مع استمرار سنوات الحرب وتشتت العائلات السورية بين مناطق سيطرة مختلف الأطراف المتصارعة في سوريا، ارتفعت مؤخرا أعداد الأطفال مجهولي النسب، أو غير الحاصلين على أوراق رسمية بسبب عدم تثبيت عمليات الزواج والولادات لدى الحكومة السورية لأسباب كثيرة، يتعلق أحدها بانقسام مناطق السيطرة.
وكشفت مؤخرا تقارير صحفية في مدينة حلب عن وجود آلاف الأطفال بأعمار مختلفة، لا يملكون أي أوراق رسمية، بسبب عدم تثبيت زواج والديهما، أو غياب أحدهما وعدم إمكانية قدومه للمؤسسات الحكومية لتثبيت عقد الزواج الذي غالبا يتم بشكل غير قانوني عبر “شيخ” ومجموعة من الشهود.
وأجرت إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، اتصال هاتفي مع أم حلبية، يوم أمس الثلاثاء، وهي امرأة انفصلت عن زوجها بعد سيطرة فصائل المعارضة على قسم من مدينة حلب، ولم يتم تثبيت حالة الطلاق بسبب صعوبة التنقل.
طفل 6 سنوات بدون أوراق!
وأوضحت في تصريحاتها للإذاعة أنها بعد زواجها الأول وإنجابها لطفلين، عاودت الزواج من رجل آخر قبل أن يتم تثبيت طلاقها من الزواج الأول بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في مدينة حلب.
الزواج الثاني نتج عنه طفل بقي مجهول النسب، بسبب عدم تثبيت الزواج وخروج الزوج الثاني نهاية عام 2016 من حلب إلى إدلب، بعدما عاودت القوات النظامية السيطرة على مدينة حلب بالكامل، ورفض الزوجة مغادرة المدينة، ما اضطر زوجها الثاني لطلاقها عبر الهاتف، وليبقى ابنهما حتى الآن دون أوراق ثبوتية، لأن زواج والديه وطلاقهما لم يتم تسجيله أصولا في مؤسسات الدولة.
آلاف الحالات سنويا شمالي سوريا
من جانبه أكد رئيس المحكمة الشرعية الأولى في حلب، مروان حاج حمود، أن المحكمة تستقبل آلاف الدعاوى سنويا لتثبيت عمليات الزواج التي حصلت في غياب “مؤسسات الدولة”، بحسب تعبيره، مشيرا في تصريحات لـ”شام إف إم” أن المحكمة تتساهل في عمليات تثبيت الزواج والأطفال.
وسجلت البلاد آلاف الحالات الغريبة في عمليات الزواج والطلاق، وذلك مع غياب مؤسسات الدولة في كثير من المناطق لسنوات، فضلا عن قضية المهور التي باتت تشكل مشكلة أساسية في إتمام عمليات الزواج مع انهيار العملة المحلية.
وسجلت اللاذقية إحدى أغرب حالات طلاق حصلت في سوريا حيث كشف القاضي الشرعي الأول في اللاذقية، أحمد قيراطة، عن تسجيل حالة طلاق خارجة عن المألوف في المحافظة، وذلك بعد تسجيل الزوجة شرط أحقيتها في تطليق نفسها ضمن أحد صكوك الزواج المسجلة لدى المحكمة.
وأوضح قيراطة في تصريحات سابقة أن: الزوجة أقدمت فعلا على تطليق نفسها بعد 125 يوم من تسجيل عقد الزواج. مشيرا إلى أن المهر في صك الزواج الذي أنهته الزوجة كان 10 ملايين معجل غير مقبوض و10 ملايين مؤجل غير مقبوض.
وأكد قيراطة ارتفاع معدلات الطلاق في سوريا خلال السنوات الأخيرة، مرجعا أسبابا إلى “غياب الزوج أو فقدانه والتراجع الأخلاقي في المجتمع، والتفسخ الاجتماعي، وغلاء المعيشة، كل ذلك له تأثير في زيادة حالات طلاق تحصل اليوم في سوريا” حسب قوله.
حالات الطلاق وارتفاع معدلات الجرائم
وربط القاضي الشرعي بين ارتفاع معدلات الجرائم وزيادة حالات الطلاق في سوريا. وحول ذلك أضاف: “أغلب المجرمين هم من المطلقين، أو أبناء والدين مطلقين في حالات كثيرة، وانتشار الإنترنت وتغلغل الغيرة بين النساء في تقليد بعضهن البعض، في وقت تكون ظروفهن المادية غير متماثلة والغيرة والمطالبة بالمساواة والمثل وتقليد الأكثر فقرا للأغنى قد يسبب عجزا وإحباطا للزوج وبالنتيجة يؤدي ذلك إلى الطلاق”.
وشهدت الأسابيع الاخيرة ارتفاعا غير مسبوق في معدل جرائم القتل في سوريا، حيث سجلت البلاد مع نهاية عام 2021 وبداية العام الجاري، ما يزيد عن تسع جرائم قتل كانت معظمها ضد نساء قتلن على يد أحد أقاربهن من الدرجة الأولى.
ووصفت تقارير محلية مطلع عام 2022، بـ”البداية المرعبة” مع ارتفاع معدل جرائم القتل في البلاد، لا سيما الجرائم العائلة (القاتل والمقتول من عائلة واحدة)
مالك الرفاعي _ الحل نت