أسماء رزوق _ سيريا برس
أفغانستان القنبلة التي لم تبرد حتى بعد التفتت، حبيسة في جغرافيتها وفي حروبها الدائرة، هاهي تقع مرة أخرى بيد حركة طالبان، تحت عشرات الأسئلة وفي دوامات الإستفهام، وفي رصيد التوقعات المتفجرة.
_ هاهي أمريكا تترك رقعة الشطرنج هل هو تكتيك وحسابات ورسائل أم تسليم بعد أعباء مالية ضخمة صكت في تركيبة الحكم الأفغاني.
_ كم عدد الصراعات التي ستدور بعد حركات النزوح و تأجيج عدم استقرار في المنطقة؟
_ طالبان الحركة القومية الإسلامية الأفغانية المتطرفة ما الثقوب السلطوية التي ستحفرها في أرض أفغانستان وما البلاء المصدر إلى المحيط؟
منذ إعلان الرئيس الأمريكي جون بايدن قرار انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في 14 من أبريل 2021، بدء الزحف المربك في تهديد الوجود الأفغاني وحلول طالبان على الحدود، وعلى مشارف سيناريوهات أخرى بين التوقع والهذيان.
أصبحت حركة طالبان تسيطر على الحدود مع إيران وباكستان وطاجيكستان، بعد أن كانت مسيطرة على المناطق الريفية فقط في بداية العام الجاري، وسرعان ما سيطرت على 5 ولايات في بداية شهر أب/ أغسطس.
وهاهي اليوم في كابل بعد إعلان الرئيس الأفغاني أشرف غني، مغادرته البلاد حقناً للدماء مع إعلان دخول طالبان العاصمة كابل، مشدداً أنه واجه خيارات صعبة بين مسلحي طالبان في اقتحامهم القصر الرئاسي أو مغادرة بلاده التي كرس حياته لحمايتها ورعايتها.
نوه الرئيس الأفغاني أشرف غني بأن طالبان أعلنت عن هجوم دموي على كابل، في حال لم يغادر الرئيس الأفغاني بلاده، سلمت أفغانستان لطالبان تحت جبروت السلاح والتهديد، علها تقوم بحماية البلاد وتمكين الاستقرار به .وأضاف غني أن كثير من الناس في حالة من الذعر ولا يؤمنون بالمستقبل، وعلى طالبان ضمان أن يكون لدى جميع الناس والأعراق والنساء في أفغانستان خطة واضحة، من أجل كسب الشرعية وقلوب الناس.
هل لم تتوقع أمريكا سقوط الأفغان في هذه السرعة، وهل تترك استثمارها الكبير في الجيش الأفغاني بعد إنفاق 100 مليار دولار منذ 2002 لتدعيمه و تشديد عوده، استثمار مالي يجعل أي جيش في العالم دون مبالغة جاهز لأكبر معاركه، وليست أمريكا من خلال من يقرؤها بخاسرة في جولاتها، أو حتى بعفوية في تحركاتها.
_في البحث عن القرار الأمريكي يجب مراجعة التصريحات والإجراءات منذ بداية شهر آب الجاري.في 9 آب قال المتحدث في وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إن حركة طالبان حققت مكاسب ميدانية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب ملمحاً إلى أن تقدم الحركة حالياً غير مرتبط ارتباطاً مباشراً بقرارات الرئيس بايدن.
كما صرح المتحدث باسم البنتاغون من خلال إجابته عن سؤال حول ما إذا كان الدعم الجوي الأمريكي للجيش الوطني الأفغاني سيستمر بعد 31 أغسطس، حيث قال كيربي إن الإجابة على هذا السؤال الآن ستكون أمراً مثيراً للجدل، ملمحاً بذلك إلى أن الدعم الجوي إذا استمر سيكون على نطاق محدود.
كما قال كيربي إن سيطرة مسلحي طالبان على عواصم 5 ولايات خلال 72 ساعة فقط، أمر مثير للقلق، ملقياً بمسؤولية الدفاع عن المدن على الشعب الأفغاني وحكومته.أمريكا التي لطالما دعمت الحكم الأفغاني واستثمرت بجيشه ما التطورات الحاصلة وما التكتيك وما المتغيرات التي قلبت المسير لتعلن انسحابها وتسليم رقعة الشطرنج في أوج صراعها.
_ اعتادت الأرض الحبيسة على الهجرة منذ 40 عاماً فهناك مليونين و 800 ألف مواطن أفغاني من أصل 40 مليون يعيشون في باكستان بين مهاجر ومقيم وحامل لذاكرة مؤلمة.يعيش في إيران 800 ألف أفغاني وفي تركيا 200 ألف وفقاً لبيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وهاهم الجنود الأفغان يلوذون بالفرار ما أن تم دخول طالبان إلى كابل، وكان قد قال الخبير العسكري فايز الدويري للجزيرة نت أن الجندي عندما يجد نفسه وحيدا، ويجد أن القادة الكبار ينسحبون فلماذا يبقى في أرض المعركة؟ فأخطر ما يمكن أن يحدث للجندي هو أن يتخلى عنه قائده، ولهذا تكونت لدى الجنود الأفغان قناعة أن المآل النهائي هو سيطرة طالبان على كل البلاد، وليس هناك أي جدوى من قتالهم.وهاهو مصير ملايين من الناس في لأفغانستان معلق على كف عفريت بين البقاء على قيد التطرف أو الهجرة.
_ ليس بالمستبعد القلق العربي من عودة طالبان لساحة السلطة في أفغانستان، وخاصة في هذا التسارع المريب، فعودة كابل تحت حكم جماعات متطرفة ( القاعدة وتنظيم الدولة) وهي الأنظمة المعادية في كل خطاباتها للأنظمة العربية.
حيث أن وجود طالبان في المنطقة هو تصريح مرعب في عودة المد الأصولي من جديد، بعد أن تباطأ حاله وخمد، ورغم تصريحات وفد رفيع من حركة طالبان في زيارته للصين 11 آب بأن الجماعة لن تسمح باستخدام أفغانستان كقاعدة للتآمر ضد أي دولة أخرى، إلا أن تركيبة الحركة و سرد التاريخ يبرر الهواجس ويسمح للتوقعات بالتمادي.فهل يكون حكم طالبان نكبة من نكبات الأرض الحبيسة أفغانستان، ولعنة على دول الجوار كما تحمل الذاكرة الذهنية عن هذه الحركة الإسلامية المتطرفة، وإلى أي منتهى سيكون هذا الطريق المتشابك بالضباب.