ما رأيك عزيزي القارئ، أن ألعب وإياك لعبة، إن فزت أنت بها أتوقف عن الكتابة أنا لمدة عام، وأما إن فزت أنا عليك ومررت أحجيتي من دون أن تكشف كهنها وكنهها، فسأسامحك ابتغاء مرضاة الله.
موافق، هاك لعبتي عبر هذا التساؤل: انتخابات تتدخل فيها دول، إقليمية بنسب علانية ودولية بأسماء محددة، جرت الشهر الفائت بأجواء متوترة ومشحونة “بحسب وصف القائمين عليها” ومقاطعة أطراف فاعلة وتم تأجيل البت فيها، لكن المتوترين والمقاطعين لم يحضروا، ولكن نظراً لأهمية الانتخابات وضرورة تسمية الرئيس، تمت العملية الديمقراطية ووصل سيادته لمنصبه.
سؤالي، من هي الدولة أو الجهة وما اسم الرئيس؟!
صعبة أليست كذلك، إذاً سأسامحك وأحكي لك القصة باختصار.
فاز رئيس الائتلاف السابق، أنس العبدة، بمنصب رئيس هيئة التفاوض السورية، بديلاً عن رئيس هيئة التفاوض السابق نصر الحريري الذي فاز بدوره قبل يومين بمنصب رئيس هيئة التفاوض بديلاً عن رئيس الائتلاف السابق أنس العبدة.
أيضاً صعبة ولم تفهمها؟! غريب رغم أنها سهلة ومتداولة بسورية الأسد منذ عقود.
القصة يا قارئنا المحترم، أن السيد أنس العبدة ملّ رئاسة الائتلاف، فالرجل جربها أكثر من مرة، ووجد أن إمكاناته وتخصصه وعلاقاته، إنما تفيد سوريا والثورة والمستقبل، فيما لو كان رئيساً لهيئة التفاوض وليس رئيساً للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة.
ويبدو أن السيد نصر الحريري الذي جرّب رئاسة هيئة التفاوض التي انشقت على عهده بين منصات الأطراف الإقليمية الراعية والممولة، ولم يحظ من الائتلاف يوماً، وعلى مدى سنوات، سوى بعضو بالهيئة السياسية ونائب الرئيس، رأى أو ارتأت العملية الديمقراطية، أن يجرّب منصف الرئيس، علّ الفرج والتفعيل والفاعلية، تكون على يده.
إياك عزيزي القارئ ثم إياك، أن تسأل، ألا يوجد بالمعارضة السورية سوى الحريري والعبدة، ليتبادلا أدوار رئاسة أكبر مؤسستين معارضتين، خاصة أنهما حاولا ولم ينجحا؟!
لأن إجابتنا على سؤالك، قد توقعنا بكارثة كشف أسرار واستراتيجية التعاطي السياسي مع الأعداء، لذا، فكّر وخمّن كما تريد وتشاء، ولكن لن نقع بفخ الاستدراج أو الاستفزاز ونفشي لك سر أخطر خطة نعتمدها لنيل السوريين حريتهم وكرامتهم، بل وطرائق إسقاط الأسد وإجلاء المحتلين.
لأن السوريين أجمعوا واتفقوا وانتخبوا وإلى أبد الثورة، أن الخلاص لا ولم ولن ولا يمكن أن يأتي، إلا على أيدي هؤلاء، وما يقال وتسمعه وتروّج له الأطراف المعادية المحسوبة على الثورة، هو محض غيرة وكيدية وافتراء، ليس إلا.
وسنعطيك مؤشراً، قارن خلاله على أقل من مهلك، لتعرف من المصيب والاستراتيجي، ومن الأرعن الانفعالي الذي يفتقر للحكمة والسياسة وربما للوطنية.
ومؤشرنا يا قارئنا هو: لننتظر فقط خمسين سنة، وهي عمر نظام الأسد ولا نزيد عليها، وبعد انقضاء هذه البرهة، وقتها نتقابل ونحكي لك وللمغرضين، أسباب تمسكنا بالسادة الرؤساء.
نهاية القول: نعي تماماً ضرورة وجود أجساد وكيانات للمعارضة، ونثق أن تلاشيها سيزيد من تكالب الممثلين وتدخلهم، إقليميين كانوا أم دوليين، ولكن نتمنى على سياسي الغفلة سراق حلم السوريين أن يعوا مثلنا، أن هؤلاء الوجوه ليسوا هم ضالة السوريين، بل ويثقون أن هاتيك الكيانات والأجساد، ولا أقول مؤسسات، لم تك الثورة والسوريون هي بوصلتها منذ تأسيسها برعايات وتدخلات وتمويل وفرض خارجي.
بل، إن طول الزمن وكثرة التدخلات وخروج روائح المحاصصة والتبعية وربما أكثر، أخرج تلك التنظيمات، عن دورها التمثيلي للثورة وتمسكها بمطالب وهواجس السوريين، وأوقعها بأفخاخ التبعية والتناحر وزيادة انقسام السوريين.
ولكن، أعتقد الحكمة والمرحلة وما آلت إليه الثورة، تتطلب جميعها، الاستمرار بوجود تمثيل للسوريين، ولكن ليس على النحو السابق، من كيانات غائية ترهن قرار السوريين للممول والحاضن، وتسعى للخلاف وتصفية الحسابات ونطق كل منصة بمن نص على تسميتها.
تمثيل جديد لا يترك الساحة ومصير السوريين للمراهقين وجوعى المال ومرضى المناصب، تمثيل يتأتى عبر مؤتمر سوري وطني عام، يفرز رئاسة وهيئات ومكاتب، وبالتخصصات جميعها، مؤتمر تحضره الكفاءات السورية، فيوصّف واقع الحال ويضع استراتيجية للخروج من المآزق وانسداد الأفق، مؤتمر يرى العالم بمن يحضره وجدول أعماله، أن ثمة سوريين وحتى اليوم، يتصفون بالوطنية والكفاءة ويلعبون بالسياسة، مؤتمر أقرب للـ”داتا” يكون مقدمة لرجالات سوريا المستقبل فيما لو حدث طارئ واحتاجت سوريا للرجال.
الكاتب: عدنان عبد الرزاق / زمان الوصل