اشتمل خطاب الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، الأربعاء، على خطة طريق جديدة فرضتها المستجدات السياسية والعسكرية الأخيرة في محافظة إدلب وشمال غرب سوريا عموماً. وطرحت تصريحاته العديد من الافتراضات والتحليلات المرتبطة بمستقبل المنطقة.
المحلل السياسي “حمد شهاب الطلاع ” يفنّد لـ “سيريا برس” أبعاد ما تضمنه خطاب الرئيس التركي فيقول:
لا شك بأن كلمة الرئيس التركي “أردوغان” تفيد بوجود مرحلة جديدة ستشهدها ساحة الصراع في سوريا، مختلفة عن المراحل السابقة التي تميزت بصراعات سياسية وعسكرية دولية ومحلية، كانت تدور في حلقة مفرغة دون ملامح لتحقيق أي هدف لأي طرف من الأطراف المتصارعة، باستثناء أهداف الطرف الحاضر الغائب في المشهد، وأقصد “إسرائيل”.
فقد تحقق لإسرائيل الهدف المطلوب المتمثّل بتدمير الكتلة الشعبية “السنيّة” والتي تشكل العمود الفقري للمجتمع السوري، ووحدها من تملك مشكلة حقيقية مع الكيان الصهيوني. كما تم إدخال جميع الدول الإقليمية في دوامة صراع ناتجة عن تضارب المواقف في سورية، وبالتالي غدت “إسرائيل” خارج دائرة الاستهداف التقليدية.
وانطلاقًا من هذا الوضع جاءت كلمة “أردوغان” اليوم واضحة بأن المعركة في سوريا هي معركة المصير المشترك بين الشعبين التركي والسوري، في إشارة واضحة إلى أن وصول المحور الروسي- الإيراني- الأسدي إلى مرحلة استعادة الشمال السوري كاملًا يعني انتهاء الوضع في سوريا إلى حالة انتصار نهائي لهذا المحور، وبالتالي تكريس حالة خطرة تهدد الأمن القومي التركي على حدودها متمثلة بوجود عدو حقيقي قوي وهو حزب العمال الكردستاني والوجود الإيراني الذي يشكل نظام الأسد وكل الميليشيات التابعة له ذراع ضاربة تمتلك علاقات عقدية وسياسية، مع شريحة واسعة من المجتمع التركي.
تلك الأطراف مجتمعة يمكنها نقل المعركة إلى داخل تركيا وبالتالي هدم جميع البناء الذي بنته تركيا للوصول إلى عام 2023 كدولة قوية متماسكة تستطيع التقدم في مسيرة الوصول إلى قوة عالمية عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا.
والمرحلة المقبلة بالتالي مرشحة لتدخّل تركي فاعل في الداخل السوري حتى لو اضطرت لاستخدام قواتها المسلحة. وأظن التحرك التركي سيستند في المرحلة الأولى على إعادة الوضع في الشمال السوري إلى ما قبل الخطوط التي حددتها اتفاقات “سوتشي” و”آستانا”، مع إحداث وضع جديد وهو تنظيف المنطقة من جميع القوى، بما فيها قوات الأسد والميليشيات الداعمة له والتنظيمات الإسلامية المصنفة دوليًا كتنظيمات إرهابية. ومن ثم إدارة المنطقة بقوات تركية روسية مشتركة مع شرط تركي غير قابل للنقاش؛ وهو إعادة المهجرين السوريين إلى بلداتهم.
هذه المرحلة ستمهد لمراحل لاحقة تتمثل بدخول أمريكا المباشر على خط إنهاء الوضع في سوريا، من خلال تطبيق القرار الأممي 2254 القاضي بإنجاز عملية انتقال سياسي بدون بشار الأسد. وبذلك تكون أمريكا قد حققت هدفها بإخراج الروسي خالي الوفاض من المنطقة بعد أن استخدمته طيلة هذه المدة لأجل تحقيق الأهداف الإسرائيلية التي ذكرناها سابقًا.
ولذلك نرى اليوم موقفا حازمًا من قبل أمريكا والناتو مساندًا لتركيا في المواجهة الجارية الآن، والتي ربما تتطور لاحقًا إذا بقيت روسيا مصممة على إعادة جميع الأراضي السورية لنظام الأسد.