سيريا برس _ أنباء سوريا
منذ عام 2011 بدأت موجات النزوح واللجوء من سوريا إلى شتى أصقاع العالم، ليصل عدد السكان خارج بيوتهم ومناطق سكنهم المعتادة إلى نصف سكان سوريا وفق تقارير الأمم المتحدة. تغيير مكان الإقامة بشكل عام يترك تأثيره على الأفراد من الجنسين وبمختلف الأعمار، بشكل خاص عندما يكون الانتقال إلى دولة ومجتمع مختلف كلياً عن المجتمع الأصلي. موجات الهجرة الكبيرة وغير المسبوقة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة شكلت تحدياً كبيراً لتلك الدول والحكومات، وأيضاً للمهاجرين وطالبي اللجوء.
بالعودة إلى الحالة السورية ووفق إحصائيات نشرتها الصحف الأوربية استناداً إلى إحصاءات رسمية فقد وصل مليونان ومائتا ألف لاجئ سوري إلى الاتحاد الأوربي خلال الأعوام من 2012 إلى 2020.
هجرة السوريين القسرية كانت دون تخطيط مسبق ودون تحضير نفسي، كانت هرباً من الحرب أو الملاحقة أو التجنيد.
ضعف فرص الزواج
الآن عشرات الآلاف من الشباب والشابات في سن الزواج في مختلف الدول الأوربية، ومع ذلك يشتكي الطرفان من ضعف فرص الزواج، رغم عروض الزواج الكثيرة. هي مشكلة متكررة حقيقة، أحياناً السبب هو التطلب المادي المبالغ فيه، وهو سبب قديم غير متعلق بتغير المجتمع.
السبب الأكثر تعقيداً هو الذي طرأ بعد الهجرة والمتعلق بالاندماج الذي تسعى إليه الدول المضيفة وتضع خطط وبرامج وتنفق أمولاً طائلة لإدماج اللاجئين بشكل خاص مع المجتمع المحلي، لتضييق المسافة بينهم ويكونوا جزء من عملية التنمية الاقتصادية، أيضاً لتجنب الإقصاء والتمييز والتطرف.
الذي حصل أن النساء كنَّ أكثر متابعة للبرامج التعليمية والثقافية والاجتماعية، وأكثر مرونة بالتواصل والعلاقات الاجتماعية. بداية كانت دورات تعلم اللغة والاندماج متنفس لهن، وهناك أتيحت لهن فرص عديدة للمشاركة في تجمعات للنساء وجمعيات وغيرها، فنجد الفتيات والنساء بتنَّ أكثر انفتاحاً وتقبلاً للجديد ورفضاً للتقليدي الذي يحجِّم المرأة بالأعباء المنزلية والأسرية ويقيد شخصيتها ويفرض وصايته على مظهرها وحركتها.
بالمقابل الكثير من الرجال والشباب صغار السن اتجهوا إلى العمل، دون خبرة أو معرفة لغوية، ومنهم من اشتغل بالأسود في منشآت تقبل هذا النوع من العمالة غير النظامية. بذلك بقيت علاقاتهم ضمن مجتمعات مغلقة وظروف حياة شبيهة بمجتمعنا المحلي، وبقي ذات الحاجز بينهم وبين الآخر المختلف، بل بقيت بأذهانهم تلك الصورة النمطية المتكونة سلف عن المجتمع الأوربي وعلاقاته المشوهة.
من جديد تطفو الحالة الذكورية
يريد هؤلاء الشبان أن يمارسوا نفس الطقوس التي كانت حقاً لهم في بلدنا التي تنتمي إلى الثقافة الذكورية، والتي باتت مفهومة وممجوجة الآن من النساء، أو أنه يتفهم حرية المرأة والتشاركية باتجاه واحد، بمعنى أن تذهب إلى العمل وتكسب المال فقط، لكن التشاركية تلك لا تشمل أمور البيت والأولاد. البعض يرفض حتى العلم والعمل من مبدأ المرأة للبيت وتربية الأولاد، والعمل يعني اختلاط لا يرضى به، ويرفض أي نشاط مجتمعي حتى مع النساء، فذلك سيكون على حساب مسؤولياتها تجاه زوجها وبيتها (وفق رأيه). في حين العمل المجتمعي أساسي في الحياة بهذه الدول؛ ومنهم من يعتبر نفسه تقدمي كونه لا يضرب زوجته.
كيف لامرأة شعرت بقيمتها ولمست احترام الآخرين وتقديرهم لها، أن تتراجع لتقبل تحمل ضغوط وأعباء مركبة. حقيقة النساء لا يتقبلن هؤلاء الرجال وهم الغالبية من اللاجئين الذكور، الذين يرون النساء تحولن إلى النمط الأوربي، فلا يعجبها الرجل الشهم الغيور الذي يكرم المرأة ويحميها، من وجهة نظره.
أحدهم يريد أن يخطب فتاة من سورية، فجميع الفتيات اللواتي التقى بهن اليوم تحولن إلى أوربيات وهو يرغب بفتاة تشبه أمه أخته في مظهرها وعنايتها في البيت وبراعتها في المطبخ واهتمامها بزوجها وتسمع الكلمة وووووو. أجبته دون تردد، تلك أيضاً سوف تتركك بعد وقت غير طويل.
العديد من الصبايا والنساء اللواتي سبق لهن الزواج حدثنني عن تجاربهن بالتعارف على رجال بقصد الزواج، كن محبطات ومشوشات، لا ترغب أياً منهن العودة للوراء، الذكورية الطاغية لا يمكن تقبلها، كانت سمة ماضي غير مأسوف عليه. البعض منهن تفكر بإجراء عملية تجميد بويضات حتى يكون الحمل متاحاً ولو تأخرت في الزواج، وأخريات تقبلن سلفا فكرة الطلاق إن تمسك الزوج بعقلية غير مدنية.
الحقيقة الثابتة، الزمن لا يعود للخلف والنساء لن تقبلن شروط مجحفة أو معاملة تنال من كرامتهن.
الكاتية : كفاح زعتري _ الأيام السورية