أكدت المحكمة الدولية الخاصة بملف اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري أن “لا دليل على ضلوع قيادة حزب الله أو نظام الأسد في عملية اغتيال رفيق الحريري في بيروت التي تمت في العام 2005”.
لكن المحكمة ذاتها قالت إن المتهم الرئيسي بالعملية سليم عياش “كان عضوا سابقا في حزب الله واستخدم هاتفا محمولا كان محوريا في التحضير للهجوم”.
وأضافت المحكمة أنها اعتمدت على “اتصالات الهواتف الخلوية للوصول إلى المتهمين بالاغتيال، وأن غرفة الدرجة الاولى تشتبه أن لنظام الأسد وحزب الله مصلحة باغتيال الحريري لكن دون وجود دليل مباشر”.
ولفتت المحكمة إلى أنها “ستصدر أحكاما بشأن إدانة المتهمين من عدمه، فيما ستكون العقوبات في جلسة لاحقة منفصلة”.
وقالت في جلستها التي عقدتها، الثلاثاء، في لاهاي، إن عملية اغتيال الحريري “عملية إرهابية تم تنفيذها لأهداف سياسية وإنه لا يمكن تجاهل هذه الخلفية التي وفرت دافعا لارتكابها”.
وكان لافتا إشارة المحكمة إلى ما أسمته “العبث الذي تم بمسرح الجريمة من قبل الأمن اللبناني الذي أزال أدلة مهمة من موقع التفجير، مع تعذر فهم السبب وراء ذلك”.
وكشفت المحكمة أن الشاحنة التي نفذ فيها الهجوم “سرقت من اليابان وبيعت في مدينة طرابلس اللبنانية، وأن انتحاريا نفذ الهجوم لكنه ليس الفلسطيني أحمد أبو عدس كما قيل ونشر”.
وتتهم المحكمة عياش (56 عاما)، الذي قالت إنه مسؤول عسكري في حزب الله، بقيادة الفريق المنفذ للعملية.
ويحاكم كل من عنيسي (46 عاما) وصبرا (43 عاما) بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف بثته قناة “الجزيرة” يدعي المسؤولية باسم جماعة وهمية. ووُجهت لمرعي (54 عاماً) اتهامات بالتورط في العملية.
ويواجه المتهمون، في حال تمت إدانتهم، احتمال السجن المؤبد. وسيُتلى حكم العقوبة في جلسة علنية منفصلة عن جلسة النطق بالحكم.
وأوضح متحدث باسم المحكمة أنه “إذا كان الشخص المدان طليقا وغير حاضر عند تلاوة الحكم والعقوبة، تصدر غرفة الدرجة الأولى مذكرة توقيف بحقه”.
ويحق للادعاء والمدان استئناف الحكم أو العقوبة، وفي حال توقيف أحد المتهمين يجوز له أن يطلب إعادة محاكمته.
ولا يعني النطق بالحكم او العقوبة انتهاء عمل المحكمة، كونها فتحت قضية أخرى العام الماضي موجهة تهمتي “الإرهاب والقتل” لعياش في ثلاث اعتداءات أخرى استهدفت سياسيين بين العامين 2004 و2005.
في السياق دعا الرئيس اللبناني ميشال عون، إلى القبول بأي قرار يصدر عن المحكمة، منتقدا في الوقت ذاته بطء إجراءاتها.
جاء ذلك في مقابلة أجراها الثلاثاء، مع صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية، بالتزامن مع جلسة النطق بالحكم في قضية الاغتيال.
وقال عون: “علينا تقبل ما سيصدر عن المحكمة الدولية، ولو أن العدالة المتأخرة ليست بعدالة”.
وأضاف: “جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، أثرت كثيرا على حياة اللبنانيين ومسار الأحداث في لبنان”.
وكانت المحكمة التي تتخذ من لايدشندام قرب لاهاي مقرا لها، أعلنت إثر الكارثة التي تسببت بسقوط ما لا يقل عن 177 قتيلا وأكثر من 6500 جريح، إرجاء إصدار حكمها الذي كان مقررا صدوره في السابع من آب/أغسطس “احتراما للعدد الكبير من الضحايا”.
وأعرب سعد الحريري في بيان أصدره أواخر تموز/يوليو عن أمله في أن يكون صدور الحكم “يوما للحقيقة والعدالة من أجل لبنان”.
وتستند المحكمة الى القانون الجنائي اللبناني، وهي “الأولى من نوعها في تناول الإرهاب كجريمة قائمة بذاتها”، وكلفت منذ تأسيسها 600 مليون دولار، دفع لبنان الغارق في أزمة اقتصادية، جزءا منها.
وتعرضت المحكمة لانتقادات حيال مصداقيتها من بعض الأطراف، لا سيما أن الخلاصات التي توصلت اليها تستند بشكل أساسي على تسجيلات هواتف خلوية، في الوقت الذي رفض فيه حزب الله تسليم المتهمين، والذي طالما نفى الاتهامات مؤكدا عدم اعترافه بالمحكمة التي يعتبرها “مسيسة”.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصرلله الجمعة إن حزبه سيتعامل مع القرار الذي ستصدره المحكمة الدولية بحق المتهمين الأربعة من عناصره “وكأنه لم يصدر”.
وبسبب وباء كوفيد-19، أعلنت المحكمة أن الحكم “سيتلى من قاعة المحكمة مع مشاركة جزئية عبر الإنترنت”.
وفي 14 شباط/فبراير العام 2005، قتل الحريري مع 21 شخصا وأصيب 226 آخرون بجروح في انفجار استهدف موكبه مقابل فندق سان جورج العريق في وسط بيروت.
وباستثناء مصطفى بدر الدين، القائد العسكري السابق لحزب الله والذي قتل في سوريا عام 2016، تقتصر المعلومات عن المتهمين الأربعة الآخرين على ما قدمته المحكمة الدولية، ولا يعرف شيء عن مكان وجودهم.
وأسندت للمتهمين الأربعة سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا اتهامات عدة أبرزها “المشاركة في مؤامرة لارتكاب عمل إرهابي، والقتل عمداً، ومحاولة القتل عمداً”.
وكان بدر الدين المتهم الرئيسي في القضية وكان يعتبر “العقل المدبر” للاغتيال،
لكن المحكمة توقفت عن ملاحقته بعد تأكد مقتله.
وأكد سياسيون ومقربون من سعد الحريري خلال الساعات الأخيرة أن الأخير طلب من أنصاره في لبنان التزام الهدوء مهما كان مضمون الحكم، مشددا على أهمية حفظ الاستقرار الأمني في لبنان.
المصدر: الجسر