أعلنت جمعية بريطانية، عن تنظيم لقاء مع واحدة من أبرز الشخصيات التي نشطت في تهريب آلاف اليهود من سوريا، إبان حكم حافظ الأسد، مستغلة فجوات الفساد الكبيرة والكثيرة في جسم النظام الحديدي.
وبحسب “زمان الوصل”، فإن جمعية “Harif” التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، وتقدم نفسها كجمعية معنية بشؤون يهود شمال أفريقيا والشرق الأوسط، اعلنت عن تنظيم لقاء مع “جودي فيلد كار” الموسيقية الكندية التي نذرت نفسها لتهريب يهود سوريا من قبضة الأسد.
اللقاء المنتظر إجراؤه يوم 28 الشهر الجاري، خصص خطوطا مفتوحة في كثير من بلدان العالم، بينها دول عربية، لطرح الأسئلة على “فيلد كار” التي ستظهر في بث مباشر للحديث عن تجربتها “الفريدة”.
“فيلد كار” المولودة عام 1938 في مونتريال بكندا، عرفت بكونها واحدة من أبرز الشخصيات النسائية التي تحظى بتقدير اليهود، نظرا لما بذلته من جهود في سبيل تهريب نحو 3230 يهودي من قبضة نظام حافظ، الذي كان يستخدمهم كورقة ابتزاز وضغط، حسب تصريحات سابقة لـ”فيلد كار”.
ووفقا لما نقل عنها سابقا في مناسبات عديدة، فقد نشطت “فيلد كار” في تهريب اليهود السوريين على مدار 28 عاما، من 1973 حتى 2001، واستطاعت بالفعل إخراج أكثر من نصفهم (كان عدد اليهود يومها يقارب 6 آلاف، طبقا للجمعيات المعنية).
وتقول مجلة “تيارات يهودية” التي تأسست عام 1946، في معرض تعريفها بجهود “فيلد كار” إن هذه المرأة اعتمدت في شكل أساسي على تقديم الرشى لرجال نظام الأسد، ونجحت بفضل ذلك من استخلاص آلاف اليهود، وأمنت وصول المئات منهم إلى الولايات المتحدة وحتى “إسرائيل”.
وحتى بعد “ذوبان الجليد” بين حافظ وتل أبيب في تسعينات القرن الماضي، وقص شريط المفاوضات العلنية، ما خفف الضغط عن اليهود، بقيت الرشوة صاحبة الكلمة العليا لدى نظام الأسد، وبقيت “فيلد كار” مواظبة على دفعها في سبيل “خدمة القضية التي تناضل لأجلها”.
وقد امتدحها أحد كبار المؤرخين اليهود، ودبج في ذلك كتابا كاملا عن جهود امرأة واحدة، وواحدة فقط أنقذت جموعا غفيرة من اليهود، قائلا إن “فيلد كار” أنجزت مهمتها على ما يرام، رغم أنها عملت في الظل طويلا وتأخر تعريف العامة بها ردحا من الزمن.
أما التلفزيون العبري فصنع فيلما وثائقيا كاملا عنها، سماه “السيدة جودي”، وقد كرمتها دولتها كندا، كما حازت على تكريم الدولة العبرية ممثلة برئيسها –حينذاك- شمعون بيريز.
وأقرت كثير من الجمعيات والمنظمات اليهودية بـ”فضل” فيلد كار، ونصبتها كـ”بطلة فريدة” وكرمتها على دورها الاستثنائي في التعاطي مع قضية اليهود المرتهنين في قبضة حافظ الأسد، الذين “اشترتهم واحدا تلو الآخر”، على حد تعبيرها.
ولم يتحدث أحد علنا عن مقدار الرشى التي دفعتها “فيلد كار” لنظام الأسد، ليس مقابل تهريب اليهود فقط، بل مقابل أيضا تهريب وثائق ومخطوطات يهودية نادرة، منها مخطوطة تعرف باسم “التاج” التي احتفظت بها دمشق طويلا، ولكنها على عهد الأسد باتت في عهدة “الجامعة العبرية” بالقدس المحتلة.
تقول فيلد كار، في مقابلة خصت بها “جريدة “جيوزاليم بوست” العبرية صيف 2012، ترجمت “زمان الوصل” أهم فقراتها، إنها قامت بتهريب يهود سوريا لمدة تناهز 3 عقود بمنتهي السرية، ودون أن يعلم عنها أحد إطلاقا، ولم يكن لها أي ظهور عام، لا على وسائل الإعلام، ولا حتى عبر إقامة حفلات لجمع التبرعات (التي ستدفع كرشى لنظام الأسد) كما جرت العادة.
وخلال هذه المقابلة أبدت “فيلد كار” امتنانها الكبير لخروج كل يهود سوريا منها قبل اندلاع الحرب، حيث لم يبق من أصل الآلاف سوى 17 فردا فقط، من كبار السن أو العجزة.
وترفض “فيلد كار” الإفصاح عن تفاصيل العمليات التي قامت بها في سبيل تهريب هذا العدد الضخم، قائلة إن لكل عملية خصوصيتها، ومكتفية بضرب مثل عن تهريبها لعائلة طيار في سلاح الجو العبري، كانت موجودة في سوريا، وقد استعان ذلك الطيار بالرئيس الإسرائيلي نفسه من أجل إخراجها، فما كان من هذا الرئيس إلا أن استنجد بـ”فيلد كار” التي قامت بإنجاز المهمة.
اللافت في قصة “فيلد كار” ليس فقط قدراتها “الجبارة” على تهريب آلاف اليهود ودفع الرشى طوال 30 عاما تقريبا لنظام الأسد، بل أيضا في أنها أنهت نشاطها هذا في يوم 11 أيلول/سبتمبر 2011، أي يوم وقع الهجمات الشهيرة على برجي التجارة العالمي، بل إن “فيلد كار” تقول إنها أوقفت نشاطها في دفع الرشى وتهريب اليهود قبل ساعة من وقوع ذلك الهجوم، دون أن تقدم تفسيرا أو رابطا بين الأمرين.
المصدر: زمان الوصل