شهدت العاصمة الإيرانية طهران ومدن أخرى في مختلف أنحاء البلاد مظاهرات غاضبة من إسقاط الطائرة ومسيرات تأبين للضحايا , وتظاهر المئات في طهران ضد ما وصفوه بكذب المسؤولين بعدما انكروا في البداية إسقاط الطائرة قبل أن يعودوا للاعتراف بعد اتضاح الأدلة، وطالبوا باستقالة كبار المسؤولين وعلى رأسهم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي , كما عبر الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن تأييده ودعمه للمتظاهرين في إيران بعد ساعات من بدء الاحتجاجات , وكتب ترامب على حسابه على موقع تويتر “إلى الشعب الإيراني الأبي الذي لطالما عانى ولفترة طويلة أقول إنني أدعمكم ولطالما كنت دوما كذلك منذ بدء فترتي الرئاسية، وسوف تواصل إدارتي دعمكم فنحن نتابع احتجاجاتكم مليا ونشعر بالإلهام من شجاعتكم”.
وتجمع الطلاب الغاضبون خارج جامعتين على الأقل في طهران، من أجل تأبين ضحايا الطائرة وتكريمهم، لكن الموقف تغير في المساء حيث تحولت التجمعات إلى احتجاجات , وبثت وكالة “فارس” شبه الرسمية في إيران تقريرا عن الاضطرابات، قائلة إن نحو 1000 شخص رددوا شعارات ضد قادة البلاد ومزقوا صور قاسم سليماني , وطالب المحتجون بمحاكمة المسؤولين عن إسقاط الطائرة، وأولئك الذين قالوا إنهم تستروا على الحادث , وهتف المحتجون بضرورة “تنحي القائد الأعلى للقوات المسلحة”، وذلك في إشارة إلى المرشد الأعلى، علي خامنئي، وهتفوا أيضا “الموت للكاذبين” , وأوردت وكالة فارس أن الشرطة “فرقت” المتظاهرين الذين أغلقوا الطرق. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع.
وعبر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عن غضبهم من تصرفات النظام , وكتب أحدهم بموقع تويتر: “لن أسامح أبدا السلطات في بلدي، هؤلاء الأشخاص الذين كانوا في المشهد وكذبوا” , ودعا مهدي كروبي، المعارض الإيراني البارز، خامنئي أيضا إلى التنحي بسبب “تعامله الرديء مع أزمة إسقاط الطائرة” على حد وصفه , وفي بيان نشره القيادي في “الحركة الخضراء” على وسائل التواصل الاجتماعي، تساءل عن أسباب التأخر في إعلان الحقيقة للمواطنين , واستنكر كروني تأخر خامنئي في إعلان مسؤولية بلاده عن إسقاط الطائرة الأوكرانية في طهران بعد إصرار السلطات على “الإنكار” و”الكذب” في البداية
من جهتها نددت وزارة الخارجية البريطانية باحتجاز سفيرها لدى طهران لفترة وجيزة السبت إثر اتهامه بـ “التحريض” على المظاهرات المناوئة للحكومة بعد اعترافها بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية عن طريق الخطأ , واحتجز الأمن الإيراني السفير روب ماكاير لثلاث ساعات يوم السبت، بحسب وسائل إعلام إيرانية رسمية وشبه رسمية , ووصفت الخارجية البريطانية احتجاز السفير بأنه “انتهاك واضح للقانون الدولي” , ونشر موقع جريدة “اعتماد” الإيرانية صورة السفير على حسابه على تويتر بعدما قالت وكالة أنباء تسنيم إنه تعرض للاعتقال خلال مظاهرات الطلاب أمام إحدى الجامعات في طهران , وجاء في بيان الخارجية البريطانية إن الحكومة الإيرانية تقف في مفترق طرق حيث يمكنها أن تصر على الاستمرار في وضع الدولة المارقة التي تعاني من عزلة سياسية واقتصادية أو تتخذ خطوات لوقف تصعيد التوتر وانتهاج طرق دبلوماسية”.
واعترف الحرس الثوري الإيراني بإسقاطه الطائرة المدنية الأوكرانية، التي قضى فيها 176 شخصاً، “بشكل غير متعمد ظناً منها أنها طائرة معادية” , وأكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن إطلاق الصاروخ الذي ضرب الطائرة كان “خطأً بشرياً لا يغتفر” حسب وصفه، وأعلن مواصلة التحقيقات لمحاسبة المسؤولين عما حدث , وكانت إيران قد نفت في وقت سابق ما جاء في تقارير رجحت أن صاروخاً أسقط الطائرة بالقرب من طهران الأربعاء الماضي , لكنها واجهت ضغوطاً متزايدة، خاصة بعد أن قالت الولايات المتحدة وكندا، استناداً إلى معلومات مخابراتية، إنه من المرجح أن تكون الطائرة أُسقطت بصاروخ , وأصدرت وكالة سلامة الطيران المدني الأوروبية تعميما يحذر الطائرات المدنية التابعة لشركات الطيران في دول الاتحاد الأوروبي من استخدام المجال الجوي الإيراني حتى إشعار آخر.