تشهد سوريا نزيفاً لأرباب المشاريع الصناعية والتجارية وسط هجرة آلاف الصناعيين مؤخرا للبلاد نحو مصر وأربيل، في وقت صدُرت فيه قرارات حجز احتياطي من حكومة النظام، طالت أموال وشركات صناعيين وتجار في قطاعات متعددة، بلغ عددها نحو 2000 قرار منذ بداية العام الجاري.
وقال أحد الصناعيين السوريين، أمس الأول، إن ما يقارب 47 ألف صناعي سوري غادروا مدينتي دمشق وحلب إلى خارج سوريا، لأسباب مرتبطة بالسياسة الادية الخاطئة في سوريا.
وأشار الصناعي السوري مجد ششمان خلال حديثه لإذاعة “ميلودي” الموالية أن ما يقارب 19 ألف صناعي غادورا مدينة حلب و28 ألفا غادروا مدينة دمشق خلال الأسبوعين الماضيين.
الكهرباء وراء هجرة الصناعيين
وتابع ششمان: “ناشدنا كثيراً من أجل إعادة تأهيل البنى التحتية، وتحسين واقع الكهرباء، وتزويد حلب بكمية أكبر من الطاقة كونها العاصمة الاقتصادية للبلاد، بدلاً من تزويدها بـ200 ميغاوات فقط، إلا أنَّ كل مناشداتنا لم تلق أذناً مصغية”.
واعتبر أن واقع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات والعوامل الأخرى التي ترفع كلفة الإنتاج والصعوبة بتأهيل المعامل، كبَّدت المنتج أعباء كبيرة وأثرت في تنافسية المنتج السوري خارجياً.
الحلول معدومة
وأوضح ششمان أن “رؤوس الأموال وأصحاب المشاريع في حلب فقدوا الأمل من انتظار تحسن الأوضاع، لذا بدأ بعضهم يفكر بالمغادرة لا سيما مع توافر فرص استثمارية جيدة في أماكن أخرى كمصر وأربيل”.
ونوه ششمان إلى أن برامج دعم الفائدة التي أطلقتها حكومة النظام السوري لم تكن مفيدة حيث إن سقوف القروض القليلة والضمانات الصعبة تدفع الصناعي للتفكير بالذهاب إلى أماكن أخرى.
وعزا اختيار العديد من الصناعيين مصر كوجهة جديدة لهم أنه جاء بسبب حرية الأسواق والحركة والعمل والتصدير المفتوح إلى كل دول العالم.
ولفت إلى أن أن قرارات كثيرة صدرت في المدة الأخيرة من حكومة النظام ضيقت على الصناعيين العمل، كالقرارين 1070 و1071 اللذين عرقلا الاستيراد والتصدير، كون التعليمات غير واضحة والذي تسبب بتوقف العديد من البضائع عند الحدود، وضياع التجار من جراء هذين القرارين، إضافة إلى قرار حاكم المصرف المتعلق بإعادة قطع التصدير بنسبة 50 في المئة والذي كان مفاجئاً وأربك المستثمرين والصناعيين والتجار.
وعن الوضع في مدينة حلب بين ششمان أنه لا يزال في المدينة الصناعية 720 معملاً ولم يغلق أي واحد منها، لكن قد يتجه ملاك بعضها إلى فتح فروع أخرى في الخارج، مؤكداً أن هذه المعامل تعمل بطاقة إنتاجية من 30 إلى 40 في المئة، ما يسبب خسارة كبيرة فضلاً عن الكلفة الكبيرة المترتبة على صعوبات النقل والشحن.
المركزي السوري و العمل مع السوق السوداء
وتحدث عن أن قرار المصرف الأخير أجبر التجار والصناعيين إلى التوجه نحو عدة شركات صرافة تعمل خارج سوريا وبعضها تعمل بطريقة السوق السوداء، عن طريق أشخاص تتقاضى ثمن البضائع وتحولها بطرق غير رسمية إلى فروع في دول أخرى.
وأضاف أن هذا يمثل خطورة كبيرة على المستثمرين ومن الممكن أن يتعرضوا للملاحقة القانونية وتوقف أعمالهم في تلك الدول، كون الشركات يجب أن يكون لها مكاتب مرخصة في كل الدول.
2000 قرار حجز احتياطي
في الأثناء وفي سياق ذي صلة، أصدرت وزارة المالية، في حكومة النظام، 2000 قرار حجز احتياطي على اﻷموال المنقولة وغير المنقولة لتجار وحرفيين وشركات في دمشق خلال النصف الأول من العام 2021، لتصل قيمة الأموال التي تمت المطالبة بها عبر هذه القرارات حوالي 5.5 مليار ليرة سورية.
وأعلنت وزارة المالية السورية الحجز الاحتياطي على أموال 800 شخصا من أصحاب محطات توزيع الوقود وموزعي مادة المازوت للأعمال الزراعية ومستثمري محطات الوقود ومالكي شركات البولمان، في قضية تتعلق بفقدان كميات من المادة بقيمة 3 مليارات ليرة سورية.
كما طال الحجز الاحتياطي أعضاء المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للحرفيين بذريعة ضمان تسديد مبلغ وقدرة 142 مليون ليرة سورية مع الفوائد القانونية.
وتتهم حكومة النظام، بأنها مسؤولة عن الوضع المعيشي المتردي، وأنها تسعى بشتى الوسائل لرفد خزينة الدولة بالأموال عبر رفع أسعار المواد الأساسية وفرض ضرائب باهظة على حساب المواطنين.
ماهو الحجز الاحتياطي؟
يُعرّف الحجز الاحتياطي بأنه: “وضع مال المدين تحت يد القضاء، لمنعه من القيام بأي عمل قانوني أو مادي من شأنه أن يؤدي إلى استبعاده أو استبعاد ثماره من دائرة الضمان العام للدائن الحاجز”.
ولا يُعتبر الحجز الاحتياطي إجراءً تنفيذيًا بل وقائيًا، لأنه لا يمكن التنفيذ على المال المحجوز إلا بعد حصول الدائن على سند تنفيذي بحق المدين، ويتناول الحجز الاحتياطي أموال المدين المنقولة وغير المنقولة.
ولا يفكّ الحجز، وفق القانون السوري، إلا بدفع مبالغ مالية على شكل “مصالحة” مع وزارة المالية.