سيريا برس _ أنباء سوريا
ينصدم كثيرون، في كل مرة تبرز فيها جريمة تحت مسمى (الشرف) زوراً، تتكرر كمشاهد مُعادة لفيلم رعب يشمئز منها كثيرون وينتقدونها ثم يُتابعون إعادة المشهد لتتغير به الضحية ويبقى دور القاتل ثابتاً، مشهد يجري بتشجيع و تحريض من أقرباء مشتركين لكلاً من الضحية والقاتل، من النساء والرجال على السواء، مشهد غالباً ما يكون مصحوبا بزغاريد فرح في خلفية المشهد لتزيده رعبا ويُختصر اسمه بالجريمة المُباركة، قطع الرؤوس، وابل من رصاص، ردم في حفرة، رجم أو حرق توصيفات توازي حجم الأمراض التي يحملها هذا المجتمع الذي يقتل (شرفه)، ينصدم كثيرون بالجريمة و يستنكروها وتتكرر عبارات الاستهجان والتزييف فتراهم أنفسهم من الداعمين و المناصرين بل و الحاملين لكافة المفاهيم الخاطئة و التقاليد و العادات التي ترتكب باسمها هذه الجرائم فهي ليست بالصدفة أو الخطأ و لم تأت من عدم و فراغ بل هي نهاية حتمية لفكر كالذي يستحكم بهؤلاء الأفراد، ذكورا و إناث.
من يحمل وزر دماؤهنّ إذا في الجريمة الاستثنائية التي لا يعتبر فيها المجرم فرداً بل جماعة ومجتمع:
– كل منظومة فكرية، دينية كانت أم سياسية أم مجتمعية قائمة على العادات والتقاليد تدفع وتدعو للعنف على أساس جندري تحت أي مسمى
– كل فرد، يروج لأفكار تؤدي لترسيخ هذه المفاهيم ويساهم بالتحريض والدفع لهذه الجرائم بشكل مباشر أو غير مباشر
– كل دولة لا تُجرّم بشكل علني وبأقسى العقوبات مُرتكبي هذه الجرائم
– وأخيراً كل من يصفق لحاملي خطاب الكراهية والعنف اللفظي ويحابيه ويصمت عن المنافقين بالقيم تحت وطأة البحث عن المنفعة او نصرة أيديولوجية ما لا يقل مُشاركة بالجريمة عما سبقه
نستطيع هنا رسم بعض الملامح المؤثرة، مجتمعة، بهذا الفكر المؤدي لمثل هذه الجريمة:
بدءا من الإيمان الفعلي بأن الرجل يوازي في الحياة أربعة نساء، وفي الكلام يوازي صوت امرأتين وفي الارث والأجر له حق اثنتين وأن تلك التي لا تنجب ذكرا منقوصة، وأن المولودة الأنثى كالهمّ الى الممات، وأن المرأة الوحيدة معلولة، مطلقة كانت أم أرملة أم عازفة عن الارتباط.
وأن على النساء الصمت في المجالس، هذا ان وصلن الى المجالس ولم يكن عليهن التزام المطبخ أو الممر الخلفي، الى الذين يعتقدون أن المرأة يجب أن تلتزم حدودها في الذكاء وفي النجاح والا فهي تتحدى قواعد فرضتها الثقافة المجتمعية والدين والسلطة، كل ذلك أولا، وصولا لهؤلاء الذين يعتبرون المرأة أداة للنيل من الآخر (من شرفه) وبالتالي يفرض كل منهم قيودا لحماية نفسه أولا بحماية هذا المفهوم وان اختلت القيود يبيح لنفسه القتل وتسمى زورا جريمة شرف. لا انفصال بين ما سبق ولا علاج لواحد دون المئة مسبب المتعلقة به.
يجدر إذا البدء من الأصل، كيف اجتمعت كل العوامل الداعية لكره المرأة، في هذا المجتمع الذكوري، مع اعتبار انها شرف مشترك مع المجتمع الكاره لها، على اعتبار الشرف مفهوم إيجابي نراه يتحول سريعا لعبىء على حامله، حماية هذا الشرف المتعلق بشخص آخر، بكل فرديته الجسدية والنفسية والفكرية، عبىء يتمنى التحرر منه سريعا فلا يتاح لأحد النيل منه عبره وهنا تكون الخيارات قليلة، تصل لجريمة القتل بأقصى الحالات.
لا بد اذا من معالجة المجموعة لا الفرد ومعالجة الأسباب لا النتائج، بفك وهم ارتباط لا أساس له، واعادة الشكل الطبيعي للعلاقة بين الأفراد على اعتبار كل منهم فرد كامل مستقل بنفسه وأعماله وحياته، لا بد إذا من نقد ونقض واضح لكل موروث ديني واجتماعي يحمل ويروج لغير ذلك ويقيد الأفراد بأوهام.
لا بد ببساطة من اعادة أنسنة المجتمع عبر اعادة ربط النفوس بوعيها الإنساني علّنا نحررهم من قيد الضعفاء.
الكاتبة : د. سميرة مبيض _ نواة سوريا