تواجه طبيبات الأمراض النسائية السوريات عدة مشاكل خلال عملهن في المشافي أو المراكز التركية، منها الاستغلال المالي وعدم إعطائهن الأجور المتفق عليها، والعنصرية من قبل الأطباء الأتراك في بعض الأحيان.
سميرة (اسم وهمي) ، طبيبة نسائية تقيم في إحدى الولايات الجنوبية في تركيا، تحدثت عن التحديات والصعوبات التي تواجهها في عملها، أهمها عدم الاستقرار والخوف من توقف العمل فجأة وغياب الشعور بالاستقرار المادي والتفكير في المستقبل.
حيث تتعرض الطبيبات إلى استغلال من قبل بعض المشافي وإداراتها، ولا يوجد عقود عمل رسمية تحفظ حقوقهن وأتعابهن.
وعبرت سميرة عن أسفها حيال نظرة عدم الاحترام التي تواجهها الطبيبات السوريات في بعض الأحيان من قبل المرضى والمراجعين، كونهن يعملن بشكل غير نظامي وتحت التهديد بإغلاق العيادات على أتفه الأسباب.
ولفتت إلى أن اضطرار الطبيبات للتوقف أو التنقل المستمر بين عدة أماكن وعدم الثبات قلل من مصداقيتهن وثقة المرضى بهن، إضافة لحاجة الطبيبة للعمل بظروف صعبة وغير مناسبة فرضت عليها بسبب حاجتها للعمل.
ومن أشكال الاستغلال التي تواجهها الطبيبات السوريات في تركيا، أنهن يتقاضين أجوراً أقل بكثير مما يتقاضاه الطبيب التركي وفي حال رفع الأجور يفضل المرضى مراجعة الطبيب التركي، كما تأخذ المراكز الطبية من الطبيبات السوريات 50 في المئة من أجور المعاينة.
وبالنسبة لإجراء العمليات، تدفع الطبيبات السوريات ضعف المبالغ التي يدفعها الأطباء والطبيبات الأتراك لقاء إجراء العمل الجراحي، إضافة لأفضلية الطبيب التركي لدخول غرف العمليات، وإعطاءه الغرف الأفضل لمرضاه والتمييز في التعامل.
علما، أننا حاولنا التواصل مع 3 طبيبات ليشاركن تجاربهن في التقرير، إلا أنهن رفضن ذلك خوفا من فقدان فرصهن في العمل، والطبيبة الوحيدة التي وافقت وفق شرط عدم ظهور اسمها والولاية التي تعمل بها.
الطبيبات السوريات محرومات من العمل في تركيا
منذ أكثر من ثلاث سنوات، سعت منظمة (TTB) التركية لتمكين الأطباء السوريين من ممارسة مهنتهم ضمن الأراضي التركية، إلا أن المحكمة الإدارية العليا قامت حينها بإلغاء بعض الأحكام وتعديل أخرى بخصوص عمل السوريين في القطاع الصحي، شريطة إلمامهم باللغة التركية بدرجة محددة فقط.
ولكن القرار الساري حاليا للعمل في المشافي التركية، ينص على معادلة الشهادة الجامعية بالنسبة للأجانب وإتقان اللغة التركية.
وتعتبر معادلة شهادة الطب السورية في تركيا أمرا شبه مستحيل، إذ يستغرق التأكد من صحة الشهادة أكثر من 8 أشهر، ويتطلب تواصلا مع وزارة التعليم العالي السورية، إضافة إلى خضوع الطبيب لعدة اختبارات ربما تأخذ سنوات حتى يتمكن من تعديل الشهادة.
ولا يمكن العمل بشهادة الطب السورية بشكل قانوني دون تعديل إلا في مراكز صحة المهاجرين، حيث يمكن للطبيب تقديم شهادته إلى وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة بغازي عنتاب والتي تقوم بالتنسيق مع الجهة التركية لإجراء دورات تدريبية نظرية ثم عملية، ويتم تعيينهم بالمراكز حسب الشواغر المتوفرة.
ولكن يلاحظ أن كثرة عدد المتقدمين وقلة الشواغر وعدم وجود فترات وآليات واضحة لإجراء دورات وملء الشواغر أو افتتاح مراكز، ضعفت إمكانية وجود فرص كافية لجميع الأطباء، إضافة لكون هذه المراكز تختص بالرعاية الصحية الأولية أي أنها لا تشمل الاختصاصات الفرعية.
قانونياً
المحامي السوري صلاح الدين رفعت الدباغ، المهتم بشؤون السوريين في تركيا، تحدث عن المشاكل التي تواجهها الطبيبات خلال عملهن، وقال: “في البداية من المهم جداً أن نحدد صفة المؤسسة التي تعمل بها الطبيبة إن كانت حكومية أو خاصة، لأن هذا يؤثر بشكل مباشر على القانون الذي يطبق”.
وأضاف، إنه في حال كان الطبيب يعمل في مؤسسة حكومية يكون تابعا لقانون موظفي الدولة، وأما إذا كانت المؤسسة خاصة فهنا النزاع يكون تابعا لقانون العمل التركي كونه القانون الذي يحدد أسس العقود و حقوق أطراف العقود.
وأوضح الدباغ أن هناك قوانين تحمي الطبيبات والأطباء الأجانب، ولكن في حال كان العمل نظاميا وقانونيا ورسميا، ويصبح الأمر أكثر تعقيدا في حالات العمل غير النظامية كما هو الحال مع عدد من الأطباء والطبيبات السوريين في تركيا.
وأشار الدباغ إلى الممارسات العنصرية، وقال “في حال ارتكابها من قبل الأطباء فهنا في الدرجة الأولى تدخل حيز التنفيذ المخالفات الانضباطية، إذا كان المعتدي يعمل في مؤسسة خاصة يعاقب الشخص بما تنص عليه لائحة الانضباط الخاصة بنقابة الأطباء التركية. أما إن كان المعتدي يعمل بمؤسسة حكومية فهنا يعاقب الشخص بما ينص عليه قانون موظفي الدولة. و بكل الأحوال يمكن تقديم بلاغ في النيابة العامة حول هذا الموضوع”.
هل تحل مراكز الرعاية الصحية محل الطبيبة النسائية؟
سألنا مجموعة من النساء السوريات في ولاية غازي عنتاب “من تفضلن أكثر مراجعة طبيبة النسائية السورية أم التركية؟”، معظم الإجابات فضلت الطبيبات السوريات ومن أهم الأسباب اللغة.
ولكن كان واضحا من الإجابات أن التحديات والصعوبات التي تواجهها الطبيبات السوريات انعكست أيضا على المراجعات، حيث يعانين من صعوبة أخذ موعد وربما يجبرن للانتظار أكثر من أسبوع للحصول على موعد معاينة، إضافة للتغير الدائم بالمكان وهذا الأمر يشكل صعوبة لدى الكثير من السيدات وربما تحرم من الاستمرار لدى طبيبتها المفضلة، لذلك توجه بعضهن للمتابعة البسيطة لدى مراكز الرعاية.
ويوجد في ولاية غازي عنتاب 8 مستوصفات طبية للاجئين السوريين تسمى “مراكز المهاجرين”، تقدم من خلالها خدمات صحية وتعتبر رعاية الصحة الإنجابية للمرأة من أولويات هذه المراكز.
تتواجد هذه المراكز في منطقة بلبل زادة وفي أرتوغلور غازي، وفي كولاج تبه قرب مشفى العيون، ومركز بمنطقة تكستيل كنت ( معروف عند السوريين دوار أبو شروال )، ومركز باراق.
ويوجد في هذه المراكز طبيبات وأطباء سوريون متخصصون في النسائية والتوليد، ويقومون بمتابعة حالات الحمل وإجراء فحوصات الكشف المبكر عن سرطان الرحم والثدي، إضافة إلى تقديم إرشادات توعوية حول الصحة الجنسية والانجابية.
تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان.
آلا محمد _ الأيام السورية