سيريا برس _ أنباء سوريا
خلال الأيام الماضية، عاد التلويح باستخدام سلاح العقوبات الاقتصادية بقوة، وبخاصة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، ويعد هذا السلاح أحد الأسلحة القويّة التي تحتكم إليها الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها القوة العظمى الأولى في العالم وأحد الأسلحة المحببة إلى طبقتها السياسية، فما هو هذا السلاح القاتل دون بارود؟
تعريف
العقوبات الاقتصادية: هي جملة التدابير والإجراءات الاقتصادية والمالية التي تفرضها دولة أو دول أو منظمات أو هيئات دولية أو إقليمية على دولة أو تنظيم أو شركة أو غيره على خلفية القيام بأعمال عدوانية أو تهديد للسلم الدولي، أو لحمل ذلك الطرف على تقديم تنازلات ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، وهي تشمل، ولا تقتصر على:
1/ فرض رسوم جمركية.
2/ فرض معوقات تجارية.
3/ فرض رسوم واردات، أو تحديد حصص الواردات أو الصادرات.
فرص النجاح
تختلف فرص نجاح حزمة العقوبات الاقتصادية من حالة إلى أخرى، وبالإجمال يقدر المختصون في قضايا العقوبات الاقتصادية نسبة نجاح العقوبات الاقتصادية ما بين 5-30%، وهي تستخدم خياراً بديلاً للحرب، حيث إن خيار الحرب مكلف والعقوبات أقل كلفة من الحرب، ولكنها ليست خالية التكاليف، ذلك أن لها تأثيراً أيضاً في الدولة الفارضة للعقوبات؛ فحين يفرض حظر على الواردات من دولة معينة فإن المستهلكين في الدولة الفارضة للحظر سيتأثرون بتقلص خياراتهم الشرائية وارتفاع أسعار السلع البديلة، وفي حالة الحظر على الصادرات فإن المصدرين في الدولة الفارضة للعقوبات سيخسرون فرص التعاقدات التجارية والاستثمارية مع الشركاء في الدولة الخاضعة للعقوبات.
الحصار كشكل قديم للعقوبات
قديماً كانت القبائل المتناحرة تمارس حصارها على قبائل أخرى بهدف ممارسة الإذعان، والسيطرة على مقدرات القبيلة خاصة وأن القبيلة تشكل منظومة تشبه الدولة، ولذا فإن صراعها مع القبائل الأخرى يصبح عنيفاً، ويتجاوز الحرب المباشرة إلى التركيع والتجويع.
وتاريخيا، كانت هذه الآلية معروفة لدى شعوب وأمم سابقة، ليس باسم العقوبات الاقتصادية، لكن تحت اسم “الحصار”. فقد قامت إمبراطوريات وجيوش بفرض أنواع من الحصار الاقتصادي على الدول والجهات التي لا تتوافق معها، واستعمل كوسيلة للتمدد وبسط الهيمنة الخارجية، بضمان الولاء من خلال الدفع بحكام تلك الدول نحو تعديل سياساتهم. هكذا إذن تكون الوسائل المستعملة اقتصادية، لكن البراهين والأهداف سياسية.
تجارب حديثة
يحفل التاريخ المعاصر بمحطات استخدم فيها سلاح العقوبات، حتى قبل عام 1945، موعد تأسيس الأمم المتحدة، فخلال الحرب بين فرنسا وبريطانيا، اختارت الولايات المتحدة الأمريكية البقاء محايدة، وذلك قصد ضمان المتاجرة مع كلا الجانبين، لكن لم يرغب أي من الطرفين في استيراد الإمدادات الأمريكية، وعام 1806 أصدر الإمبراطور نابليون الأول في فرنسا نظاما قاريا، يمنع الدول الأوروبية من المتاجرة مع المملكة المتحدة.
وحديثا، استعمل سلاح العقوبات الاقتصادية في كثير من الحالات، حتى قبل إصدار ميثاق الأمم المتحدة، فقد استعملته عصبة الأمم ضد إيطاليا، عام 1935 بعد غزوها إثيوبيا، كما فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وهولندا عقوبات على اليابان “1940 – 1941″، حرمتها من الوصول إلى إمدادات النفط الخام وخام الحديد والصلب الحيوية. وخلال أزمة قناة السويس، تم إلغاء محاولة من قبل القوات الأنجلو فرنسية للسيطرة على القناة من مصر إلى حد كبير، بسبب عداء الولايات المتحدة للغزو وتهديد الرئيس بفرض عقوبات اقتصادية ضد بريطانيا، واقعة عدها كثيرون المرة الوحيدة في التاريخ التي استخدمت فيها العقوبات الاقتصادية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية بنجاح في الشؤون الدولية.
كانت أول تجارب الأمم المتحدة في تطبيق العقوبات الاقتصادية، بموجب بنود ميثاق الأمم المتحدة، بمقتضى القرارين الأمميين 216 و217 على الزيمبابوي عام 1966، والقرار رقم 277 عام 1970، تلتها العقوبات المفروضة على جنوب إفريقيا، بالقرار رقم 418 الصادر في عام 1977، وأعيد فرضه بالقرار 558 الصادر في عام 1984.
المصدر: الأيام السورية