تَقدَّمَ فريقٌ يعمل ضمن المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، بالتشارك مع منظمة «أورنمو للعدالة وحقوق الإنسان» و«شبكة المرأة السورية»، بدعوى جنائية إلى المدعي العام الاتحادي في ألمانيا تطالب بمحاكمة العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي في سوريا كجريمة ضد الإنسانية.
وقد عملت كل من الحقوقية السورية جمانة سيف وزميلتها ألكسندرا ليلي كاثر Alexandra Lily Kather على تقديم هذه الدعوى، والقيام بالإجراءات والتحقيقات الضرورية من خلال عملهنّ ضمن المركز الأوروبي.
تفاصيل مرحلة ماقبل رفع الدعوى
قالت سيف في حديث لموقع ا”لجمهورية نت”: “باشرنا بعملية مسحٍ لكل التقارير الصادرة عن الهيئات الأممية والمنظمات الحقوقية الدولية والحقوقية السورية، وكل ما كُتب وما سُجّل من شهادات، لنستطيع صياغة خريطة لهذه الجرائم التي ارتُكبت في سوريا. كان الهاجس الأساسي هو كيف يمكننا أن نبني ملفاً قضائياً تشارك فيه النساء، وتتحدثنَ عن هذه الجرائم ضمن بيئة داعمة وآمنة لهن.
من أجل ذلك أقمنا عدداً من النشاطات واللقاءات، وقد عقدنا ورشة عمل في ECCHR دعونا إليها منظمات لديها مشاريع مع النساء والناجيات والناجين من العنف الجنسي، وحاولنا معرفة الطرق التي يمكننا من خلالها حماية الناجيات والناجين وتغيير الأفكار الاجتماعية التي تَصِمُ هؤلاء الناجين، وتساهم في إبعادهم وزيادة معاناتهم.
الهدف من رفع الدعوى
أشارت سيف إلى أن الهدف هو لأننا وجدنا كحقوقيات سوريات، أن جرائم العنف الجنسي والجرائم القائمة على النوع الاجتماعي لم تُدرَج ضمن ملفات التقاضي، باعتبارها جرائم منفصلة وممنهجة، فقد تقدمنا بهذه الدعوى من أجل أن يتم إعادة التحقيق وإدراج تلك الجرائم بشكل منفصل ضمن ملفات التقاضي.
وتابعت: “النظام يراهن على أنّه عادة لا يجري الإبلاغ عن تلك الجرائم، لأنها مرتبطة بالوصم بالعار ومرتبطة بمشاكل اجتماعية، ما يعني أنّه لن تكون هناك أي ملاحقة قانونية عليها مستقبلاً، لذلك ارتكبت تلك الفظائع على نطاق واسع”.
وأضافت سيف: “سيكون من الإجحاف عدم الاعتراف بتلك الجرائم ورد الاعتبار للضحايا وإنصافهم، لأنّ هذا الاعتراف يضمن مستقبلاً للضحايا الحصول على الحماية والدعم النفسي والاقتصادي الذي يستحقونه، والوصول إلى التقاضي والعدالة الجنائية”.
تفاصيل الدعوى
تم تقديم الدعوى باسم سبعة من ضحايا العنف الجنسي أو الشهود عليه خلال فترة اعتقالهم، من بينهم أربع معتقلات كنّ محتجزات في منشآت تابعة للمخابرات الجوية. والجرائم هي الاغتصاب والتهديد بالاغتصاب والتعرية القسرية، والتحرش الجنسي والإجهاض القسري، والصدمات الكهربائية على المناطق الحساسة، بغية إلحاق تشوهات وإعاقات جنسية مستقبلية، وهذا أسلوب اتبعه النظام بشكل واسع النطاق.
وأوضحت سيف أن الدعوى مبنية على دعوى سابقة قُدمت في شهر تشرين الأول (نوفمبر) عام 2017 ضد جميل الحسن ومجموعة من الرتب العالية في المخابرات الجوية، وهم مسؤولون بشكل مباشر عن إعطاء الأوامر.
وبالإضافة للشهادات وبعض الوثائق، تحدثت سيف عن إرفاق 39 تقرير طبي وشهادة بالتعاون مع منظمة محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان (LDHR)، وهي شهادات حقوقية أنجزت وفق بروتوكول إسطنبول. كما قمنا بتحليل لصور قيصر بالتعاون مع مسؤول الملف، لتحليل الجرائم الجنسية التي تتوافر أدلة عليها ضمن الصور المنشورة، واستشهدنا بالتقارير الدولية مثل تقرير لجنة التحقيق الدولية المحايدة COI لإثبات كل الحيثيات التي وضعناها في الدعوى.
وختمت بالقول: “نشهد اليوم زيادة واضحة في تفاعل النساء معنا كمنظمات حقوقية، فقد أصبحنَ هنَّ من يتواصلنَ معنا لتسجيل شهادتهنّ، ومن أجل دعم ملف المحاسبة والتقاضي. هناك إيمان لدينا بأنّ هذه الجهود ستساهم على الأقل في إبقاء هذا الملف مطروحاً، وإثبات تلك الجرائم من خلال إجراءات قضائية، وضمن وثائق المحاكم”.
الدعوى مبنية على دعوى سابقة قُدمت في شهر تشرين الأول (نوفمبر) عام 2017 ضد جميل الحسن ومجموعة من الرتب العالية في المخابرات الجوية، وهم مسؤولون بشكل مباشر عن إعطاء الأوامر.
وبالإضافة للشهادات وبعض الوثائق، أرفقنا 39 تقرير طبي وشهادة بالتعاون مع منظمة محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان (LDHR)، وهي شهادات حقوقية أنجزت وفق بروتوكول إسطنبول. كما قمنا بتحليل لصور قيصر بالتعاون مع مسؤول الملف، لتحليل الجرائم الجنسية التي تتوافر أدلة عليها ضمن الصور المنشورة، واستشهدنا بالتقارير الدولية مثل تقرير لجنة التحقيق الدولية المحايدة COI لإثبات كل الحيثيات التي وضعناها في الدعوى.
مل أن تكون هذه بداية لمشاركة نسائية أوسع. أقول آمل، لأننا ما زلنا نشهد عقبات عديدة، فمثلاً صدف أن هناك نساء كنّ يرغبن بلعب دور أكثر فاعلية في هذا المسار، إلا أنّ وجود جزء من عائلتهنّ ضمن مناطق النظام في سوريا منعهنَّ من ذلك.
في السنوات الثلاثة الأخيرة كان هناك فرق واضح وملموس بالنسبة لزيادة دور النساء في مسار العدالة والمحاسبة، ونشهد اليوم زيادة واضحة في تفاعل النساء معنا كمنظمات حقوقية، فقد أصبحنَ هنَّ من يتواصلنَ معنا لتسجيل شهادتهنّ، ومن أجل دعم ملف المحاسبة والتقاضي. هناك إيمان لدينا بأنّ هذه الجهود ستساهم على الأقل في إبقاء هذا الملف مطروحاً، وإثبات تلك الجرائم من خلال إجراءات قضائية، وضمن وثائق المحاكم.
وأظن أنّ الحركة سيكون لها مستقبل مهم جداً على صعيد دعم المشاركة النسوية، وعلى صعيد تمكين النساء، وهم أمر نلمُسه كعضوات في الحركة بشكل شخصي.
تقيم الحركة بشكل دائم جلسات تشاورية حول الرؤي النسوية لعدد من القضايا، مثل العودة الكريمة للاجئين وموضوع إعادة الإعمار والكثير من القضايا الأخرى، وهذا يحدث دائماً بالتشاور مع مجموعات كبيرة من النساء في الداخل، وصل عددهنّ مؤخراً إلى العشرات. وقد انعكس ذلك على كلمات عضوات الحركة الأربع اللواتي تحدثن خلال مناقشات مؤتمر بروكسل لدعم سوريا الذي عقد مؤخراً، فقد كانت كلمات زميلاتنا اللواتي كُنَّ يمثلنَ عدداً من منظمات المجتمع المدني نتيجةَ جهود ونقاشات موسعة بيننا ضمن الحركة.