syria press_ أنباء سوريا
قالت وكالة “فرانس برس” إن المدعين في بعض أخطر القضايا القانونية في العالم يلجؤون بشكل متزايد إلى المحاكم في ألمانيا في سعيهم لتحقيق العدالة، ومنهم الضحايا السوريون.
وأضافت الوكالة اليوم، الخميس 13 من أيار، أن اتهامات التعذيب المنهجي هي الأحدث في سلسلة من الدعاوى المرفوعة في ألمانيا من قبل المنظمات غير الحكومية وجماعات الضحايا على أساس مبدأ “الولاية القضائية العالمية”.
وتم تقديم هذا المبدأ في ألمانيا عام 2002، وهو يسمح للمحاكم بمحاكمة الأشخاص على جرائم خطيرة مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حتى لو ارتُكبت في مكان آخر.
ونقلت الوكالة عن رئيسة “لجنة العدل الدولية” في “منظمة العفو الدولية”، جان سولزر، قولها إن “كل الآمال معلقة حاليًا على ألمانيا”.
وأوضحت أن القانون الألماني يسمح بتقديم الشكاوى حتى لو لم يكن المشتبه به موجودًا حاليًا في البلاد، على عكس البلدان الأوروبية الأخرى.
ووفقًا للحكومة الألمانية، أجرت وحدة مكافحة جرائم الحرب التابعة للشرطة 105 تحقيقًا بين عامي 2017 و 2019 في جرائم ارتكبت في بلدان سوريا والعراق وساحل العاج وجنوب السودان ومالي.
من جانبها، قالت ماريا إيلينا فينيولي من منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن “هذه الإجراءات هي جزء متزايد الأهمية من الجهود الدولية لتقديم أولئك الذين يرتكبون الفظائع إلى العدالة”.
وأضافت أنه مع عدم ضرورة وجود صلة بألمانيا، فإن مثل هذه القضايا توفر “فرصة لتحقيق العدالة للضحايا الذين ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه”.
واعتبرت فينيولي أن المحاكمات تجري في ألمانيا لضباط سوريين، تضمن أن دولًا مثل ألمانيا “لن تصبح ملاذًا آمنًا لمنتهكي حقوق الإنسان” .
ومع ذلك، حذر خبراء قانونيون من أن للولاية القضائية العالمية حدودها أيضًا، بحسب ما نقلته الوكالة.
وقال المحامي باتريك كروكر، الذي يمثل بعض المدعين في محكمة “كوبلنز”، في تصريح للوكالة، إن “سوريا أرضية سياسية آمنة للمدعين العامين الأوروبيين”.
وأشار إلى أن النظام السوري موجود في قفص الاتهام دوليًا منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في سوريا في عام 2011.
وقال رئيس “منظمة حقوق الإنسان” غير الحكومية التي تتخذ من برلين مقراً لها، وولفجانج كاليك، إن “على السلطات القضائية الألمانية أن تطبق نفس المعايير على المشتبه بهم من الدول الصديقة”.
وكانت المحاكم الألمانية رفضت شكوى جنائية من كاليك ضد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك دونالد رامسفيلد بشأن مزاعم التعذيب في السجون العسكرية الأمريكية.
وأوضحت سولزر من “منظمة العفو الدولية” أن العقبة الأخرى هي “صعوبة إجراء التحقيقات في الموقع”، إذ غالبًا ما يُجبر المحققون على استخدام صور الأقمار الصناعية، أو جعل الضحايا يرسمون الأماكن التي احتجزوا فيها.
وفي 24 من شباط الماضي، حكمت المحكمة الإقليمية العليا في بلدة كوبلنز جنوب غربي ألمانيا على الضابط السابق في المخابرات العامة السورية إياد الغريب، بالإدانة، والسجن لمدة أربع سنوات ونصف السنة بتهمة “جرائم ضد الإنسانية”.
يُعتبر إياد الغريب المسؤول الأدنى رتبة في القضية بعد المتهم أنور رسلان، واُتهم سابقًا بالتحريض على ارتكاب التعذيب بحق المعتقلين، واحتجاز أشخاص عام 2011، وتسليمهم إلى فرع “الخطيب” الأمني، حيث تعرضوا للتعذيب لاحقًا.
الولاية القضائية العالمية
تعد الولاية القضائية، إحدى الأدوات الأساسية لضمان منع وقوع انتهاكات القانون الدولي الإنساني، والمعاقبة عليها في حال ارتكابها من خلال فرض العقوبات الجنائية.
وتنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 على أن الدول الأطراف ملزمة بتعقُّب المشتبه في ارتكابهم مخالفات جسيمة (جرائم حرب)، بغض النظر عن جنسياتهم ومكان ارتكاب الجريمة المزعومة، وتقديمهم إلى محاكمها أو تسليمهم إلى دولة أخرى طرف في الاتفاقيات لمحاكمتهم.
والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 يوسع نطاق هذا الالتزام، ليشمل المخالفات الجسيمة الوارد تعريفها فيه، وفق موقع “اللجنة الدولية للصليب الأحمر“.
وحققت هذه القاعدة فيما سبق عدة إنجازات لا يستهان بها، كدور المحاكم الوطنية الكينية بعرقلة زيارة الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، لأراضيها، وسعيها لتحويل أمر المحكمة الجنائية الدولية بالقبض عليه إلى أمر قضائي وطني.
وكذلك قرار المحكمة البريطانية بإصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، وبعدها، أمرها بمحاسبة أي مسؤول مصري تورط بدماء المتظاهرين في مصر، يضاف إليها دور هذا الاختصاص بمحاكمات المجرمين في رواندا والبوسنة.
المصدر: عنب بلدي