سيريا برس _ أنباء سوريا
كتب السيد براء عبد الرحمن مقالة على موقع تلفزيون سوريا تحدث فيها عن طريقة تفكير “زهران علوش البراغماتية” التي حوّلت من الراية السوداء وعلم القاعدة إلى علم الثورة (الذي كانوا يسمونه علم عدنان وهبة) في نهاية المطاف، فيقول (القائد الذي اكتشف أن الحديث عن جيش عسكري يحمل اسم “الإسلام” ويرفع “رايته السوداء”، لن يكون له المستقبل السياسي في سوريا).
أي أن هذا التحول لم يكن بشكل من الأشكال رجوعاً إلى مبادئ الثورة الأولى، ولكن فقط بسبب أنه لن يكون لجيش الإسلام أي دور في مستقبل سوريا إذا بقي يحمل اسم الإسلام ويرفع الراية السوداء، ثم يذهب مباشرة بعد ذلك ليضع حداً فاصلا بينه وبين الغلاة أصحاب نظرية الدولة الإسلامية “، حيث يؤكد السيد براء وعلى لسان زهران (أن هؤلاء الغلاة سيخرجون ويؤسسون فصائل ولربما سيأتي اليوم الذي يقاتلوننا ونقاتلهم لأنهم يكفرون كل من لا ينتمي إليهم).
كما هو معلوم جميع الفصائل ذات التوجه الإسلامي السلفي ابتداء من تنظيم داعش وانتهاءً بالفصائل ذات التوجه نفسه التي تعتبر نفسها أكثر اعتدالاً، كانوا يبغون على بعضهم البعض تحت مسمى الغلو، ومن يبدأ بالقتال ينسب لنفسه وفكره وفصيله العقيدة السليمة والإسلام الصحيح ، بينما يبدأ الطرف الآخر بشحذ الهمم تحت راية غلو الطرف الآخر، ولكن الحقيقة الوحيدة والثابت الوحيد هي أنهم جميعا متطرفون وغلاة، وما يتخذونه من أسباب لقتال بعضهم ليس إلا ذريعة للهيمنة والسيطرة على الغنائم وفرض وجودهم لأي عملية سياسية لاحقة، فقد قام جيش الإسلام الذي وصف في المقال بأن قائده يحذر من الغلو، بإعدام أسرى داعش بأسلوبهم الهمجي نفسه.
كما أن حادثة عرض أقفاص الأسرى في ساحات دوما لم تغب بعد عن الأذهان، والذين كان معظمهم مدنيين تم أسرهم من مدينة عدرا العمالية.
فكما تدخلت النصرة وداعش بالحياة اليومية لسكان وأهالي إدلب والرقة والمناطق الموجودة فيها، كان جهاز الحسبة التابع لجيش الإسلام في دوما يصول ويجول، فهو المسيطر على الجوامع وله مخبرون يحضرون خطب الجمعة ويكتبون التقارير ويرفعونها إلى قادتهم، كما النّظام تماماً، وله دوريات تتجول في الأسواق تكسّر محال النرجيلات ومحال التجميل النسائية وتتدخل في أفراح الناس حتى وصل بها الحد أن أصدرت فتوى لمنع استخدام المزهر ذي القاعدة، ولن ندخل في تفاصيل ما كانت تفعله الحسبة فهذا باب آخر وهو ليس موضوع بحثنا، ولكن إذا لم يكن هذا هو الغلو وهذا فكر القاعدة التكفيري الإقصائي فماذا يكون!!
لقد شابهوا النظام بأفعاله تحت مسمى آخر، النظام السوري الذي شن الحرب على السوريين بحجة الإرهاب هذا ما فعله تماماً جيش الإسلام بشن الحرب على الآخرين بحجة الغلو تارة، وبحجة الإخوان والعلمانية تارة أخرى. ومن هنا تم إطلاق اسم إمارة الخوف على مدينة دوما.
أما بالنسبة لمقولة أنه صاحب مشروع سياسي فهو كذلك بكل تأكيد، مثله مثل باقي المجموعات الجهادية كداعش وجبهة النصرة، حيث إنهم كانوا أيضا أصحاب مشاريع سياسية، وكما أنشأ هو مكتبا سياسيا وحاول إنشاء إدارة محلية تنافس تلك الموجودة، كذلك حرصت النصرة (هيئة تحرير الشام) على أن يكون لها واجهة سياسية هي حكومة الإنقاذ، وهذا ليس بعيدا عما تفعله قسد وما يفعله نظام الأسد الذي يقود جهازه الأمني كل مفاصل الحياة وبالمقابل توجد هياكل وزارات وإدارات تنفيذية.
ثم يحدثنا عن خصومه العلمانيين الذين كان يرونه صاحب مشروع وعلى هذا الأساس عملوا على خلق” بروباغندا إعلامية “حتى إنهم يصنعون دراما حول كل خطأ يرتكبه جيش الإسلام، (لكن تلك التحولات السياسية التي يؤمن بها أي صاحب مشروع عسكري ووطني كانت تخيف خصومه العلمانيين …لذلك كان الخطأ الذي يرتكبه زهران علوش بتصريح أو فعل يتم صناعة دراما منه ويتحول لقضية إعلامية ومناشدات دولية ووساطات وتدخلات خارجية،..)
وهنا نسأل عن اعتقال وإخفاء ناشطي دوما الأربعة إضافة إلى العشرات والمئات من المعتقلين، والسجون التي أسسها (التوبة ، الكهف ، الباطون ، الفرع 103 ، الفرع 105 ،الفرع 111، فرع الأمن العسكري ، فرع الأمن الداخلي ،…) والاغتيالات السياسية التي بدأت بالدكتور “عدنان وهبه” لأنه حسب تعبيرهم فإن العلمانيين يحملون “رايه عمية”، وأن من يموت تحت علم الثورة “الرايه العمية” يموت على غير الإسلام، تلتها اغتيالات كل من ناهض وخالف وحذر من تفكيرهم، مثل محمد سعيد فليطاني “أبو عدنان” ثم ماجد خبيه “أبو عمار”، ومحاولات اغتيال متعددة لأبو صبحي طه ” قائد جيش الأمة” أسفرت عن استشهاد ابنه و ابن أخيه وإصابته بجروح بالغة، هل كل هذه الأفعال هي بروباغندا إعلامية يفتعلها العلمانيون لتشويه صورة جيش الإسلام وزعيمه زهران؟
ثم يستعرض المقال نظرية زهران للخصومة السياسية (كذلك قام زهران بتأسيس القيادة الموحدة إلى جانب خصومه الذي يعتبرهم أشعريين أو إخوانا مسلمين وتم تنصيب نائبه بالقيادة (أبو محمد الفاتح) قائد الاتحاد الإسلامي وتم تنصيب قائد القضاء الموحد (خالد طفور) شرعي الاتحاد. الإسلامي لأجناد الشام.)
وهنا عنده الخصومة السياسية أساسها أن لا تكون سلفياً!! وليس أي سلفي، فالسلفيون الذين ينتمون إلى داعش والنصرة هم أيضا خصوم، فما بالك إذا كان الخصم أشعرياً أو إخوانياً، ربما هذا الانتماء يخرج من الملة ويجعله حلال الدم والمال، وهذا ما حصل في حربه على كل الفصائل فلا بد من ذريعة، فحربه ضد جيش الأمة كانت ضد مفسدين وحربه ضد القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية حيث فيلق الرحمن والاتحاد الاسلامي (الأشعريين والإخوان) لأنهم متحالفون مع الخوارج والغلاة.
ولم يسلط المقال الضوء على الجزء الآخر من النظرية الزهرانية وهي خطاب الداخل وخطاب الخارج، الذي يعتبر الديمقراطية تحت قدميه، ونظرية فقه التغلب بديلاً للنظرية الانتخابية، بالمقابل يضع مندوبا له في الائتلاف رغم أنه لا يعترف بالائتلاف!!
ثم بعد أن ساق لنا كاتب المقال ملامح التطور الفكري والاستراتيجي لزهران من شعار خاتم النبوة والراية السوداء إلى تبني علم الثورة وغيرة خصومة العلمانيين من إنجازاته ومشروعه النهضوي، يأتي إلى قصة الاغتيال ليجعل منه ذلك البطل الأسطوري الذي رفض الأوامر الخارجية التي كانت تمنعه من اقتحام دمشق، وقد قدم حياته ثمنا لهذا الموقف البطولي. (معركة “الله غالب”؛ المعركة التي كانت الأطراف الدولية تعارضها. فدمشق التي لا ينبغي أن تسقط بيد مسلحين وإسلاميين يبعدون عن الحدود الإسرائيلية مسافة 30 دقيقة).
أما الحقائق فتقول إنه في عام 2014 تسلّم من الموك 2 مليون دولار إضافة لـ 300 طن من الذخائر المتنوعة لفك الحصار عن الغوطة وثم بعد شهرين وفي العام نفسه وبعد مطالبات من الموك لفتح معركة فك الحصار عاد واشتكى إلى الموك أن الأموال لم تكن تكفي فتم إرسال مليون دولار أخرى ومع ذلك لم يفعل شيئا، بل أجاب في أحد المرات عن سبب تكديس كل هذه الأسلحة وعدم فتح جبهات بأن هذه الأسلحة هي للاستقرار فيما بعد سقوط النظام.
وقبل بالمفاوضات أخيرا فقط لفك الحصار عن أهل الغوطة (قبيل اغتياله حدثت مفاوضات كان طرفاً بها ولأول مرة كان يقبل بوقف إطلاق النار وفتح المعابر بعد الحالة المأساوية التي كان يعيشها الأهالي حينها)
علما أنه حصته من مستودعات الدخانية التي تم الاستيلاء عليها كانت بحدود 1066 طنا من المواد الغذائية (سكر، رز، زيت … ) عدا عن مستودعات بيتنجانة الشهيرة التي سيطر عليها وكانت تكفي أهالي الغوطة لسنوات، كل ذلك ولم نتحدث عن الأنفاق الخاصة بجيش الإسلام وشراكته مع تجار الدم في ذلك الحين.
وعن معركة الجبل “الله غالب” والتي حاول إبرازها وكأنها قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على دمشق؛ أولاً بقيت مساحات واسعة للوصول إلى دمشق ثم إن ضاحية الأسد والفوج 45 بقيتا بعيدتين عن نيرانه. فأين المعركة وأين دمشق؟.
ثانيا عن أي انتصار يتحدث وقد ترك جيش الإسلام عناصره وجرحاه والشهداء على أرض المعركة وتراجع إلى دوما.
وتسلّم قيادة جيش الإسلام “البويضاني” الذي رشحه زهران، والذي قاله بلا مواربة وبصريح العبارة “نحن ننبطح ونتلقى أوامر من دون دعم أنا شغيل بالأجرة، أعطيني مصاري بوقف ما بتعطيني ما بوقف”؛ كشف لنا ما كان يخبئ ويخطط له زهران وخليفته أيضا.
هل فتح زهران هذه المعركة “حتى يعطوه مصاري ويتوقف ؟؟” وكلنا في داخل الغوطة كنا نعلم أن جيش الإسلام الوحيد الذي طالما عارض التوجه باتجاه دمشق. فما هو سر معركة الجبل يا ترى؟؟
أحمد طه _ موقع تلفزيون سوريا