سيريا برس _ أنباء سوريا
نجا الناشط الإعلامي بهاء الحلبي، ليل الأربعاء، من محاولة اغتيال تعرض لها في مدينة الباب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي الشرقي، وهو ما دفع ناشطين وإعلاميين سوريين لتوجيه دعوات إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للمعارضة لتتحمل مسؤولياتها في ضبط الفوضى الأمنية والحد من ظاهرة الاعتداء على الصحافيين في مناطق شمال غربي سوريا.
يعمل الناشط الحلبي مراسلاً لـ”تلفزيون سوريا” في ريف حلب، وتعرض للإعتداء بعد خروجه من منزله في مدينة الباب بوقت قصير، حيث اعترض سيارته الخاصة ملثمون وأطلقوا عليه الرصاص بشكل مباشر، واخترقت ثلاث رصاصات جسد الحلبي وتم نقله إلى مشفى الباب الكبير.
وسبق أن اغتيل الناشط الإعلامي حسين خطاب بطريقة مشابهة في مدينة الباب في 12 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بعدما أقدم شخصان ملثمان على إطلاق النار بشكل مباشر عليه وسط المدينة أثناء إعداده لتقرير صحافي، ولم تتمكن قوات الشرطة والأمن العام التابعة للمعارضة حتى الآن الكشف عن الفاعلين.
الاعتداءات ضد الصحافيين والنشطاء الإعلاميين في مدينة الباب تحديداً، وفي مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا بالعموم، في تصاعد مستمر. ففي نهاية العام 2020 اعتقلت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، الناشط الإعلامي عبد الفتاح الحسين، وأطلقت سراحه بعد أسبوع، وبعده بأيام أطلقت “النصرة” سراح الناشطة الإعلامية نور الشللو التي دام اعتقالها لأكثر من ثلاثة أشهر.
وتتشابه حملة الاغتيالات والاعتقالات التي يتعرض لها النشطاء والإعلاميون في مناطق المعارضة أخيراً مع الحملة التي اختبروها في بداية ظهور “تنظيم داعش” بين العامين 2013 و2014، حيث وقع الكثير منهم ضحايا عمليات الدهم والاعتقال والقتل المتعمّد في تلك الفترة على يد عناصر التنظيم بتهمة معاداة مشروع “الدولة الإسلامية” والعمل ضدها.
التشابه المفترض، ألمح إليه ناشطون في الفترة الأخيرة، وذلك في إشارة إلى أنه من الممكن أن تكون العمليات من تنفيذ خلايا التنظيم الذي عادت للعمل وبنشاط ملحوظ في مناطق سيطرة المعارضة وفي الباب تحديداً والتي كانت واحدة من أهم معاقل التنظيم في الفترة الممتدة بين العامين 2014 و2017. في حين وجه فريق آخر من الناشطين الإعلاميين أصابع الاتهام إلى “قوات سوريا الديموقراطية” والنظام السوري، وقالوا بأن النظام و”قسد” هما الجهتان الأكثر استفادة من حالة التوتر التي تخلقها عمليات الاغتيال واستمرار الفوضى الأمنية.
اغتيال النشطاء الإعلاميين والمضايقات التي يتعرضون لها في مناطق المعارضة، وفي الباب بشكل خاص، تبدو كجزء من الحالة الأمنية التي تعيشها المنطقة، حيث تتكرر حوادث الاغتيال والتفجيرات، وتستهدف في معظمها عناصر ومسؤولين وقادة في قوى الشرطة والأمن العام والفصائل المسلحة، ويعكس الوضع الأمني المتردي ضعف المؤسسات الأمنية وحالة الاختراق التي تعاني منها. ففي مدينة الباب وحدها، سُجّلت في العام 2020، 5 عمليات اغتيال، وتم تفجير 6 سيارات مفخخة، ودراجة نارية واحدة، وانفجرت 31 عبوة ناسفة، وكانت حصيلة قتلى العمليات 55 قتيل وأكثر من 150 جريحاً.
وأصدر اتحاد الإعلاميين السوريين بياناً طالب فيه “جميع السلطات التي نصّبت نفسها وصية ومسؤولة عن المنطقة وعن أمنها وحماية القاطنين فيها، بالقيام بدورهم الحقيقي في ضبط الأمن وردع الخلايا الإرهابية”، وحذر الاتحاد “من أننا لن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نشاهد مناطقنا الآمنة وهي تتحول إلى مرتع للإرهاب”.
وقال رئيس اتحاد الإعلاميين السوريين سعد السعد لـ“المدن” إن “عمليات الاغتيال التي تطاول الإعلاميين والنشطاء في مناطق المعارضة “هي مؤشر خطير، وتسببت بتقيد حركتهم”، لافتاً إلى أنها “أثارت الرعب في الأوساط الإعلامية، كوننا جميعنا يمكن أن نكون هدفاً لعمليات الاغتيال، وقد نشهد تصاعداً في العمليات خلال الفترة القادمة في حال لم تتخذ الإجراءات الأمنية للكشف عن الجهات المنفذة”.
وحمّل السعد “الجيش الوطني المسؤولية بالدرجة الأولى عن عدم ضبط الفلتان الأمني”، قائلاً إن “استهداف الإعلاميين هو جزء من الحالة العامة التي تعيشها المنطقة التي تتحكم فيها الفصائل، وتفتتح فيها عشرات المعابر وممرات التهريب التي يدخل منها الإرهابيون والمتفجرات”.
وحول التحذير الذي حمله بيان الاتحاد لمؤسسات المعارضة، قال السعد، إن “الإعلاميين على استعداد لبدء حملة واسعة تسلط الضوء على الفوضى الأمنية التي تعاني منها مناطق المعارضة السورية عامة، والإشارة بكل وضوح إلى الجهات المتورطة والمتواطئة والتي تتحمل كامل المسؤولية عن الوضع الأمني في المنطقة”.
خالد الخطيب_ المدن