تقطع رندا الرشيد (32 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة في مخيمات دير حسان الحدودية في ريف إدلب، شمال غربي سوريا، مسافةً تصل لكيلومتر يومياً، مشياً على قدم واحدة مستعينة بعكازة، للوصول لمكان عملها في إحدى الورشات النسائية، بعد أن فقدت قدمها الأخرى خلا الحرب في البلاد. وعجزت المرأة عن شراء طرف صناعي يساعدها على الحركة والتنقل، في ظل الظروف المعيشية السيئة التي تعيشها. وتعاني نساء مبتورات أطراف في المنطقة من صعوبات جسدية ومشكلات اجتماعية في ظل غلاء الأطراف البديلة.
وقبل نحو أربعة أعوام، أصيبت “الرشيد” خلال غارة جوية على معرة النعمان جنوب إدلب ما أدى لبتر ساقها.وتعمل المرأة في ورشةٍ لتصنيع قوالب التين المجفف، إذ أجبرتها الأوضاع الاقتصادية والمعيشية على العمل، لتتحمل مشقة العمل وصعوبة التنقل معاً.
وحاولت “الرشيد” تأمين طرف صناعي، من خلال بعض المنظمات، إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل، نظراً لأولوية “الواسطة والمحسوبيات”، على حد قولها.
وتعاني النساء المبتورات الأطراف في إدلب من صعوبات ومشكلات عديدة على الصعيد الاجتماعي والجسدي، في ظل “غلاء الأطراف البديلة من جهة ونظرة المجتمع الدونية للمعاقة من جهة أخرى.
”واضطرت رغد الشيخ (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة سراقب شرق إدلب، لاستدانة مبلغ 600 دولار أميركي، لشراء طرف صناعي.
لكن “الشيخ” ما لبثت أن قامت ببيع الطرف الصناعي، “بعد أن عجزت عن تأمين ثمنه الذي استدنته.”
وأدى النزاع المسلح إلى مقتل 380 ألف شخص على الأقل، ودفع نصف السكان إلى النزوح، منهم ستة ملايين أصبحوا لاجئين خارج سوريا، بحسب تقرير للأمم المتحدة نشر آذار/ مارس الماضي.
ووصل عدد الأشخاص الذين تعرضوا لبتر أحد أطرافهم جراء الحرب في سوريا حتى أواخر العام 2017، إلى 86 ألف شخص، وفق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة “هانديكاب إنترناشيونال” آنذاك.
و يتراوح سعر الطرف المستورد في إدلب ما بين ألف دولار وخمسة آلاف دولار أميركي للطرف الواحد، وذلك تبعاً للنوع والجودة، في حين يتراوح سعر الطرف المصنّع محلياً، ما بين 600 دولار وألف دولار، بحسب طبيب مختص.ولم تقتصر معاناة هؤلاء النساء على ألم الإصابة، إنما يواجهن ضغوطاً ومشاكل اجتماعية ونفسية.
وقالت رولا الصبحي، وهي مرشدة اجتماعية، “إن بعض المواقف المجتمعية التي تحصل تجاه النساء المعوقات في حياتهن اليومية، تكون أشد ألماً لهن من ألم إصابتهن.
”وتشير دراسة كانت “الصبحي” أجرتها، “أن أكثر من 20 بالمئة من النساء، ممن لديهن إعاقة، تعرضن للتنمر المجتمعي.”
وتعتقد المرشدة الاجتماعية أن من الضروري دعم هذه الفئة من خلال دمجهن بالمجتمع.
المصدر: نورث برس