يشتهر الكاتب الأميركي، غاري تشابمان (مواليد عام 1938) بسلسلة “لغات الحب الخمس” المتعلقة بالعلاقات الإنسانية (سنة نشر الطبعة الأولى عام 1992)، حيث يكشف في هذا الكتاب تشابمان عن الكيفية التي يُعبر بها أشخاص مختلفون عن حبهم بطريقة متباينة.
وفقا للمؤلف الأميركي فإن الطرق الخمس للتعبير عن الحب وتجربته بين الشركاء، والتي يدعوها “لغات الحب”، هي تلقي الهدايا، قضاء الأوقات الممتعة، كلمات التأكيد، الأعمال الخدمية، الاتصال الجسدي.
قد يعطي الإنشغال الدائم عن الشريك شعورا بعدم الطمأنينة وغياب الأمان، بحسب “لغات الحب الخمس” لذا فلا بد أن يشعر كل طرف في العلاقة أن وقت الشخص الآخر مكرس له ولو بنسبة ملحوظة منه. وهذا ما تفسره المستشارة في العلاقات الزوجية والأسرية، عائدة عادل، التي تقول خلال حديثها لـ”الحل نت” أن استمرار منح كل شريك وقته الكامل للآخر؛ له انعكاس سلبي على العلاقة، لذا فإن أساس العلاقة الصحيحة وأهم عوامل استمرارها بتوازن هو تفريغ بعضا من الوقت كل يوم للطرف الآخر، بما يحمي ويصون هذه العلاقة.
طريقة اكتشاف اللغة المناسبة
يقول تشابمان أن طريقة اكتشاف لغة الحب الخاصة بالآخرين هي مراقبة طريقة تعبيرهم عن حبهم للآخرين، وتحليل الأشياء التي يتذمرون بشأنها وما يطلبونه من شركاء حياتهم في الغالب. وفي كتابه يخلص إلى نظرية تقول إن الأشخاص يميلون إلى تقديم الحب بشكل طبيعي من خلال طرق يفضلون تلقي الحب من خلالها، ويمكن تحقيق تواصل أفضل بين الثنائي عندما يستطيع كل واحد إظهار اهتمامه بالآخر من خلال لغة الحب التي يفهمها الشخص المتلقي.
فعندما تكون لغة الحب الخاصة بالزوج هي الأعمال الخدمية، قد يصيبه الإرباك عندما يغسل الملابس لزوجته ولا تتلقى هي ذلك على أنه تعبير عن الحب، وتراه ببساطة على أنه يقوم بواجباته المنزلية، لأن لغة الحب التي تفهمها هي كلمات التأكيد (التأكيد اللفظي على حبه لها)، فقد تحاول استخدام ما تراه قيّما، أي كلمات التأكيد للتعبير عن حبها له، وهو لن يقدّر ذلك على النحو الذي تفعله هي. عندما تفهم لغة الحب الخاصة به وتجز العشب عنه، سوف يتلقى ذلك عبر لغة الحب الخاصة به على أنه فعل للتعبير عن حبها له، وكذلك الأمر عندما يخبرها أنه يحبها، فإنها ستقدر ذلك على أنه تعبير عن الحب، بحسب تعبير تشابمان.
الكاتب بيّن أن كلمات التشجيع هي ثاني طرق التعبير عن الحب والتحفيز، ولا يُقصد هنا تملق الزوج أو الزوجة بل تحفيز الشجاعة لديهما، وهذه كلمات نستعملها في رغبة هي أو هو يسعى لتحقيقها. كذلك فإن تبادل الهدايا هو شئ يمكن أن يكون التعبير عنه من خلال أمور بسيطة، ليكون ذلك بمثابة مسك اليد والقول داخليا إنه حقا يفكر بي، حيث يعتبر إعطاء الهدايا لغة للتعبير عن الحب.
أسمهان يوسف، وهي مهندسة سورية (35 عاماً) متزوجة بعد علاقة حب استمرت 3 سنوات، وتعتبر خلال حديثها لـ”الحل نت” أن الظروف المعيشية داخل سوريا باتت أصعب من أن توصف، “هذه الظروف من المنغصات الرئيسية على علاقات الحب والزواج. أنا وزوجي لا نفكر بأن الاهتمام بمسؤوليات الحياة والأطفال يقللان من الحب وتوهجه. يكفي أن نتهادى الكلام الرومانسي بشكل يومي أو أن أقدم له مساعدة في عمله مقابل أن يقوم ببعض أعمال المنزل. هذا أمر عظيم فيما بيننا يزيد من مستوى الحب كل يوم بشكل أكبر”.
في حين تشير عائدة عادل، بأنه وفي الوقت الذي يجد فيه بعض الرجال أنه من السهل التعبير عن عواطفهم وحبهم بالكلمات، يجد نوع آخر منهم صعوبة في التعبير عن مشاعرهم من خلال الكلام، فإذا كان الزوج لا يعبر دائما عن حبه شفاهة، فهذا لا يعني أنه لم يعد يحب شريكته، ولكنه يشعر بسبب ضغوط الحياة بعدم الارتياح عند ترجمة مشاعره إلى كلمات.
أما عن المرأة فتشير عادل بأن طرق التعبير لديها تكون أكثر عمقا وتأثيرا، حيث تكون لغة العيون آسرة وحاضرة، فالنظرات للرجل باهتمام وفضول ظاهر تبدو جلية لديها أكثر من الرجل، فلغة الجسد هي من الأمور التي يمكن من خلالها كشف الحب لدى المرأة لأنها أمر عفوي لا يمكنها السيطرة عليه أو إخفاءه.
كذلك فإن المرأة تحاول أن تبقى إلى جانب الرجل دائما في السراء والضراء، سواء كان سعيدا أو حزينا، حيث تشجعه على تحقيق أحلامه وتساعده في هذا، كما أنها ستبقى بقربه خاصة في الأوقات التي يشعر فيها بالفشل والإحباط وستبذل قصارى جهدها لدعمه وتشجيعه.
لغات مختلفة
لكل امرئ منا لغة حب خاصة به يفصح عنها بطلباته واهتماماته بأسلوب غير مباشر، ودوره يكمن في تتبع سلوكياته لتخاطبه باللغة التي يفقهها، ولكن قد يتساءل البعض ما أهمية هذا؟ حين يبذل البعض مالا وجهدا في التعبير عن حبه فيقابل الآخر الأمر بسلبية بحتة. موقف كهذا يُعلمنا أن الطرف الآخر لا يتحدث لغة تبادل الهدايا التي لا تعنيه ولا تسعده إطلاقا، فربما كانت لغته تكريس الوقت وبالتالي فإن ساعة معه تغنيه عن هدايا كثيرة.
بالتالي فإن على كل من الرجل والمرأة التحدث باللغة التي تناسب الشريك الذي أمامه، ولايعطي الشخص ما لا يحتاجه ثم يتساءل بعدها لما لا يتجاوب مع أفعاله ومجهوده.
يشير المؤلف الأميركي في كتابه إلى أنه مهما تعددت لغات الحب ستظل لغات العشاق وحدها المفهومة والفراق نقطة مشتركة لكل عاشق. “كلمة الحب هي أهم كلمات اللغة، وهي أيضا الأكثر إثارة للحيرة، وقد اتفق كل من المفكرين الدينيين والمفكرين العلمانيين على أن الحب له دور مهم في الحياة، وقد قيل أن الحب هو أسمى معاني الجمال، وقيل أيضا؛ أن الحب يجعل العالم يتطور”.
إن أكثر ما نحتاج إليه من الناحية العاطفية ليس أن نقع في الحب، ولكن أن نشعر بالحب من غيرنا، وأن نصادف الحب الذي يكون من خلال العقل والاختيار وليس الغريزة؛ فالمرء يحتاج إلى أن يشعر بالحب من شخص اختار أن يحبه، ورأى فيه شيئا يستحق حبه، وفق تشابمان.
إن أحد الطرق للتعبير عن الحب عاطفيا أن يتم استخدام كلمات مشجعة، وقد قال أحدهم قديما: يملك اللسان قوة الحياة والموت، فلا يعلم الكثير من الأزواج والزوجات الأثر الكبير الذي يحدثه تشجيع كل منهما للآخر.
لذا فإن معظم الأشخاص الذين يشتكون من أن شريك حياتهم لا يتكلم معهم، لا يقصدون حرفيا أنه لا يتفوَّه بكلمة إطلاقا، بل يقصدون أنهم نادرا ما يشتركون في حوار عاطفي.
سيرين شاهين _ الحل نت