ظهر اسم المنطقة الخضراء إثر غزو قوات الاحتلال الأميركي العراق عام 2003، وتبلغ مساحتها تقريبًا 10 كم²، وتقع في وسط بغداد.
بدأ اسمها بالظهور مع قيام الحكومة العراقية الانتقالية، ولها عدة بوابات، منها بوابة القدس، وبوابة وزارة التخطيط، وبوابة القصر الجمهوري، وتغيّر اسمها إلى المنطقة الدولية.
هي من أكثر المواقع العسكرية تحصينًا في العراق، وهي مقر الدولة من حكومة وجيش، إلى جانب احتوائها على مقر السفارة الأميركية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية لدول أُخرى؛ وتقع على ضفة نهر دجلة، فهي خضراء من جهتين، طبيعية وأمنية، ويمكن لثلاثة آلاف إنسان السكن فيها.يمكن القول إن إسرائيل هي منطقة خضراء كبيرة معزولة بالجدران العازلة في فلسطين المحتلة، فأين المنطقة الخضراء السورية؟
يبني عبد الفتاح السيسي العاصمة الإدارية وهي منطقة خضراء مصرية يمكن السكن فيها لما يقرب من 70 ألف موظف من النخبة المصرية، بعيدًا عن الشعب، إنها سفنيه نوح وسط طوفان الفقر والديون، بعد أن أفسد منظر القاهرة بالطرق العجيبة، والجسور الكاتمة. وفي أفغانستان التي احتلتها أميركا منطقة خضراء، يمكن القول إن إسرائيل هي منطقة خضراء كبيرة معزولة بالجدران العازلة في فلسطين المحتلة، فأين المنطقة الخضراء السورية؟
ظنَّ كثيرون أنَّ الأسد قد يفرّ إلى المنطقة الساحلية الخضراء، لولا رمزية العاصمة الأموية، وكان قد جرف دمشق جرفًا ناعمًا، فاحتل الوافدون بيوت السكان الدماشقة باسم الاستئجار، وأنشأ الوافدون حيّ مزة 86، وهي منطقة عشوائية شديدة القبح، وأكلت الثكنات العسكرية الغوطة الدمشقية، وهي منطقة خضراء تحولت إلى صحراء قاحلة، وكان ذلك سببًا من أسباب الثورة، فسكان الغوطة كانوا ولا يزالون ثائرين.ثم اسُتعملت الباصات الخضراء في نقل سكان الغوطة الخضراء الناجين من الكيماوي إلى إدلب الخضراء، ولم يبقَ في الغوطة إلا كما بقي من الهنود الحمر في أميركا.
كان الوافدون من الساحل إلى العاصمة والمدن الداخلية قد استأجروا بيوتًا، ثم صارت ملكًا لهم، إلى أن جاء بشار الأسد، في بداية توليه منصب أبيه وراثة، وأصدر قانونًا عُدّ ثورة إصلاحية وقتها، صار المستأجر مشاركا لمالك البيت في الملكية، وكان أصحاب البيوت يتقاضون أجورًا زهيدة لا تعادل أجرة الطاقة الكهربائية بسبب التضخم، كان ذلك غزوًا ناعمًا باسم القانون.لم يبنِ الأسد منطقة خضراء، بل بنى في الشوارع السورية كثيرًا من الفروع الأمنية المحصّنة بالجدران، وجعل لها مطبات صناعية.
والغوطة تتبع دمشق، وهي سهل ممتد من بساتين غنّاء من أشجار الفاكهة، وكانت من أخصب بقاع العالم، وقد جاء في كتاب عجائب البلدان: “الغوطة هي الكورة التي قصبتها دمشق، وهي كثيرة المياه نضرة الأشجار متجاوبة الأطيار مونقة الأزهار ملتفة الأغصان خضرة الجنان… استدارتها ثمانية عشر ميلًا كلها بساتين وقصور تحيط بها جبال عالية من جميع جهاتها ومياهها خارجة من تلك الجبال وتمتد في الغوطة عدة أنهار وهي أنزه بقاع الأرض وأحسنها”. وهي إحدى جنات الدنيا، والغوطة عبارة عن غابة من الأشجار مثمرة البساتين، وكان القدماء يعدّونها من عجائب الدنيا.
واشتهرت غوطة دمشق بخصوبة الأرض وجودة المياه، حيث تغذي بساتين الغوطة مجموعة من الأنهار الصغيرة من فروع نهر بردى، وشبكة من قنوات الري، وهي عبارة عن بساتين من شتى أنواع أشجار الفاكهة، وبساط أخضر ممتد فيه كل أنواع الخضروات، ومن أشهر فواكه وثمار الغوطة المشمش بأنواعه البلدي والحموي، والتوت (التوت الشامي)، والخوخ والقراصيا والدراق والكرز والجوز، وكذلك تشتهر بزراعة جميع أنواع الخضر والذرة الشامية الشهيرة والزهور، وربيع الغوطة له رونقه وجماله حيث الربيع بكل معانيه.
وكانت الغوطة درسًا من دروس التعبير في المناهج المدرسية. كل الملوك كانوا يكلفون بالعمران، ويخلّدون مصانع وآثارًا عمرانية تذكّر بهم، مثل إرم ذات العماد التي بناها قوم عاد، وهناك بضعة وأربعين مدنية باسم الإسكندر المقدوني، وقد بنى عمر بن الخطاب مدينتي البصرة والكوفة، ومدينة بغداد التي بناها أبو جعفر المنصور، والسيسي الذي يستدين ويعمّر، وبنى صدام حسين آثارًا كثيرة، إلا الأسد، كان يبني آثاره في أرواح الشعب، وقد ترك كثيرًا من الأنقاض، وكان معروفًا أن الأمم المتحدة عرضت عليه بناء القنيطرة المدمرة، فرفض بزعم أنه يريد أن يتركها أثرًا من آثار العدوان، حتى يذكّر بها الشعب، ولم يكن مسموحًا زيارة القنيطرة إلا لأقارب الدرجة الأولى، فعطّل العبرة من آثار العدوان، لم يكن نظام الأسد وابنه معنيّين سوى بالثقوب السوداء، ولم يكن آخرها حرق جثث المعتقلين، إعداما للآثار أما تصوير الحرق للنكاية والاشتفاء فهو تأكيد على عدم وجود جريمة كاملة.
أحمد عمر _ تلفزيون سوريا