ينتصر الآخر، الأسد والمجتمع الدولي، على السوريين المتطلعين للحرية، إن بالداخل أو الشتات، وقتما يكسونهم بحلل الإحباط واليأس، ويضعونهم بموقع مستنجد الخلاص، أيّ خلاص، وقتذاك، سيوسم اليائس المحبط بصفة المهزوم، ويسن الفائز بمنطق الحروب قوانين النصر، وما على المهزوم، سوى القبول والطاعة، فهو بمنتهى الاختصار مهزوم وليس للخاسر رأياً أو شروطاً بنهاية المعارك، سوى التنفيذ.
أي، ربما التحدي الأكبر أمام جميع السوريين، هو الابتعاد ما أمكن، عن شعور الهزيمة وطلب الحل بشروط القاتل والساكتين عن جرائمه، حتى ولو استمرت الخيبات وفاضت الفضائح وبلغ دعم الأسد والسكوت عنه، حدود العرّي، من شمال يدعّي الديمقراطية ومساندة حرية الشعوب.
وهنا، ثمة أسرار كثيرة، من شأنها ولو نسبياً، أن تبعد السوريين عن فخ اليأس والقبول بـ”الواقعية” التي عاد الترويج لها بالسر والعلن وتسويق الأمر الواقع وشعارات الانهزام، من شاكلة العين والمخرز.
وإن لم نخض بشواطئ الآمال التي يحاول معارضون وساسة، تجفيفها وتلويثها، يكفينا التذكير بانتهاء مقولة “الأسد للأبد” والتي إن لم تحقق ثورة السوريين سواها، فكفاها. والإشارة إلى واقع عصابة الأسد وحواضنها، إن بقيّ لها حواضن بعد إذلال وتجويع الداخل، هو -واقعهم- وعلى جميع الصعد، أكثر إيلاماً ويأساً واستسلاماً، وبعشرات المرات، مما أهل الحق وسعاة الحرية عليه.
هذا إن لم نأت على الآمال المتجددة التي تصيغها نجاحات الطلاب السوريين بالخارج وتفوق المستثمرين وتبدل مفاهيم الخنوع التي تبشر بجيل وسوريا جديديّن، أياً بلغ دعم القاتلين ووصل بيع الزمن، وإن على حساب أرواح السوريين وتكريس قناعات اللاعودة لسوريا المستقبل بعد التلذذ بعسل الهجرة وحريات الشمال الديمقراطي.
وربما من أكثر مصائب السوريين وجعاً وخيبة، هم “الساسة” سراق القرار والإنابة غصباً عن السوريين، فهؤلاء وإثر انتماءاتهم اللاسورية وإدمانهم التنظير والكراسي، أعطوا للأسد أكثر مما كان يحلم، ليأتي “الثورجية” فيجهزوا على حلم عمره نصف قرن، عبر ظلم وقتل وأسلمة، لتكتمل حلقة حصار الأمل بـ”سبحان من جمع النيريّن”.
هذا، إن لم نأت على السبب الأساس والمشيئة الدولية بإطالة عمر الثورة لتتحول لحرب وأحقاد، يؤجج كل حين عبر زيف جغرافي وخديعة قرارات دولية وما يتمخض عنها من إلهاء. كلجنة دستورية مرة وقانون قيصر أخرى ووعود بإنفراج ولو من خرم خلاف الأسد وآله أو اختلاف المحتلين على كعكة مصير السوريين وفتات خراب سوريتهم.
نهاية القول: لا أعتقد بإعادة نظام الأسد اليوم، حكومة الكركوزات رغم ما قيل عن تغيير وتدخل دولي، أي سبب لمزيد احباط، كما لا أرى بـ”الكذب” الأمريكي المستمر، أي مبرر لليأس…ولا حتى بزيادة سطوة المحتلين عذراً لينزوي السوريين ويتركون أملهم بسوريا ديمقراطية، بعد كل التضحيات والأثمان.
بل أرى الموجع بعدد مخيمات الشمال “1293 مخيماً” وأظن الوجع بعوز قاطنيها “مليون وخمسون ألف سوري”، وأحسب الخيبة والاختراق، ليس بالمجتمع الدولي فحسب، بل بنحو1200 منظمة سورية بتركيا فقط، لهث جل من فيها، قبل أن تغلق تلك الدكاكين ومراكز الأمن العالمي، للقصاص وسرقة الضوء والمال.
ببساطة، لأن نظام الأسد منته وساقط ومحال إعادة تدويره، لكنه ندوب السوريين التي قيحّها ذوو القربى، بعد أفعال هواة السياسة والقتل وفعائل النشطاء الجوعى، هي وحدها من تحبط الحالمين.
عدنان عبد الرزاق_ “زمان الوصل”