في حسابات الربح والخسارة، من غير المرجح أن يكون نظام الأسد بين الرابحين عندما تضع الحرب الروسية في أوكرانيا أوزارها، خاصة إذا واصلت روسيا أداءها السيئ في الحرب، وخرجت منها بعد حين، منهكة عسكريا ومأزومة اقتصاديا ومعزولة سياسيا.
وبطبيعة الحال، فإن تراجع مكانة الحليف الأبرز، سوف ينعكس سلبا على مكانة نظام الأسد نفسه، خاصة أن روسيا ستكون مشغولة بتضميد جراحها، وأقل بسالة في الدفاع عن الأسد إذا ما جرى استهداف نظامه سياسيا أو حقوقيا في الساحة الدولية، أو حتى عسكريا في جبهات القتال الحالية. وفي الوقت نفسه، فإن هذا النظام لا يشكل رصيدا عاليا يمكن المقايضة عليه مع الغرب الذي ما زال يتعامل بقدر عال من عدم الاكتراث مع الوضع في سوريا، إلا كأزمة إنسانية وميدان هامشي لمناكفة روسيا.
كما أن خروج روسيا من أوكرانيا دون تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها، سوف يكسر شوكتها عالميا، ويغري الغرب بالتمادي في معاقبتها في ساحات أخرى، وفي مقدمتها سوريا، بعد أن تكون القوات الروسية الموجودة فيها قد أصبحت مجرد امتداد للقوات المهزومة في أوروبا.
وبالنظر إلى العواقب الوخيمة جدا على مكانة بلاده أوروبيا وعالميا، فمن الصعب تخيل أن يخرج بوتين من أوكرانيا دون أن يحقق معظم أو بعض أهدافه المعلنة، مهما تكبدت بلاده من خسائر، والتي من المتوقع أن تكون هائلة، على الصعد كافة.
في حال، اتخذت الحرب الأوكرانية منحى الحرب السورية، أي الاستطالة الزمنية دون حسم ميداني، فقد تكون الساحة السورية الساخنة والمنفلتة، هي أيضا ميدانا للضغوط المتبادلة بين روسيا والغرب
ومثل هذا الانتصار المكلف لو تم، سيترتب على موسكو
أن تركز جهودها داخل حدودها للتعافي من آثار الحرب ومعالجة عواقبها، حيث من غير المتوقع أن ترفع العقوبات الغربية والعالمية عنها قبل سنوات، حتى لو خرجت غدا من أوكرانيا. وفي حالة الانتصار الروسي، ليس مستبعدا أن يضاعف الغرب ضغوطه لإخراج روسيا من سوريا، كمقدمة لإنهاء نفوذها في الشرق الأوسط، أي الرد على انتصار روسيا بحرب أوكرانيا في سوريا والشرق الأوسط.
أما في حال اتخذت الحرب الأوكرانية منحى الحرب السورية، أي الاستطالة الزمنية دون حسم ميداني، فقد تكون الساحة السورية الساخنة والمنفلتة، هي أيضا ميدانا للضغوط المتبادلة بين روسيا والغرب، وسيكون الأخير أكثر جرأة على مصادمة روسيا في هذه الساحة نظرا لابتعادها عن الجغرافيا الأوروبية، وتدني احتمال المواجهة المباشرة مع روسيا، والتي ستقود لحرب عالمية ثالثة، وفق ما يقول الغرب اليوم في معرض تمنعه عن الانخراط عسكريا بصورة أكبر في أوكرانيا.
وبطبيعة الحال، فإن الحديث عن دحر روسيا في سوريا، لا يعني تلقائيا إسقاط نظام الأسد، لأن ذلك غير مطروح أميركيا ولا عربيا ولا حتى إسرائيليا، بزعم أنه لا بديل حاليا جاهز عن النظام الذي نجح في تصدير نفسه بوصفه الحاجز في وجه التطرف والإرهاب في سوريا، ما يشكل خطرا على إسرائيل وبعض الدول العربية، إلا إذا أقدم بوتين على توريط نظام الأسد بشكل مباشر في حرب أوكرانيا مثل استخدام الأراضي السورية كمنطلق للعمليات العسكرية الروسية ضد أهداف غربية وأوروبية، في حال طال أمد الحرب، وتشعبت امتداداتها.
ومن الآثار المحتملة لورطة روسيا في أوكرانيا أيضا، وبغض النظر عن نتائجها، وضع إسرائيل في موقف مريح بشأن حرية التصرف في سوريا، مع انشغالات روسيا الجديدة في تلك الحرب.
من المتوقع أن يكون هناك تشدد أميركي وغربي في معاقبة نظام الأسد اقتصاديا بسبب جهره في تأييد حرب بوتين في أوكرانيا، بوصفه حال النظام في بيلاروسيا، مجرد دمية عند بوتين
أما الأثر المباشر للحرب، فهو ما يلمسه المواطن السوري يوميا من ارتفاع جنوني في الأسعار، وفقدان بعضها، حيث ألقت الحرب بظلالها الاقتصادية حتى على أقوى الاقتصادات في العالم، فما بالك بالاقتصاد السوري الهش أصلا، والذي يعاني أزمات متراكمة منذ سنوات، ووجدها النظام فرصة لإلقاء مسؤولية فشله الاقتصادي على عاتق الحرب في أوكرانيا. لكن من المتوقع أن يكون هناك تشدد أميركي وغربي في معاقبة نظام الأسد اقتصاديا بسبب جهره في تأييد حرب بوتين في أوكرانيا، بوصفه حال النظام في بيلاروسيا، مجرد دمية عند بوتين، ومن الطبيعي أن يأخذ حصته من العقاب الموجه لهذا الأخير.
والبديل البديهي للدعم الروسي الذي سيكون عزيزا في الفترة المقبلة، هو إيران التي تقبع هي الأخرى تحت وطأة عقوبات الغرب، ومستقبل علاقتها مع نظام الأسد، وعموم المنطقة، قد يتم تحديده في ثنايا الاتفاق النووي الجاري العمل عليه مع الإدارة الأميركية.
ومن نافل القول، إن حرب أوكرانيا جعلت خطط النظام وأحلامه بالعودة إلى الجامعة العربية وتحقيق مزيد من الانفتاح العربي عليه، من الماضي، ما يعني تبخر حدوث انفراجة اقتصادية من البوابة العربية، بعد أن عادت إدارة بايدن للتكشير عن أنيابها عقب الحرب الأوكرانية، في وجه محاولات التطبيع مع نظام الأسد.
والخلاصة، أن روسيا جعلت من سوريا وأوكرانيا ساحة لصراعها مع الغرب في إطار سعيها لإعادة تأكيد نفسها كقوة عظمى عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، مستفيدة في الحالة السورية من التخاذل الغربي الذي مكنها من تثبيت نظام الأسد، والتمكين تاليا لروسيا وإيران في سوريا، بينما يظهر الغرب اليوم تصميما كبيرا على إحباط المشاريع الروسية في أوروبا، ويعد العدة لمواجهة طويلة معها تتضمن عزل روسيا استراتيجيا، والاستغناء عن أي تبادلات معها، بما فيها النفط والغاز.
عدمانأما الأثر المباشر للحرب، فهو ما يلمسه المواطن السوري يوميا من ارتفاع جنوني في الأسعار، وفقدان بعضها، حيث ألقت الحرب بظلالها الاقتصادية حتى على أقوى الاقتصادات في العالم، فما بالك بالاقتصاد السوري الهش أصلا، والذي يعاني أزمات متراكمة منذ سنوات، ووجدها النظام فرصة لإلقاء مسؤولية فشله الاقتصادي على عاتق الحرب في أوكرانيا. لكن من المتوقع أن يكون هناك تشدد أميركي وغربي في معاقبة نظام الأسد اقتصاديا بسبب جهره في تأييد حرب بوتين في أوكرانيا، بوصفه حال النظام في بيلاروسيا، مجرد دمية عند بوتين، ومن الطبيعي أن يأخذ حصته من العقاب الموجه لهذا الأخير.والبديل البديهي للدعم الروسي الذي سيكون عزيزا في الفترة المقبلة، هو إيران التي تقبع هي الأخرى تحت وطأة عقوبات الغرب، ومستقبل علاقتها مع نظام الأسد، وعموم المنطقة، قد يتم تحديده في ثنايا الاتفاق النووي الجاري العمل عليه مع الإدارة الأميركية.ومن نافل القول، إن حرب أوكرانيا جعلت خطط النظام وأحلامه بالعودة إلى الجامعة العربية وتحقيق مزيد من الانفتاح العربي عليه، من الماضي، ما يعني تبخر حدوث انفراجة اقتصادية من البوابة العربية، بعد أن عادت إدارة بايدن للتكشير عن أنيابها عقب الحرب الأوكرانية، في وجه محاولات التطبيع مع نظام الأسد.والخلاصة، أن روسيا جعلت من سوريا وأوكرانيا ساحة لصراعها مع الغرب في إطار سعيها لإعادة تأكيد نفسها كقوة عظمى عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، مستفيدة في الحالة السورية من التخاذل الغربي الذي مكنها من تثبيت نظام الأسد، والتمكين تاليا لروسيا وإيران في سوريا، بينما يظهر الغرب اليوم تصميما كبيرا على إحباط المشاريع الروسية في أوروبا، ويعد العدة لمواجهة طويلة معها تتضمن عزل روسيا استراتيجيا، والاستغناء عن أي تبادلات معها، بما فيها النفط والغاز.
عدنان علي _ تلفزيون سوريا