غصون أبو الذهب _ syria press_ أنباء سوريا
تسعى المرأة السورية في تركيا إلى إثبات وجودها بمختلف المجالات انطلاقا من المسؤوليات الجمة التي وقعت على عاتقها بعد التهجير القسري من سوريا، وما شهدته من معاناة خلال السنوات العشر الماضية أثقلت كاهلها من فقد الأهل إلى الاعتقال وفقد المعيل والأملاك، ما شكل لها دافعاً للعب أدوار اجتماعية واقتصادية مختلفة ربما لم تعهدها سابقاً، وجعلها تواقة للانخراط في العملية السياسية إيماناً منها بجميع الحقوق والحريات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنها حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، للمساهمة في القضاء على التمييز ضد المرأة بجميع أشكاله ومظاهره، وهو ما سيعود بالنفع على الأسرة والمجتمع.
سوريات قياديات في التمكين السياسي
من السيدات اللاتي نشطن في تركيا وعملوا على تمكين النساء السوريات، الأستاذة غيثاء أسعد دالي التي عملت في مجال منظمات المجتمع المدني للمرأة منذ عام 2015، كمدربة دعم نفسي اجتماعي في منظمة “تستقل”، وعضو هيئة عامة وميسرة مع منظمة “درب”، وعضو في شبكة اللاجئين للشرق الأوسط وشمال افريقيا MENA.و مدرب معتمد مع البورد السويدي في التنمية المستدامة. وعضوة في الحركة النسوية السياسية. كما شاركت في تأسيس شبكة حماية المرأة وترأست مجلس إدارة شبكة حماية المرأة ومنسقة في رابطة الشبكات السورية، وأغلبها من المؤسسات و المنظمات التي سعت إلى تمكين المرأة على مستويات مختلفة.
في حديث خاص إلى “سيريا برس”، قالت الأستاذة غيثاء ، “من خلال عملي ونشاطي في مجال منظمات المجتمع المدني ومناصرتي لحقوق الإنسان، أسعى دائماً لتعزيز فكرة أن المرأة مكون أساسي في المجتمع ولها الحقوق كاملة دون تجزئتها وكسر الصورة النمطية، من خلال مشاركتي في الفعاليات الاجتماعية والسياسية. وكوني مدربة دعم نفسي اجتماعي أسعى لنكون أقرب لحالة التعافي النفسي وأقرب للصحة النفسية وتقوية المناعة النفسية. وطالما نحن في عصر (القلق النفسي)، فعلينا امتلاك أدوات ومهارات التعامل مع الضغوط ومشكلات العمل والحياة. وأيضا، التوافق مع الذات والشعور بالسعادة مع النفس والآخرين”.
وتضيف السيدة غيثاء “عملت في منظمة “ssg” في انطاكيا كممثل لفريق الدعم النفسي الاجتماعي، وكان عملي مع السيدات السوريات والأسر السورية كدراسة حالة ثم جلسات توعوية وتثقيفية وتدريبات في التمكين بكل أشكاله، وكوني مدربة دعم نفسي اجتماعي مع منظمة تستقل، كانت رسالتي هي تعزيز الثقة وامتلاك مهارات الحياة وكسر الصورة النمطية، والوصول للتعافي الذاتي ومواجهة مشكلات الحياة. وعندما عملت كرئيسة شبكة حماية المرأة كان جل اهتمامي النضال ضد العقلية الاقصائية للمرأة وتعزيز حضورها في كافة المحافل والمشاركة السياسية والاجتماعية. لنخرج من قوقعة الضحية ونصبح أحرارا نبني مجتمعاً متعافياً تترسخ فيه قيم المواطنة والحقوق”.
أشارت غيثاء إلى أن “أهم أسباب إحجام المرأة عن الانخراط في العمل السياسي، التهميش وإبعادها عن الحياة السياسية قبل 2011 وضعف التثقيف السياسي للنساء وعمليات الإقصاء والانتقاء التي طالت مناطق كثيرة. بعد 2011 بدأ الحراك النسوي نتيجة عملية تراكمية ومستمرة وظهرت منظمات المجتمع المدني، رغم التحديات والمآخذ الكثيرة، فلها ما لها وعليها ما عليها. إلا أن لها الدور الأكبر في وجود النساء (وإن قل عددهم) في إدارة تلك المنظمات وحضورها في المحافل الدولية لإيصال الصوت. نعم يفتقد الحراك وتفتقد المنظمات للتخطيط والاستدامة وقد نجد أحيانا فجوة ضخمة وإنشاء حركات غير منتظمة. لكن السؤال هنا: “ماذا لو لم يكن هناك منظمات مجتمع مدني؟ ماذا لو لم تكن هناك حركات نسوية ومبادرات محقة؟” نعم هناك تحديات لكن أصبح هناك الكثير من الناشطات والمناضلات ممن يسعين للتماسك المجتمعي والحفاظ على الحقوق والاعتراف بالواجبات”.
وتوضح غيثاء “المرأة تخضع في العمل للاستغلال والمحسوبيات، دون النظر لقدراتها واختصاصها وشهاداتها. لقد عانت نساؤنا التهميش والاعتقال والتهجير والتعذيب والاستغلال. حيث تبقى المشاركة السياسية للمرأة ضعيفة أنها حق وأحد أهم معايير المواطنة. وهي الصورة التي تعكس حضارة وديمقراطية الفكر. لكن ضعف التثقيف وضعف إيضاح دور المرأة في الشأن العام والعمل السياسي والمجتمعي واقتصار العمل على ورشات عمل قصيرة المدة وسريعة وكثيفة المعلومات وبمن حضر دون التوجه لفئات كبيرة في المجتمع، أضعف معرفة المرأة بضرورة الانخراط في العمل العام وبالتالي أدى إلى عدم اهتمامها فيه. وهنا تقع على عاتق المنظمات والحركات النسوية مسؤولية كبيرة بتغيير النظرة والصورة النمطية للمرأة وأهمية قول كلمتهن وحضورهن وإحداث تغيير وفارق”.
وتضيف غيثاء، “حسب رأيي، لم تستطع هذه المنظمات تقديم المساعدة على النحو المرجو لعدة أسباب. لقد تمكنت فقط من أن تفتح العيون وتوجه الأنظار نحو الكثير من الحقوق التي حُرمت منها النساء، واستطاعت تعريفهن بالحقوق الخاصة والعامة ولكنها لم تستطع أن تغطي شرائح واسعة، وأن تخرج بنساء قادرات على مواجهة مجتمعاتهن وعاداتهن بقوة وبطرق علمية ومنهجية. والمشكلة تكمن في المجتمعات المبنية على أسس قائمة من مئات السنين على تحجيم دور المرأة وفرض نمط معين عليها، فتوارثت التنميط وتجذر لا شعورياً بفكرها ونقلته للأجيال التي لحقتها، ما يجعل من الصعب تقبلهم للدور الجديد للمرأة أو النظرة التي تحررهن من سلطة الذكر”.
بالسؤال عن منظمة “تستقل” تقول غيثاء “أن عدد المستفيدات حاليا في المنظمة حوالي 800 سيدة. تواجد قسم منهن في مناصب سياسية ومجتمعية.وقسم آخر مُكِّن للحصول على وظائف في قطاعات مختلفة، بما فيها منظمات المجتمع المدني. حيث عملت “تستقل” على تطوير المهارة الاجتماعية للمستفيدات في التعامل الإيجابي مع الأهل والحي. والقيام بدور فاعل في سياقات العمل والنشاط المجتمعي وبناء السلام”.
بدورها قالت الأستاذة دعاء محمد مديرة المناصرة والتواصل في منظمة “كش ملك”، في حديث إلى “سيريا برس” ، “نعمل مع النساء في سوريا منذ مايقارب 6 سنوات، نعمل في مجال التوعية بالقوانين والحقوق وأيضا في مجال التمكين الاقتصادي. وبرأي “دعاء” أن “التمييز بالقوانين هو أكبر تمييز تعرضت له المرأة السورية، وأيضا الجهل بالقوانين والذي كان متعمدا من قبل النظام السوري وقد نجح به بالفعل، نحن كنساء لم نكن نعرف ما هي حقوقنا!؟ لكي نطالب بها من الأساس وهذا الذي نعمل عليه الآن كمنظمات مجتمع مدني هو التوعية بالحقوق والقوانين، وكان أيضا جانب من حملتنا في المنظمة في الداخل السوري بمناسبة ال 16 يوم من مناهضة العنف، وحول التمييز القانوني وعنف الدولة السياسي بحق المرأة وخاصة بعد الثورة السورية”.
وأضافت دعاء ، “أود التركيز على نفس النقطة أيضا في تركيا، حيث تتعرض المرأة السورية في تركيا لتمييز عال على أساس الجندر وعلى أساس الحالة القانونية، حيث أن عدم معرفة اللغة كان عائقا كبيرا لعدم معرفة بعض النساء بالقوانين في تركيا، سواء قانون الأحوال الشخصية عند حالات الزواج أو الطلاق سواء تثبيت الزواج وما إلى ذلك. بالإضافة إلى عدم معرفة آليات الشكاوي، سواء تعرضت المرأة لتمييز أو عنف أو استغلال جنسي من قبل صاحب العمل أو غيره، فتجد عدد منهن يجهلن أنه يحق لهن تقديم شكوى أو رفع دعوى، وهذا ما تعمل عليه منظمات المجتمع المدني في تركيا، حيث هنالك مشاريع كثيرة لتوعية النساء السوريات بحقوقهن، وهنالك أيضا منظمات تتكفل بأجرة المحامي في أي مسألة قانونية تخصهن”.
والأهم برأي دعاء، “هو نظرة المجتمع التركي النمطية حول النساء السوريات، الذين يتعرضون غالباً للتمييز حيث ينظرون لهن على أنهن ضعيفات وحالتهن المادية سيئة وأنهن جاهلات بالقانون، أي في حال تعرضت لأي استغلا ل لن تذهب وتقدم شكوى مما يجعل البعض يقدمون على أذية النساء اللاجئات”.
أقامت الأمم المتّحدة المؤتمر العالميّ الرابع للمرأة في بكّين عام 1995م، ونتج عنه “اتّفاقية بكّين لحقوق المرأة“، التي وضعت لتؤكد على مجموعة من الأمور منها “تمكين المرأة وإشراكها بشكلٍ كامل في جميع جوانب حياة المجتمع، ويشمل ذلك وصولها لمناصب السلطة، ومشاركتها في عمليّة صنع القرار، ممّا يساعد على تحقيق التنمية في المجتمعات. النهوض بالمرأة وخاصّةً في مجالات القيادة، وذلك من أجل المساهمة في حلّ النزاعات، وتحقيق السلام على المستويات المحليّة، والوطنيّة، والإقليميّة، والعالميّة. الحرص على إشراك المرأة والجمعيات النسائية في المجتمع المدنيّ بهدف تطبيق منهاج عمل بكين، ومتابعته بفعاليّة، مع الإبقاء على استقلاليتها الكاملة. تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بينَ الرجل والمرأة، وإشراك المرأة في جوانب التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، ممّا يساهم في زيادة النموّ الاقتصاديّ، وبالتالي المساعدة في القضاء على الفقر، وحماية البيئة، وتحقيق العدالة الاجتماعيّة، والوصول إلى التنمية المستدامة” وفق إعلان ومنهج عمل بكين.
انخراط السوريات في سوق العمل
أفادت دراسة صادرة عن وكالة “يونايتد برس إنترناشونال” الأميركية، أن نسبة انخراط النساء السوريات في العمل قبل عام 2011 من أقل المعدلات في العالم حيث بلغت 13%. ومع الضرورات التي طرأت على تغيير أدوار المرأة في المجتمع السوري ومافرضته عليها الحرب والتهجير القسري وغياب المعيل اضطرت المرأة السورية للعمل في مجالات مختلفة، وهو ماتوصلت إليه الدراسة المذكورة حيث أشارت إلى أن أكثر من ربع النساء في تركيا يعملن أو لديهن رغبة في خوض غمار الأعمال، بينما ترتفع النسبة إلى أكثر من النصف في دول الجوار. ومع ذلك تبقى عمالة الإناث بين اللاجئين منخفضة بشكل خاص.
تشير دراسة أجراها البنك الدولي إلى أن معدل توظيف النساء السوريات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 30-44 هو 7٪ . وورد في الموقع الرسمي لجامعة “كوش_ KOÇ-KAM” أن “المرأة السورية غائبة إلى حد كبير عن سوق العمل الرسمي في تركيا، حيث بلغ إجمالي تصاريح العمل الممنوحة للمواطنين السوريين في عام 2018 وفقًا لوزارة الأسرة والعمل والضمان الاجتماعي 34573 تصاريح عمل، بينما تم منح 3047 تصاريح عمل للسوريات فقط ، وتشير تقديرات البحث إلى أن ما لا يقل عن نصف ما يزيد عن مليوني سوري في سن العمل في تركيا يعملون بشكل غير رسمي، كما أشار تقرير صادر عن مركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية بجامعة بهجيشهر (BETAM) إلى أن 48.2٪ من الشباب السوري الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عامًا عاطلون عن العمل.علاوة على ذلك ، من بين السكان العاملين ، فقط 2.2٪ منهم لديهم تصاريح عمل. وفي الوقت نفسه ، تكسب 3 من كل 4 سيدات سوريات أقل من الحد الأدنى للأجور ، وفي المتوسط ، تكسب النساء السوريات أقل من 20٪ من الرجال السوريين. عند أخذ السكان الذكور في الاعتبار ، فإن التجارة والمنسوجات وصناعة الملابس هي القطاعات الثلاثة التي توفر معظم فرص العمل للسوريين”.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن جامعة “كوش” أنه “لم يكن لدى النساء السوريات في تركيا خبرة عملية وتدريب متخصص ورأس مال اجتماعي عند وصولهن. كما أكد اللاجئون أنفسهم ، فإن المبدأ المعياري الذي يقضي بعدم وجوب عمل المرأة خارج المنزل يلعب دورًا مهمًا في تجارب النساء كلاجئات في البلد المضيف. وفقًا لبحث أجرته جمعية التضامن مع طالبي اللجوء والمهاجرين (ASAM) وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ، أفادت معظم النساء من بين النازحين أنهن يعملن في القطاع غير الرسمي… أشارت الدراسات الاستقصائية الحالية إلى أن اللغة هي إحدى أهم العوائق التي تواجه سوق العمل. بالنسبة للنساء، فإن التحسينات في اكتساب اللغة من خلال التدريب اللغوي أكثر صعوبة لأن المرأة مسؤولة تقليديًا عن رعاية الأطفال ، وكذلك تحتاج إلى إذن زوجها للانضمام إلى دورات اللغة”.
تتنامى أدوار المرأة بعد الأزمات والحروب وذلك ما أكد عليه فوز الفارس في مادة إعلامية نشرها موقع “تلفزيون سوريا” جاء فيها “تشير بعض الأمثلة في التاريخ الحديث إلى استدامة التغييرات التي تلت بعض الصراعات، منها على سبيل المثال؛ المشاركة الاقتصاديّة للمرأة في بريطانيا بعد الحرب العالميّة الأولى، حيث تنامى دورها بشكلٍ ملحوظ ومتسارع، إضافةً إلى دخولها مجالات عمل جديدة كانت حكرًا على الرجال فقط، ولعلّ سببًا مؤثّرًا دفع إلى هذا التغيير؛ إذ شغرت كثير من الوظائف في بريطانيا إثر ذهاب كثير من الرجال إلى الحرب. و في مكانٍ آخر كرواندا عام 1994 التي شكّلت فيها النساء قرابة 70% من السكان بعد الإبادة الجماعيّة ومقتل معظم الرجال، وفرار الجناة منهم، نجد نساء رواندا قد تولّين دفّة الأمور في البلاد، واستطعن الإسهام في إعادة بناء مجتمعهنّ المدمّر، والدفع باتّجاه النهضة الاقتصادية لرواندا والتي تزامنت مع نهضة اجتماعية شملت نواحي الحياة الرواندية جميعها؛ لتصبح رواندا واحدة من البلاد التي تملك أسرع الاقتصادات نموًّا في أفريقيا”.
إعلاميات قياديات
يعتبر العمل الإعلامي من المجالات التي تركت بها النساء السوريات بصمة كبيرة، رغم خصوصية هذا العمل والتحديات والمصاعب الجمة للعاملات في هذا القطاع، وفي حوار خاص إلى “سيريا برس” مع نائبة رئيسة ميثاق شرف للإعلاميين السوريين الأستاذة راما العبوش تقول “كثيرة هي المهن التي كانت محظورة على المرأة في مجتمعنا أو تعتبر لفئة معينة من النساء، لذوات المال أو بنات المسؤولين وجماعة الواسطات.. وتبقى حلما على مادون هذه الفئة ومنها العمل في المجال الإعلامي، حيث كانت فئة ليست بقليلة ممن يتمكن من احراز علامات جيدة في الثانوية العامة وتؤهلهن لدخول فرع الصحافة والإعلام بسوريا تصدم بما ذكرته سابقا بعد التخرج، إضافة لأمور أخرى كثيرة في حال وصلت إلى عمل بمجالها فتركن إما بزاوية الطبخ أو بريد القراء على صفحات الجرائد وقلما تتمكن سيدة من الوصول لمركز إداري عالي ضمن الوسيلة التي تعمل بها ومازال هذا البند قائماً للآن مع الأسف”.
إلى ذلك تقول راما “إضافة للإقصاء من الشاشة للصحفيات الراغبات بالظهور الإعلامي بسبب ارتدائهن للحجاب أو حصرهن بالبرامج الدينية وهذا تغير قليلا بعد أن تحجبت مذيعة قناة الجزيرة الإعلامية خديجة بن قنة بحسب ملاحظتي على أقل تقدير، وهذه كانت نقطة تحول بالنسبة لي كطالبة في كلية الإعلام حفزتني انه مازال هناك أمل لاشتغل واطلع شاشة كما أحب لاتحدى كل شيئ بداية بمنطقتي العشائرية في المنطقة الشرقية (دير الزور) وكلام الناس واحباطهم لي وصولا إلى تركية والتنقل في العمل الاعلامي بين الاذاعي والمرئي والمكتوب، لم تكن رحلة قصيرة تختصر بكلمات ولا ظروف مثالية للعمل إنما تجارب قاسية أوصلتني لما أنا عليه الآن كمعدة ومقدمة برامج وأخبار في قناة أورينت السورية”.
تتابع راما “كثيرات هن الصحفيات وحتى الناشطات الصحفيات اللواتي سعين لتحسين ظروف عملهن اصطدمن بجزء إن لم يكن بكل ماتعرضت له أنا أو غيري من الصحفيات العاملات، ويبقى الحلم للانضمام إلى كيان صحفي وحمل بطاقة صحفية هاجس كثيرين في المجال وجدناه من خلال رابطة الصحفيين السوريين بعد رفضنا الوجود بمناطق نظام الأسد أو العمل بسياستهم المعادية للشعب السوري، الرابطة ومنذ انضمامي لها لا تألو جهدا لمساعدة ودعم أي صحفي/ة بحاجة للمساعدة والدعم من خلال شبكة علاقاتها الجيدة مع الشركاء الصحفيين حول العالم، وبالانطلاق من الرابطة أيضا حظيت بفرصة جميلة لأمثلها بميثاق شرف الإعلاميين السوريين الذين بدورهم يسعون لتمكين المؤسسات الصحفية والوصول لمعايير دولية بالصحافة، وطبعا دعم الميثاق الكامل لحقوق النساء في المجال الصحفي فتضمن مجلس إدارة الميثاق ثلاث نساء بين أعضائه اثنتان منهن بمنصب رئيسة الميثاق ونائبة الرئيسة انطلاقا من الوعي بدور المرأة الصحفية وكرسالة لتوعية الوسائل بضرورة وصول النساء الصحفيات لمراكز إدارية قيادية تستحقها بجدارة وليس تطبيقا أعمى لكوتة فرضها ممول أو واسطة تطلبتها سلطة معينة”.
من وجهة نظر الصحفي السوري أحمد زعرور، “هناك تمييز سلبي قد تمارسه بعض المؤسسات الإعلامية عامة بحق الصحفيات، يجب التخلص منه، وآخر إيجابي يجب القبول به والتأكيد عليه، التمييز السلبي ينجم ربما عن اعتقاد أو إيمان لدى إدارة بعض المؤسسات الإعلامية بأن هناك أحقية للرجال على النساء وهذا يرجع للبيئة والثقافة التي يمتلكها القائمون على تلك المؤسسات، أو ربما ينجم التمييز عن ضعف إداري لدى المؤسسة كأن لا يقوم التوظيف على معايير مهنية فيتم اللجوء إلى المعارف دون أن يكون هناك إعلان عن شاغر يتساوى فيها جميع المتقدمين والمتقدمات إلى العمل، أو أن يتم التوظيف على أساس الاحتياج لا الكفاءة، إذ قد يرى صاحب هذا الخلل أن الصحفي الرجل أحق فهو لديه عائلة، أو ربما يعطون الصحفية أجراً أقل من الصحفي في ذات المنصب لاعتقادهم بقلة احتياجاتها مقارنة باحتياجات الصحفي الرجل”.
كما أضاف أحمد “أما التمييز الإيجابي إن صح التعبير، فهو كأن تراعي المؤسسات الإعلامية خصوصية المرأة والمجتمع الذي تعيش فيه، كأن يراعى رغبتها في العمل الصباحي دون الليلي، أو أن تتضمن أنظمة المؤسسة الصحفية بنوداً تطبق تراعي خصوصية كون الصحفي سيدة، وأيضاً تكافح جميع أشكال التحرش في العمل، أعتقد أن جميع المناصب في المؤسسات الصحفية يجب أن تكون متاحة للنساء، بما في ذلك المناصب الإدارية، ويجب أن تعتقد المؤسسة بذلك أولاً، في المحصلة لا أتفق بأن هناك أولوية للرجال على النساء أو العكس في التوظيف، فالمعيار في التوظيف هو الكفاءة، أما إن كانت مؤسسة ما تعاني من خلل جندري كطغيان الرجال على النساء وهو الأكثر شيوعاً، فيجب عند توفر الشاغر وتساوي الكفاءات أن تعطى الأولوية للنساء الصحفيات”.
إلى ماسبق قال أحمد “هناك تحديات كثيرة تواجهها الصحفيات النساء، وهن أكثر قدرة مني على تحديدها بدقة، لكن أريد أن ألفت إلى أن الصحفية الأم العاملة تعمل عملاً مأجوراً في المؤسسة وتتحمل ضغوطات العمل الصحفي ورواسبه على السلامة النفسية، وأعمالاً غير مأجورة في تربية أبنائهن ورعاية شؤون المنزل في مجتمعاتنا، بمقابل قلة من الرجال يشاركون زوجاتهم بتلك المهام.
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”
هي معاهدة دولية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979. وتصفها على أنها وثيقة الحقوق الدولية للنساء، صُدّقت المعاهدة في 3 سبتمبر من عام 1981 ووقعت عليها أكثر من 189 دولة، وتتضمن 30 مادة تعتبر وثيقة الحقوق الدولية للنساء، وعرفت المادة الأولى من الاتفاقية التمييز ضد المرأة على انه ” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل”.
وتناولت أغلب المواد حقوق المرأة في المشاركة بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحقها في التعليم والعمل والصحة وفرض القوانين التي تحقق لها المساواة مع الرجل وعدم التمييز، وكفالة التحقيق العملي لجميع ماسبق، كما نصت على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، وكذلك مكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلالها.
يوجد في تركيا 3.721.057 لاجئاً سورياً بينهم 1.719.528 من الإناث جزء ضئيل منهن انخرطن في سوق العمل وحققن إنجازات رغم أهميتها محدودة، وهو مؤشر إلى ضرورة تمكين المرأة في مختلف مجالات الحياة، والسعي إلى محاربة التمييز الذي يستهدف النساء وخاصة المستضعفات منهن، حفاظاً على مبدأ كرامة الإنسان الذي كفلته الشرائع الدولية واحترام مبدأ المساواة في الحقوق مع الرجل حتى تستطيع المرأة الحصول على حقوقها بما يضمن مصالحها ويشكل دعامة راسخة في التنمية المستدامة للمجتمع وتطويره ويضمن الرفاهية لجميع مواطنيه.
غصون أبو الذهب _سيريا برس
‘‘تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”صحفيون من أجل حقوق الإنسان” .