سيريا برس - أنباء سوريا
بماذا تبرر منظمة العفو الدولية طلبها بإلغاء عقوبة الإعدام؟ وما موقف الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية من العقوبة؟ وما أكثر الدول التي تنفذ فيها أحكام بالإعدام؟ وهل تعتبر عقوبة الإعدام، إقامة للعدل أو حالة انتقامية؟
عقوبة الإعدام هي عقوبة قتل إنسان بموجب حكم قضائي ناتج عن ارتكاب جرائم معينة. والأصل أن تطبق بأضيق نطاق وعلى جرائم القتل العمد فقط، صنفها البرلمان الأوربي كعقوبة غير إنسانية تعود للقرون الوسطى ولا تتوافق مع الحياة الحديثة.
في عام 1948 اعترف بحق الحياة كحق أساسي في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العمومية بـ الأمم المتحدة، وبذلك يعتبر أول خطوة جادة لإلغاء عقوبة الإعدام. المادة الثالثة أن “الحياة والحرية والأمن الشخصي حق للجميع”، بينما تنص المادة الخامسة على أنه “لا يحق تعذيب أحد أو ممارسة أفعال ظالمة أو غير إنسانية أو مخزية بحق أحد”.
تحظر اتفاقية الأمم لحقوق الطفل أيضاً إصدار أحكام بالإعدام على أطفال دون الثامنة عشر من العمر.
عقوبة الإعدام في الاتحاد الأوربي
بموجب ميثاق الحقوق الأساسية لدول الاتحاد الأوربي، امتنعت تلك الدول عن تطبيقها، ثم ألغيت بموجب نص البروتوكول رقم 13 الصادر لعام 2002 والملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ونص البروتوكول الإضافي على أنه لا يمكن لأي دولة من دول المجلس الأوروبي أن تحكم بالإعدام على أي شخص، كما لا يمكن إبداء أية تحفظات وأن بنود البروتوكول غير قابلة للتعديل.
عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة
حسب تقارير منظمة العفو الدولية، شهدت الولايات المتحدة منذ عام 1976، ألف و437 حالة إعدام. كان آخرها الحكم الذي نفذ بمدينة تير هوت بولاية أندريانا الأميركية، قبل أيام بحق برنارد، والذي أدين فيها خمسة مراهقين بينهم برنارد وكان بعمر 18 سنة بجريمة قتل الزوجين تود وستايسي باغلي عام 1999. وبقرار ترامب هذا يكون قد أنهى سابقة عمرها 130 عاما تتعلق بوقف تنفيذ عمليات الإعدام خلال عملية الانتقال الرئاسية.
عقوبة الإعدام في العالم
وصل عدد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام من قوانينها 102 دولة، بالإضافة إلى ست دول لا تقترح الإعدام إلا في الحالات الاستثنائية مثل جرائم الحرب أو انتهاك القوانين العسكرية؛ وفي 32 دولة لا تطبق عقوبات الإعدام فعلياً على الرغم من عدم إلغائها من القوانين، وبالتالي فإن عقوبة الاعدام لا تطبق في 140 دولة حول العالم. وشهد عدد البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام رسمياً زيادة مطردة، من 48 دولة في عام 1991 إلى 106 في عام 2017.
وكانت تركيا ألغت عام 2004عقوبة الإعدام رسمياً من قوانينها، وكانت قبل ذلك قد امتنعت عن تطبيق العقوبة دون إلغائها من القانون، ويعود آخر حكم بالإعدام نُفِّذ في تركيا، إلى عام 1984. وفي عام 2015 تخلت كل من فيجي، مدغشقر، سورينام عن عقوبة الإعدام نهائياً.
لكن العقوبة لا تزال سارية في قوانين 85 دولة حتى تاريخه، منها الصين والهند ومصر والسعودية وإيران وسوريا ومنها الولايات المتحدة الأميركية، حيث تدرج عقوبة الاعدام في قوانين 31 ولاية من أصل 50 ولاية. ومنذ عام 2007 ألغت 7 ولايات عقوبة الإعدام من قوانينها، كما لا تطبق ولايتان عقوبة الإعدام على الرغم من كونها مدرجة ضمن قوانينها.
أكثر الدول التي تنفذ فيها أحكام بالإعدام
أكثر الدول التي تنفذ فيها أحكام بالإعدام هي الصين، إيران، السعودية، العراق، مصر، الولايات المتحدة الأميركية، باكستان، الصومال، جنوب السودان، اليمن. وفق تقرير لـ منظمة العفو الدولية عام 2019. لكن لا يوجد بيانات رسمية من الصين، التي تعتبر إحصاءات أحكام الإعدام من أسرار الدولة، لكن منظمة العفو الدولية تقدر وجود آلاف عمليات الإعدام نفذت في الصين عام 2019. وتنفذ في السعودية والعراق وإيران 80 ٪ من عمليات الإعدام.
باستثناء التقديرات المتعلقة في الصين، لعدم وجود بيانات حولها؛ انخفضت عمليات الإعدام منذ عام 2015.
بعض الدول تبرر عقوبة الإعدام، بالتأييد الشعبي، التأييد الشعبي غالباً ما يقترن بنقص المعلومات الموثوق بها. خطر إعدام أبرياء، وجور المحاكمات، والطبيعة التي تتسم بالتمييز لعقوبة الإعدام؛ كلها عوامل تساهم المعرفة بها في تكوين رأي يستنير بمعلومات كاملة حول عقوبة الإعدام.
هل هناك طريقة إنسانية للإعدام؟
تنفذ أحكام الإعدام عادة الشنق بالحبل والحقن القاتل وإطلاق النار والصعق بالكهرباء، أما السعودية فقد أدرجت قطع الرأس كطريقة للإعدام. اختلاف طرق الإعدام يعتبر نهج نحو قتل أكثر إنسانية، لكن القتل قتل، لا يوجد قتل إنساني، يمكن استخدام تعبير “قتل أقل همجية”
مبررات منظمة العفو الدولية في إلغاء العقوبة
بموجب القانون الدولي، يجب أن يقتصر استخدام عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم التي تنطوي على القتل العمد.
إلا أن منظمة العفو الدولية تعارض عقوبة الإعدام في جميع الحالات دون استثناء، بغض النظر عن طبيعة الجريمة أو خصائص الجاني أو الطريقة التي تستخدمها الدولة لإعدام السجين.
فعقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً للحق في الحياة وهي أقسى أشكال العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة والتمييزية، فغالباً ما تُطَبَّقُ على الفئات الأضعف في المجتمع مثل الفقراء؛ وهي تستخدم غالباً في قضايا تتعلق بالعنف السياسي عقب محاكمات تتسم بالجور، وتبنى على اعترافات قسرية. وتستخدمها بعض الحكومات لإسكات معارضيها. وحيثما كان نظام العدالة معيباً والمحاكمات الجائرة متفشية، يكون خطر إعدام أبرياء حاضراً باستمرار.
فالأخطاء التي تُرتَكَب لا يمكن تداركها، فالخطأ في أحكام أخرى يمكن تداركها، لكن إعدام شخص دون حق، يعتبر خطأ لا يمكن تداركه.
عقوبة الإعدام.. إقامة العدل أو انتقام؟
إعدام إنسان يعتبر انتقام وليس عدلاً. ولا يحقق العدالة لعائلة الضحية، كما لا يمكن لعقوبة الإعدام أن تخفف ألم الفاجعة. من حق من فقدوا أحبائهم أن يروا الشخص المسؤول يُحاسَب في محاكمة عادلة، الانتقام ليس هو الحل. الحل يكمن في تقليل العنف وليس في التسبب في مزيد من الموت. “ماري دينز، التي قُتِلَت حماتها عام 1972”.
فأي مجتمع يقوم بإعدام المخالفين، يرتكب بدوره أعمال عنف، يدينها هو بدوره.
بالإضافة إلى أن عقوبة الإعدام لا تمنع الجريمة. واقع الأمر أن أعداد الجرائم الواردة من البلدان التي حظرت عقوبة الإعدام لم ترتفع بعد الحظر بل انخفضت في بعض الدول مثل كندا.
الإعدام والأعمال الإرهابية
ولجهة إعدام مرتكبي الأعمال الإرهابية تبرر المنظمة الدولية عدم إعدامهم بكونه غير مجدي مع أشخاص اختاروا أن يموتوا لأجل معتقداتهم “منفذي العمليات الانتحارية”، ومن المرجح أن يصنع الإعدام منهم شهداءً تصبح ذكراهم راية لمنظماتهم.
ومن جهة أخرى وقد يُحكم على أشخاص متهمين ب “الإرهاب” بالإعدام بعد اجراء محاكمات جائرة بحقّهم. وإدانتهم بناء على اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب، غالياً يحاكمون من خلال محاكم استثنائية وقوانين خاصة.
عقوبة الإعدام وسيلة تُستخدمها أيضاً لدوافع سياسية، للتظاهر أمام ناخبيهم الخائفين بأن ثمة ما يتم القيام به لمكافحة الجريمة. “يان فان روين أستاذ القانون، جنوب افريقيا”
الحق في الحياة، وهو أهم الحقوق الأساسية المقرة من الأغلبية الساحقة من بلدان العالم. والدعوة إلى وضع حد لعقوبة الإعدام تتفق مع الرحمة، والعطف، والصفح، وهي أمور تشدد عليها كل الديانات الكبرى في العالم. “حقوق الإنسان تنطبق على أفضلنا وعلى أسوأنا.”
كفاح زعتري - الأيام السورية