سيريا برس _ أنباء سوريا
اختتم عام 2020 بـ51 جلسة لمحكمة “كوبلنز” في قضية المتهمين “أنور رسلان” و”إياد غريب” بتاريخ 16 كانون الأول ديسمبر، والتي كانت مع شاهدة معتقلة سابقاً في فرع الخطيب ، أدلت بشهادتها أمام المحكمة.
وفي ذات السياق تواصل “زمان الوصل” من خلال فريق التقصي عن مجرمي الحرب جمع مزيد من الشهادات حول ما ارتكبه “رسلان” من انتهاكات جسيمة وخطيرة لحقوق الإنسان في سوريا.
ضمن هذا السياق تروي معتقلة سابقة في سجون الأسد شهادتها عن رئيس فرع التحقيق في فرع “الخطيب” العقيد “أنور رسلان“، الذي تعرفت إلى صورة منشورة له (رسلان) على “فيسبوك”.
“لم أصدق ما رأته عيناي عند تصفحي موقع (فيسبوك) بعد أن وصلت المناطق المحررة إثر إطلاق سراحي من سجون الأسد، لقد أصبت بالصدمة والذهول عندما رأيت صورته، إنه هو، واسمه أنور رسلان إذاً، ويحاكم في ألمانيا على ما فعله بنا”، تقول الشاهدة.
وتضيف “سألت نفسي أنا أعرف هذا الشخص جيداً والتقيت به، نعم إنه هو نفسه الضابط الذي التقيته قبل سنوات وأنا سجينة في فرع الخطيب، وقام بتعذيبي وضربي وإهانتي، ها هو اليوم سجيناً خلف القضبان يحاكم على جرائمه بحقنا أمام القضاء الألماني، وأنا اليوم حرة”.
المعتقلة السابقة “مريم سعد (اسم مستعار) في منتصف العقد الثالث من العمر، وكانت تقيم في محافظة درعا قبل الثورة وانتقلت للعيش في دمشق أواخر عام 2011، وقد قضت 6 سنوات من عمرها في معتقلات وسجون الأسد.
الشاهدة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب خاصة، وحرصا على حسن سير مجريات المحاكمة المنعقدة في “كوبلنز” الألمانية، تنوي المثول أمامها لمواجهة “أنور رسلان” بجرائمه بحقها وبحق من قضوا تعذيباً في فرع “الخطيب” على يديه والتي كانت شاهدة عليها بعينها كما تقول.
تضامنا مع “الحولة”
تقول الشاهدة التي اعتقلت إثر اعتصام يندد بمجزرة “الحولة” مسقط رأس (رسلان): “بتاريخ 29/5/2012 اعتقلت من قبل دورية أمنية في قلب العاصمة دمشق بسبب مشاركتي في اعتصام ومظاهرة تنديداً بمجزرة “الحولة” التي ارتكبتها قوات النظام، ليتم نقلي بعدها إلى القسم 40، حيث بقيت بضع ساعات فقط تعرضت خلالها لتعذيب وترهيب نفسي من قبل أحد الضباط، وبعدها تم تحويلي مع معتقلين آخرين إلى فرع الخطيب (251)”.
وتضيف “عند وصولنا ذهلت مما شاهدته في ممرات الفرع خلال استلامنا وتدوين بياناتنا من قبل عناصر الفرع، شاهدت عددا من المعتقلين عراة إلا من اللباس الداخلي السفلي معصوبي الأعين مكبلي الأيدي للخلف وجوههم باتجاه الجدران وبدت على أجسامهم آثار التعذيب الشديد بشكل واضح”.
تستطرد الشاهدة بالقول “في اليوم الثاني من وصولي اإلى الفرع وإقامتي في مهجع النساء، جاء أحد عناصر الفرع ونادى باسمي وأخدني إلى الطابق الثاني وأنا معصوبة العينين، حيث لاحظت أني صعدت طبقتين من الدرجات برفقته إلى أن وصلنا إلى مكان ما، عرفت لاحقاً من زميلاتي المعتقلات أنه مكتب الضابط أنور، وما إن دخلت حتى بدأ بكيل الشتائم والتحقيق معي وسؤالي عن نشاطي المعارض للنظام، وعن أسماء أشخاص يريد مني الاعتراف عليهم، كان يتحدث بلهجة قريبة للهجة قرى الساحل السوري أو يتصنع التحدث بتلك اللهجة”.
تكمل الشاهدة: “عندما وجد أنني لا أجيب على بعض أسئلته وخصوصا ذكر أسماء لمعارضين عندها انهال علي بالضرب المبرح بكلتا يديه ورجليه على مختلف أجزاء جسمي، وخلال ضربه لي على وجهي ومن شدة الصفعات التي كنت أتلقاها نزلت العصابة عن عيني تمكنت خلالها من رؤيته، فصرخ في وجهي ورفع العصابة، لكني استطعت تمييز ملامحه شخص أصلع له شاربان كان يرتدي بدلة مع حذاء رياضيين”.
وتواصل “مريم” شهادتها “لم يكتفِ أنور رسلان بضربي بيديه ورجليه ليأتي أحد العناصر بكبل رباعي (كبل مجدول من أسلاك الكهرباء) ليتابع ضربي به حتى انتهى من التحقيق معي”.
تعذيب حتى الموت في فرع الخطيب
تستطرد الشاهدة “بلغت مدة اعتقالي في فرع الخطيب حوالي شهر و17 يوما، خلال هذه المدة عشنا يومياً حالة رعب لا توصف، زادها ما نسمع ونرى من التعذيب وصراخ المعتقلين، ونشاهد حال المعتقلات النساء اللاتي يخرجن إلى التحقيق ويعدن منهكات نفسياً وجسدياً من شدة الضرب والتعذيب” وتستعرض مشهدا لا يغيب حتى اليوم عن ذاكرتها فتقول “فتحوا باب مهجع النساء، حتى نشاهد حالة شاب يتعرض للتعذيب بهدف ترهيبنا وإجبارنا على الاعتراف، بدا لنا أن الشاب في العشرينيات من عمره، وعلى جسمه المتورم آثار التعذيب الشديد الذي غير لون جلده حيث بدأ أحد السجانين بضربه، بعدها أتى أنور رسلان وقف بجانب رأسه وقال له طالباً منه الاعتراف على أشخاص مقابل إطلاق سراحه، إلا أن الشاب فاجأ الجميع بعدما وقف وبصق بوجه أنور رسلان، فما كان من الأخير إلا أن رفسه على رأسه حتى بدأ المعتقل يشهق وتبول على نفسه، فقام العناصر بجلب الطعام للشاب ووضعوه على بوله وأجبروه على تناوله، وبعدها لم نعد نسمع أي شيء عن هذا الشاب، وفي الغالب أنه توفي تحت التعذيب”.
وتختم الشاهدة بالقول: “هاتان المرتان اللتان شاهدت خلالهما أنور رسلان بشكل مباشر وشهدت على ما ارتكبه من انتهاكات بحق المعتقلين والمعتقلات، وكان يجري التحقيق مع المعتقلات النساء بنفسه، حيث كن يتداولن دائماً فيما بينهن اسم الضابط أنور دون معرفة وظيفته أو رتبته، بل أن بعضنا ظن أنه هو رئيس الفرع، وأنا لم أتعرف على اسمه وكنيته إلا عندما رأيت صورته في خبر انطلاق محاكمته في ألمانيا”.
وانطلقت محاكمة “رسلان” و”غريب” أمام محكمة ألمانية بسبب الاشتباه بضلوعهما بعمليات التعذيب التي تمارسها حكومة الأسد ضد المعتقلين السوريين في سجونها، وهي “أول محاكمة على مستوى العالم تتم لضباط كانوا في نظام الأسد بتهمة ممارسة جرائم ضد الإنسانية، حيث إن القوانين الألمانية تسمح بأن تتم ملاحقة متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب حتى وإن كانت قد ارتكبت خارج ألمانيا وكان ضحاياها من الأجانب”.
المصدر: زمان الوصل