“أخدلي ذهباتي وتاركني لا معلقة ولا مطلقة.. إخواتي خايفين يدافعوا عني ويتسبب زوجي بترحيلهن”.. هكذا تصف السيدة السورية أمينة وضعها مع زوجها تركي الجنسية.
بعد 2011 ومع تصاعد القصف على بلدتها شمالي سوريا، نزحت أمينة مع إخوتها إلى جنوبي تركيا، ليأتي شاب تركي الجنسية ويطلبها للزواج.. لم تفكر كثيراً في الموافقة وبخاصة في ظل تدهور معيشة عائلتها اللاجئة حديثاً.
أمينة تعيش منذ 3 سنوات في بيت أخيها، بعد أن طردها زوجها الذي سلبها مصوغاتها الذهبية وتركها “لا معلقة ولا مطلقة” بحسب تعبيرها.. زوجها يهددها بخسارة ذهبها وحقوقها في حال رفعت دعوى طلاق.
وتطلب من إخوتها عدم التدخل خوفاً من افتعال زوجها مشكلة قد تؤدي إلى ترحيلهم من تركيا.
المحامي محمد نور نعيم أوغلو، يؤكد أن للمرأة السورية الحق في اللجوء إلى محاكم العائلة في تركيا فيما يتعلق بقضايا الطلاق والقانون لا يفرق فيما إذا كانت المرأة حاملة للجنسية التركية ام لا فالجميع متساوون أمام القضاء
وللطلاق في تركيا نوعان، الأول طلاق اتفاقي (مخالعة رضائية) “anlaşmalı boşanma”، وتتم بعد اتفاق الزوجين فيما بينهما على إنهاء العلاقة الزوجية بشكل ودي وتفريغ هذا الاتفاق في بروتوكول يوقع عليه كلا الطرفين، ويتم تقديمه إلى محكمة العائلة شريطة أن يكون قد مضى على زواجهما سنة واحدة على الأقل وفقاً للمادة ١٦٦/٣ من القانون المدني التركي.
يحكم القاضي بالطلاق بعد التحقق من رغبة الطرفين المتبادلة في الطلاق، ويحق للقاضي تعديل بعض بنود الاتفاق المتعلقة بالحضانة بما يضمن مصلحة الأطفال.
اقرأ أيضاً: للسوريين في تركيا.. كل ما يخص تثبيت حالات الزواج والطلاق
والنوع الثاني: طلاق مخاصمة “Çekişmeli boşanma”، إذ يقوم أحد الطرفين بإقامة الدعوى دون موافقة الطرف الآخر لأسباب تقدرها المحكمة، وبناء عليه يتم الحكم بالطلاق اذا كانت هناك أسباب جدية تحول دون استمرار هذه العلاقة الزوجية، منها على سبيل المثال (الخيانة الزوجية، العنف الأسري، مشكلات تتعلق بالعلاقة الحميمية بين الطرفين، إصابة أحد الطرفين بمرض عقلي غير قابل للعلاج).
يحق للطرفين طلب النفقة ويعود تقدير ذلك للمحكمة وغالبا ما يتم الحكم بالنفقة لصالح الزوجة.
ومن الممكن أن يتبع الحكم بالطلاق، دعوى من الزوجة أو الزوج لتوزيع الأموال، والمحكمة تقضي بتوزيع الأموال مناصفة، ويقصد بالأموال أي التي حصل عليها كل من الزوج والزوجة بعد زواجهما، بعيداً عن أموالهما قبل الزواج، والمصوغات الذهبية التي يهديها الرجل للمرأة في الزفاف.
وحلت السوريات بالمرتبة الأولى بين زيجات الأتراك من أجنبيات بنسبة 14.6 في المئة، وبلغ عدد السوريات المتزوجات من أتراك في 2021 أكثر من 3400 امرأة، بحسب معهد الإحصاء التركي.
“ما بعرف شو هي حقوقي ولا كيف بدي حصلها”
بكتاب غير قانوني، أو ما يعرف بـ “كتاب براني أو كتاب شيخ” تزوجت مروة من رجل تركي، وأطلق وعوداً بتسجيل الزواج لكن مرت 6 سنوات وأنجبت منه طفلين ولم تصدق الوعود بعد!.
الولدان غير مسجلان لأب تركي ولا يحملان الجنسية، ومروة تعيش معاناةً مزدوجة بسبب خوفها على مستقبل أطفالها، وضياع حقوقها من زوجها، لأنه غير ملتزم بها كزوج رسمياً.
بإمكان الأم أو الولد إقامة دعوى إثبات نسب “Babalık davası”، على الأب في حال كان على قيد الحياة وعلى ورثته في حال كان مفارقاً للحياة، وفي حال تثبتت المحكمة عن طريق فحص DNA من نسب الطفل، يسجل في النفوس على اسم والده ويحصل على الجنسية، ويحق للمرأة حينئذ طلب النفقة من والد الطفل، بحسب المحامي محمد نور نعيم أوغلو.
اقرأ أيضاً: أحكام العائلة وحضانة الأطفال للسوريين في تركيا
وتعطي المحاكم التركية للمرأة السورية، التي لا تملك وثيقة زواج رسمية (زواج غير مسجل)، الحق في رفع دعوى للحصول على حضانة الأطفال والنفقة لهم، وطلب تعويض مادي من الزوج.
هل اللاجئات السوريات في تركيا ضعيفات؟
تقول الناشطة في حقوق اللاجئين بتركيا دعاء محمد، إن بعض اللاجئات السوريات يتعرضن لاستغلال من رجال أتراك وسوريين بسبب الصورة النمطية التي تقول: “اللاجئة السورية ضعيفة”.
الصورة النمطية تلك نابعة من جهل كبير من النساء السوريات بالقوانين التركية، والإجراءات التي تضمن لهن حقوقهن المادية والمعنوية، بحسب دعاء.
ويدعم تطبيق Kırmızı Işık اللغة العربية، وتخصصه السلطات التركية للتبليغ عن أي خطر تتعرض له المرأة، ويجري تعيين 3 جهات اتصال في خانة الطوارئ وعند أي حالة طوارئ، ويعمل على التبليغ من خلال هز الهاتف الجوال فقط.
ولوزارة الداخلية التركية تطبيق kades للتبليغ عن حالات العنف ضد النساء، ويدعم أرقام بطاقات الحماية المؤقتة الخاصة بالسوريين.
لا تعدد في القانون التركي وحقوق في الميراث للسوريين
تلجأ بعض النساء إلى جهات دينية في تركيا لطلب رأي في مسألة مثل الميراث أو الحقوق والملكية، ولكن يبقى ذلك الرأي غير ملزماً لأن الحاكم الفعلي هو القانون التركي، بحسب الدكتورة غادة حمدون – ناشطة إعلامية مهتمة بقضايا المرأة والأسرة.
وتضيف أن تعدد الزوجات في تركيا، يوقع المرأة بمشكلات غالباً تؤدي إلى ضياع حقوقها، سواءً أكانت الزوجة الثانية لرجل سوري أو رجل تركي.
القانون التركي قانون مدني لا تطبق فيه أحكام الشريعة الإسلامية، لذلك لا يسمح بتعدد الزوجات، وينص القانون على أن من يجمع بين زوجتين يحبس من ستة أشهر حتى سنتين، وهذا يعني أن الزوجة الثانية لا تمتلك صفة رسمية، ولا يعترف بها القانون وليس لديها حقوق.
السن القانوني للزواج في تركيا 18 عاماً، ويعاقب القانون الزوج والأب وفي بعض الحالات الأم في حال كانت الزوجة قاصراً تحت سن 18 عاماً، وتصل العقوبة إلى السجن 15 عاماً.
اقرأ أيضاً: كيف ترفع دعوى قضائية في المحاكم التركية؟
المحامي التركي كوراي البير، يؤكد على أن القانون التركي يضمن تقسيم الميراث للاجئين السوريين في تركيا، وفي حال كانت الزوجة على قيد الحياة وكانت على ذمة زوجها حتى وفاته، فإنها تأخذ ربع الحصة، ويتم تقسيم الثلاثة أرباع المتبقية على الأولاد بالتساوي.
وفي حال كان المتوفى له زوجة ولكن لا أولاد عنده في هذه الحالة تأخذ الزوجة نصف الميراث، وتطبق القوانين نفسها في حال كان الزوج تركي والزوجة سورية.
ولا يحق للسوريين تملك العقارات في تركيا، إلّا عبر تأسيس شركة وتسجيل العقار على قيود الشركة، في حين يحق للسوريين المجنسين التملك على جنسيتهم التركية أو غيرها من الجنسيات المسموح لها التملك في تركيا.
ويبلغ عدد السوريين في تركيا، بحسب إحصاء رسمي صدر في شباط 2022، نحو 3.746.674 شخصاً، فيما يقترب عدد النساء منهم من 1.700000، وتشمل تلك الإحصاءات السوريين المسجلين بدوائر الهجرة التركية.
أنجزت هذه المادة بدعم من مؤسسة (JHR) صحفيون من أجل حقوق الانسان.
أحمد نذير _ روزنة