبر الوسيلة الوحيدة لمعاقبة الأطفال من قبل السلطة. وأفادت شهادات كثيرة من معتقلات سابقات حول إقدام السلطة على الزج بالأطفال في المعتقلات بل وتعذيبهم وحبسهم أسابيع في زنازين انفرادية.
تقول “عائشة” وهي معتقلة سابقة في سجن المخابرات الجوية: “كان هناك أطفال في السجن، أحد الأطفال اقتيد إلى زنزانة انفرادية وبقي فيها أياما طويلة، كان السجانون يعاملونهم كالوحوش وبعنف شديد”.
في العام 2019 قالت منظمة “محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان”، إن السلطة السورية لم تلتزم بالاتفاقيات التي وقعت عليها حول حماية حقوق الطفل، موضحة أنها انتهكت جميع أحكام الاتفاقيات.
واستندت المنظمة على 10 حالات لأطفال و25 تقريرا لشهود عيان، لتوثيق الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال أثناء فترة الاحتجاز في سجون السلطة.
وأكدت المنظمة وجود أدلة على ارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال في مراكز الاحتجاز السورية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجسدي والاعتقال التعسفي واحتمال الاختفاء القسري.
المنظمة أشارت إلى أن كل ثلاثة من أصل خمسة صبية، وكل أربع من أصل خمس فتيات، تعرضوا للعري القسري في المعتقلات. كما وضعت طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات في السجن الانفرادي لمدة أسبوع لمرتين منفصلتين.
وبين آذار 2011 وحتى حزيران 2020 قتل 179 طفلاً تحت التعذيب في سجون السلطة، بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
شاهد: منظمة دولية تتحدث عن انتهاكات مروعة تم ارتكابها بحق أطفال سوريا
ولا تعد هذه أنواع الانتهاكات الوحيدة التي تمارس ضد الأطفال، فأعداد كبيرة جدا حرمت من إتمام تعليمها، وفقد الكثير من الأطفال عائلاتهم، وعاشت نسبة كبيرة في المخيمات محرومة من أبسط حقوقها، ناهيك عن الخوف الذي يعيشون فيه والحالة النفسية السيئة، وعمليات التجنيد الإجباري، وعمالة الأطفال.
سوريا أكثر الدول العربية خطورة على الأطفال
أفاد تقرير أصدرته منظمة “أنقذوا الأطفال”، أواخر العام 2020، أن نحو واحد من بين كل خمسة أطفال يعيشون في مناطق نزاعات أو مناطق مجاورة لها.
وقد صُنفت سوريا من بين أكثر الدول خطورة على الأطفال في عام 2019، إلى جانب كل من أفغانستان، والعراق، والكونغو، ونيجيريا، ومالي.
وصنّف معدو التقرير المناطق وفقًا لحدة الصراع الدائر فيها، وأشاروا إلى أنه في المناطق المنخفضة الكثافة يُقتل نحو 25 طفلًا كل عام على يد جماعة مسلحة واحدة على الأقل، أما في المناطق العالية الكثافة فيتجاوز معدل قتل الأطفال الألف، لافتين إلى أن حوالي 160 مليون طفل يعيشون في هذه المناطق بالآونة الأخيرة.
ووثق مقتل ما لا يقل عن 29 ألفًا و375 طفلًا في سوريا منذ آذار 2011، بينهم 179 بسبب التعذيب، إضافة إلى وجود أربعة آلاف و261 طفلًا مختفين قسريًا، ومئات المجندين، ومئات آلاف المشردين قسريًا. المسؤول عنها بالدرجة الأولى السلطة السورية ثم روسيا بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
ويواجه 700 ألف طفل إضافي الجوع في سوريا بسبب الوضع الاقتصادي المتردي، الذي تسهم في ترديه القيود المفروضة بسبب انتشار جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
المصدر: أنا إنسان