أفادت صحيفة “زود دويتشه” أن المحكمة الإقليمية العليا في مدينة كوبلنز الألمانية، قررت تمديد محاكمة العقيد السابق في قوات النظام أنور رسلان والضابط إياد الغريب عاماً آخر
وأضافت الصحيفة، أن تعقيدات القضية وكثرة الشهود الذين جاء بعضهم من بلدان أخرى غير ألمانيا التي تجري المحاكمة على أراضيها دفعت بالمحكمة إلى التمديد.
يذكر أن العقيد أنور رسلان متهم بتعذيب 4 آلاف معتقل قتل منهم 58 تحت التعذيب، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية والاغتصاب، وذلك في الفترة الممتدة بين نيسان 2011 وأيلول 2012، عندما كان رئيسا لفرع التحقيق في فرع الخطيب الأمني بدمشق.
وفي 27 آيار/ مايو أدلى المتهم إياد غريب في الجلسة السابعة، بمعلومات عن فرع الأمن الداخلي251 وفرع الأربعين، وأكد عمليات قتل المعتقلين تحت التعذيب في فرع الخطيب، والتي ادعى أنه لم يشارك فيها بشكل شخصي بل كان ملزماً باعتقال المتظاهرين. كما قدّم معلومات مفصَّلة عن حافظ مخلوف رئيس فرع الأربعين.
و ذكر إياد بدايةً في التحقيق حادثة إطلاق النار على المتظاهرين في مدينة دوما، قرب الجامع الكبير، والتي كانت بين الشهرين التاسع والعاشر من عام 2011، (وأغلب الظن أنّه كان يقصد مظاهرة الموت ولا المذلة والتي كانت بتاريخ 02.09.2011)، وكان ذلك بأمر مباشر من حافظ مخلوف، الذي وجد هناك، وقال بعد أن أخرج سلاحه: “من يحب الرئيس فليبدأ بإطلاق النار”، وبدأ بنفسه، وكما يقول إياد فقد أفرغ مخزناً كاملاً وأدّى ذلك لقتل خمسة أشخاص على الفور، تبعه بإطلاق النار، سبعة من عساكره، ويؤكد إياد أنهم جميعاً كانوا علويين، وذكر بينهم اسماً واحداً فقط يعرفه، وهو “زيدون بركات”. أما من تم اعتقالهم بعد هذه الحادثة فقد تم ضربهم أثناء نقلهم، الأمر الذي يؤكد إياد أنّه لم يشارك به، ولم يشارك أيضاً بإطلاق النار.
كان إياد مسؤولاً عن أحد حواجز التفتيش العسكرية بداية الثورة في مدينة دوما، وكانت مهمتهم اعتقال الناس من الحاجز، حيث وصل عدد الاعتقالات يومياً لمئة شخص من كل مئتين أو ثلاثمئة شخص. بعد أن استلم الجيش مدينة دوما تم تحويل إياد لفرع المداهمات، وكانت مهمته تنحصر في مناطق المظاهرات، مثل القابون وداريا وحرستا. وأيضاً تحدّث عن عمله كمخبر لصالح فرع الخطيب حيث كان يعمل تحت إمرة كمال أحمد، وهو مسؤول القسم الديني في فرع الخطيب، وكانت مهمة إياد الدخول إلى المساجد ومراقبة الأئمة والخُطَب وكتابة التقارير عن أي شيء يقال وأي شخص ضد الدولة.
انتقل بعدها إياد لوصف فرع الخطيب كبناء، والذي يتضمن القبو وهو مكان وجود السجن ومن ثم الطابق الأرضي وهو مكان وجود مكاتب التحقيق والأرشيف، وأخيراً، الطابق الأول مكان وجود مكاتب القيادة، كما قام برسم توضيحي للفرع تم عرضه على شاشة عرض في قاعة المحكمة.
تحدّث إياد في التحقيق كما ذكر المحقق عن أصوات التعذيب “التي كان من الطبيعي جداً سماعها وأحياناً تصل للمقهى الذي يقع مقابل الفرع”، موضحاً أيضاً أساليب التعذيب التي تم استخدامها في فرع الخطيب في تلك الأثناء، ومنها الدولاب والفلقة والشبح والكرسي الألماني، كما ذكر أنّه وقبل عام 2011، تم استخدام الماء المغلي لتعذيب المعتقلين في فرع الخطيب. وذكر أيضاً أنّ الفرع معدّ ليتّسع 100 معتقل، ولكن في تلك الفترة وصل عدد المعتقلين للأربعمائة.
وأكّد إياد، بحسب معرفته، أنّه وفي شهر خمسة فقط، عام 2011، تم نقل عشر جثث من فرع الخطيب للدفن، ويؤكد أنه كان هناك حالات قتل تحت التعذيب كثيرة، وأولئك الذين كان يظهر على جثثهم آثار التعذيب، كان يتم نقلهم فوراً إلى مقبرة نجها لدفنهم مباشرة بمقابر جماعية، بينما أولئك الذين لا تبدو عليهم آثار التعذيب، كان يتم نقل جثثهم إلى مشفى المجتهد. يذكر إياد أنّه رأى جثتين بعينه، إحداها كانت لرجل تم إخراجه أمامه من الفرع، والآخر لرجل كان معتقلاً، وفي أثناء نزوله من الباص أمام الفرع حين تم اقتياده إليه تم ضربه على رأسه بعصا، فوقع ميتاً على الفور، كما ذكر أنّ عمليات نقل الجثث من الفرع لا تتم إلا ليلاً. تحدّث إياد أيضاً أنّ التعذيب مسموح بحسب قانون العقوبات السوري، وأنّ كل عنصر أمني يحق له قتل شخص على الأقل دون أن تتم محاسبته، وتحدث أيضاً عن التمثيليات التي قام بها عساكر الفرع 251 على أنّهم مصابون وذهابهم لمشفى المجتهد ليظهر أنّ المتظاهرين مسلحين، وقاموا بإطلاق النار عليهم، وهو أمر غير صحيح، وإنما كان عبارة عن عملية تمثيلية فقط كما أكّد إياد.
أما عن أنور رسلان، فقد أكّد إياد على دوره كرئيس لقسم التحقيق في فرع الخطيب، ولكنه قال إنّه لم يكن يملك قدرة معاقبة الضباط الذين يقومون بعمليات تعذيب المعتقلين لأنه كان ضابطاً سُنِّياً.
ومن بين المعلومات التي أدلى بها أيضاً إياد، كانت معلومات عن منشقين موجودين بأوروبا من بينهم عماد الهلال الموجود في مدينة شتوتغارت الألمانية، وهو منشق عن الفرع 251، وأحد أقارب إياد ويدعى تميم الجمعة، منشق عن الفرع 295 أو مايعرف بفرع المداهمة (وهو الفرع الذي يتم نقل المنشقين إليه لسهولة تصفيتهم هناك كما ذكر إياد) ومتواجد باليونان. وكان تميم قد أخبر إياد سابقاً عن السيارة التي كانت مسؤولة عن تفجير مبنى إدارة المخابرات العامة عام 2011، قبل قدوم وفد المراقبين التابعين لجامعة الدول العربية إلى دمشق، وكيف تم إصلاحها داخل الفرع 295، وأنّه قبل التفجير تم إفراغ قسم كامل من الفرع مكان التفجير بإشارة واضحة منه إلى ترتيب عملية التفجير لإظهار وجود إرهاب في سوريا أمام البعثة.
كما تمّ التطرّق في التحقيق لعمل قيصر في توثيق جثث الضحايا، وأقرّ إياد بأنّ هذا الإجراء كان متبعاً من قبل النظام _أي عملية تصوير وتوثيق الجثث_ ولكنه لا يعرف قيصر بشكل شخصي، كما تم عرض إحدى صور قيصر على شاشة العرض تتبع بحسب الأرقام الموجودة على الضحية لفرع الخطيب.
انتهى التحقيق مع إياد، والذي تناول فترة وجوده ضمن هذه الأفرع التي تنقل بينها كثيراً، بين العامين 2010 و2011، وانشق عن النظام في الشهر الأول من العام 2012.