منذ منتصف نيسان/ إبريل 2022، بدأت قوات سورية الديمقراطية -وعلى نحو غير معتاد- الترويجَ بشكل كبير لاستعداد القوات التركيّة لشنّ عمليّة عسكريّة جديدة تستهدف مناطق سيطرتها في سورية، وهو ما يتم بثّه عَبْر لقاءات وتصريحات دوريّة لقادة المجالس العسكريّة التابعة لقسد ورؤساء المجالس التشريعيّة والتنفيذيّة التابعة للإدارة الذاتية.
لكن حتى مع إطلاق تركيا في 17 نيسان/ إبريل الجاري، عملية عسكريّة بريّة وجويّة ضدّ حزب العمال الكردستاني في عدد من مناطق إقليم كردستان العراق؛ تبقى هواجس قسد ومخاوفها غير مستندة لأيّة مؤشرات كافية وعمليّة على أرض الواقع؛ فقواعد الاشتباك في سورية مختلفة عمّا هي عليه في العراق وغير مرتبطة بالضرورة بها، إضافة لعدم رصد أيّ تجهيز أو حشد أو استنفار عسكري على الحدود أو على خطوط التماسّ بين قسد وفصائل المعارضة السورية المسلّحة.
في الواقع، يُمكن تحديد عدد من الأهداف المحتملة التي تدفع قسد للترويج لعملية عسكرية تركية في سورية بهذا الشكل في ظل غياب المؤشرات الكافية، وذلك في إطار التوظيف وتحقيق المكاسب؛ مثلما هو موضّح أدناه:
• محاولة عرقلة الجولة الجديدة المرتقبة من الحوار “الكردي – الكردي” والتي تعمل الولايات المتحدة على إنجاحها من خلال اللقاءات التي يقوم بها “ماثيو بيرل” نائب المبعوث الأمريكي الجديد إلى سورية للضغط على طرفَي الحوار؛ فقسد غير مستعدة لتقديم تنازُلات في قضايا مثل فك الارتباط عن PKK وإلغاء التجنيد الإلزامي ومشاركة المجلس الوطني في الإدارة الذاتية وتغيير المناهج التعليمية وانتشار البيشمركة في مناطق نفوذها.
• السعي للحصول على موقف من الولايات المتحدة للضغط على تركيا من أجل تقليص حجم ضرباتها وعملياتها العسكريّة ضد قسد وحزب العمال الكردستاني بدعوى التأثير على سير عمليات مكافحة الإرهاب.
• توفير غطاء لسياساتها المستمرة في التجنيد القسري والتعبئة بدعوى الجاهزية العسكرية، خاصةً مع إطلاقها لحملة تجنيد جديدة في مناطق سيطرتها تشمل وللمرّة الأولى حتى المقيمين في هذه المناطق من القادمين من خارجها، لتعويض النقص الناجم عن قرار تقليص الشريحة العمرية المستهدفة بالتجنيد في 4 أيلول/ سبتمبر 2021.
• محاولة إشغال السكان في مناطق سيطرتها عن المشاكل الاقتصاديّة والمعيشيّة الداخلية التي يعيشونها والناجمة عن الفساد وسُوء إدارة الموارد واستنزافها من قِبل كوادر حزب العمال المتحكّمين بكافة المفاصل الاقتصاديّة والإداريّة والأمنيّة للمنطقة.
عموماً، وبالرغم من محاولة قسد تصدير مخاوف أكبر ممّا هي حول خطر تنفيذ تركيا عمليّة عسكريّة جديدة تستهدف مناطق سيطرتها وتوظيف ذلك لأجندة داخلية، إلّا أنّ ذلك لا ينفي استعداد أنقرة لتنفيذ هجوم جديد شمال شرق سورية، لا سيما وأنّها تسعى أصلاً لتغيير قواعد الاشتباك في المنطقة مستفيدة من انشغال روسيا في أوكرانيا وإطلاق الآلية الإستراتيجية مع الولايات المتحدة.
المصدر: مركز جسور للدراسات