“ما هو قانون قيصر؟”، و”ماذا سينتج عن عقوباته؟”، و”هل سيسقط النظام السوري بفعل القانون؟”، و”ما مصير المدنيين؟”.. ربما هذه من أكثر الكلمات التي استخدمها السوريون أو المهتمون بالشأن السوري منذ بدء الحديث عن قانون حماية المدنيين المعروف بقانون “قيصر”، وصولا إلى تنفيذه اليوم.
قانون “قيصر” نتاج لحظة صدمة شهدتها العوائل السورية عام 2014 حين كشف مصور منشق عن الشرطة العسكرية السورية عن صور 11 ألف شخص ماتوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، التقطت صور غالبيتهم في المشفى 601.
سجين سابق في مشفى المزة العسكري
“عزرائيل بالمشفى كان شخصا حقيقيا.. إذا غضب كان يقتل من يشاء”.. منير الفقير شاهد حي على صور قيصر، وهو المعتقل السابق في مشفى المزة العسكري أو “مشفى 601″، يستحضر جانبا من الصور التي كان يعيشها يومياً مع رفاقه من المعتقلين.
يقول منير الفقير إن “غضب عزرائيل كان أحد طرق موت المعتقلين، وكان هناك أناس يموتون بسبب الإهمال الطبي، وآخرون كانوا يصلون من فروع الأمن على آخر رمق”.
منير الذي خرج من المشفى قبل تسريب قيصر لصوره، يحكي أنه عندما نقل لعوائل الضحايا ممن عرف أسماءهم ما شاهده لم يصدقه أحد، فالحمامات والممرات كانت مكانا للقتل الجماعي، وكانوا يجبرون -وفق قوله- على المشي فوق جثث أصدقائهم.
ويروي أنه شاهد “نبيل الأحمر عندما أتي به وخرجت روحه على باب القسم الذي كنا موجودين فيه بالمشفى ثم أخذوه على الحمام”، فدورات المياه -وفق منير- كانت المكان الذي يتم فيه تجميع أجساد الموتى قبل نقلهم إلى موقف السيارات الذي التقط فيه قيصر الكثير من صوره للمتوفين تحت التعذيب.
خرج ليستنشق الهواء فعاد مع صور قيصر
“في بداية الربيع كنا بمزرعة، ومختار كان يشتكي من ربو ويحتاج أن يستنشق الهواء، فخرج وقال إنه يريد شراء أغراض، لكنه لم يرجع”.. هكذا تروي إيمان الوعر من مدينة حمص للجزيرة نت قصة شقيقها الذي فقد أثره بعد خروجه من المنزل في أبريل/نيسان 2012. وتصف إيمان بحثهم اليومي عن إجابة حول مصير مختار لكن بدون جدوى، مشيرة إلى أنهم انتظروا أي صفقة تبادل بين المعارضة والنظام وحاولوا استخدام كل الأدوات للوصول إلى أخيهم، غير أن الإجابة جاءت في العام 2014.
” أختي بلبنان تواصلت معي وقالت لي انظري إلى هذه الصورة أليست صورة مختار؟ لم أصدق”، أخفت إيمان معرفتها بالمصير الذي لاقاه مختار عن أمها خوفاً عليها، وأبقت الخبر حبيسا في داخلها، ولكن بعد عام تقريباً أبلغتهم بما جرى لمختار.
تقول “لا أستطيع أن أصدق كيف قتلوه.. مختار لم يؤذ أحدا في حياته”.
إيمان وعائلتها شأنهما كشأن عوائل آلاف الضحايا الذين كشفت صور قيصر مصيرهم، وعوائل الآخرين ممن لم يُعرف مصيرهم، يتمنون محاسبة من قتل مختار وغيره ممن قضوا تحت التعذيب.
خط مواز لقانون قيصر
الدكتور شادي جنيد عضو “الجمعية السورية للمفقودين ومعتقلي الرأي” ومن أوائل العاملين على ملف قيصر، يعتبر أن هناك خطا موازيا وضروريا، وبدونه لا قيمة لقانون “قيصر”، وهو تحقيق العدالة.
وفي هذا الإطار، يقول جنيد في حديثه للجزيرة نت إن “شقيقة أحد الضحايا الذين ظهروا في صور قيصر، رفعت دعوى في المحاكم الإسبانية على مسؤولين في النظام السوري”.
ويضيف أن وزير الخارجية الفرنسي الحالي أيضا كان ممن رفع دعوى انتهاك حقوق الإنسان في المحاكم الفرنسية بعد اطلاعه على صور قيصر.
ويختم الدكتور جنيد حديثه بأن “صور قيصر كانت أدلة حية على إجرام النظام.. صحيح أن القانون تأخر كثيراً، ولكن لا بد من اكتمال العدالة بمحاكمة كل المجرمين وعلى رأسهم بشار الأسد”.
المصدر : الجزيرة