قالت مصادر في الشرطة وأخرى طبية إن قوات الأمن العراقية أطلقت الرصاص والغاز المسيل للدموع يوم السبت أثناء مداهمتها لمخيمات المعتصمين في العاصمة بغداد ومدينتي البصرة والناصرية في جنوب البلاد ، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة عشرات , وجاءت محاولة فض الاعتصامات بعد ساعات من إعلان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ، أنه سيتوقف عن المشاركة في المظاهرات المناهضة للحكومة , وبدأ أنصار الصدر في مغادرة مخيمات الاعتصام خلال الليل بعد إعلان الصدر. ودعم مؤيدو الصدر الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية وفي بعض الأحيان لعبوا دورا في حماية المعتصمين من هجمات قوات الأمن ومسلحين مجهولين.
وقال صحفيون من رويترز إن اشتباكات وقعت بعد أن شرعت السلطات في إزالة حواجز خرسانية قرب ساحة التحرير، حيث يعتصم المحتجون المناهضون للحكومة منذ شهور، وعلى جسر رئيسي واحد على الأقل على نهر دجلة , وفي مدينة البصرة بجنوب البلاد ، قالت مصادر أمنية إن متظاهرين عادوا إلى مقر الاعتصام الرئيسي المناهض للحكومة الذي داهمته قوات الأمن ليل الجمعة وأشعلوا إطارات وأغلقوا أحد الطرق الرئيسية. واعتقلت الشرطة ما لا يقل عن 16 متظاهرا , وذكرت مصادر أمنية وطبية أن شخصا واحدا قُتل وأصيب ما لا يقل عن 30 شخصا في الاشتباكات بين الشرطة والمحتجين قرب ساحة التحرير في بغداد.
وقالت مصادر أمنية وطبية إن ثلاثة آخرين قتلوا وأصيب 14 في مدينة الناصرية بجنوب البلاد بعدما سيطرت قوات الأمن على جسر كان يحتله المتظاهرون منذ أيام , وتستخدم قوات الأمن العراقية الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع ضد المحتجين السلميين، منذ اندلاع الاحتجاجات في بغداد في أول أكتوبر تشرين الأول. ووفقا لإحصاء رويترز، بناء على إفادات من الشرطة والمصادر الطبية ، قُتل ما يزيد على 450 شخصا في أحداث العنف , ويطالب المحتجون برحيل النخبة الحاكمة الفاسدة وإنهاء التدخل الأجنبي في الشؤون السياسية الداخلية خاصة إيران التي باتت تسيطر على مؤسسات الدولة منذ الإطاحة بصدام حسين في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
وبدت مداهمات قوات الأمن العديدة يوم السبت وكأنها محاولة من السلطات لإنهاء الاعتصامات والاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ شهور بصورة تامة , وبدأت المداهمات بعد ساعات فقط من قول الصدر إنه سينهي مشاركة أنصاره في المظاهرات المناهضة للحكومة , وأيد الصدر مطالب المحتجين بإبعاد السياسيين الفاسدين وتوفير الخدمات والوظائف بعد وقت قصير من بدء المظاهرات في أكتوبر تشرين الأول لكنه لم يصل إلى حد دعوة كل أتباعه للانضمام إليها , لكن الكثيرين من أنصاره ، الذين ينحدر غالبيتهم من أحياء فقيرة في بغداد ، شاركوا في المظاهرات , ونظم أنصار الصدر مسيرة يوم الجمعة للمطالبة بطرد القوات الأمريكية من البلاد في تحرك منفصل عن الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وتفرق المشاركون في المسيرة بعد عدة ساعات.
وكتب الصدر على تويتر في وقت متأخر من مساء الجمعة ”سأحاول أن لا أتدخل بشأنهم (المحتجين) لا بالسلب ولا بالإيجاب حتى يراعوا مصير العراق“. ولم يخض في تفاصيل , وفي البصرة ، ناشد المحتجون الصدر إعادة النظر فيما وصفوه بأنه سحب لدعم المظاهرات الشعبية. ودعوا في رسالة جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي إلى دعم من أنصار الصدر الذين يخشى المحتجون التعرض من دونهم لهجمات من قوات الأمن والميليشيات المدعومة من إيران , ويعارض الصدر كافة أشكال التدخل الأجنبي في العراق لكنه في الآونة الأخيرة أصبح أكثر قربا من إيران ، التي يهيمن حلفاؤها على مؤسسات الدولة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003
وهاجمت المظاهرات كل الجماعات والشخصيات التي كانت جزءا من نظام ما بعد 2003 بمن فيهم الصدر الذي يقود واحدا من أكبر تكتلين في البرلمان ، وهو جزء من النظام رغم اعتباره مستقلا في بعض الأحيان , وأضاف قتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني بعدا جديدا للأزمة , فقد ساهم في توحيد الفصائل الشيعية المتنافسة مؤقتا في معارضة وجود القوات الأمريكية ، في نداء يقول منتقدون إنه يهدف لتغيير تركيز الشارع وتبديد الزخم الذي اكتسبته الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي تتحدى قبضة هؤلاء السياسيين على السلطة , وأدى اشتعال التوتر بين واشنطن وطهران على الأرضي العراقية إلى انقسام المشهد السياسي العراقي وصرف انتباه قادته عن تشكيل حكومة جديدة.