خلال الخطاب الرسمي للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لا يخفي نزعة بلاده لتحدي ما يصفه عادة بـ”الهيمنة الغربية على العالم“، وكان آخرها تحدي الغرب في أوكرانيا ومن قبلها في سوريا.
ومع دخول روسيا عسكريًا في صف النظام السوري ضد المعارضة المسلحة عام 2015، أعلن الاتحاد الروسي لصناعيي الغاز والنفط، أنه وبعد أن “يصبح الوضع مستقرًا” في سوريا، سوف يسعى الاتحاد لاستثمار ما لا يقل عن 1.6 مليار دولار في عقود الطاقة.
سبق هذا الاستثمار توقيع حكومة النظام السوري عام 2013 اتفاقًا مع شركة “سيوزنفتاغاز” الروسية، من أجل الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في منطقة قبالة الساحل السوري، وفق عقد يستمر لمدة 25 عامًا.
وفق نية روسيا توقيع عقود الاستثمار مع حكومة النظام، فلا شك بأن الجغرافيا السورية قد أعطت لروسيا قدرة على تجاوز حدودها من أجل لعب دور مهم في النظام العالمي.
المزيد من عقود الاستثمار
في 25 من نيسان 2019، أعلن وزير النقل السابق في حكومة النظام السوري، علي حمود، أن العقد مع الشركة الروسية بشأن مرفأ طرطوس هو عقد استثمار لا استئجار.
العقد وُقّع مع شركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية الخاصة، لمدة 49 عامًا، وكان مضمون العقد، وفق حمود، هو استثمار لشراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل مرفأ “طرطوس” وفق نظام عقود التشاركية بين القطاع العام والخاص المعمول به في سوريا.
وحول تحديد مدة العقد بـ49 عامًا، اعتبر حمود أن الدراسة والجدوى الاقتصادية للمشروع تحتاج إلى هذه المدة من أجل تحقيق الربح المطلوب للطرفين.
والاستثمار هو عملية إنماء الذمة المالية لبلد ما، فهو العمليات التي تهدف إلى خلق رأس المال، بمعنى أنه عملية إيجاد مشروعات اقتصادية دائمة تعمل على توفير احتياجات اقتصادية مختلفة وتحقيق أرباح مالية.
وجود روسيا على طول الساحل السوري، في اللاذقية وطرطوس، يعني أن موسكو وضعت نفسها، وسوريا بشكل مباشر، في مواجهة تمدد حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، ونياتها في التوسع الجغرافي أكثر، من خلال تأسيس قواعد عسكرية لسلاح البحرية الروسية بقاعدة “حميميم” في جنوب شرقي اللاذقية، ووجود أساطيلها التجارية طويلة الأمد في المنفذ البحري السوري الوحيد.
ما قانونية الاستثمار الروسي في سوريا
يتعلق مفهوم السلطة بالحق في الحكم أو حق القيادة والأمرة من جهة، ويرتبط بشكل من الأشكال بالقوة بغرض التأثير والسيطرة، ضمن إرادة الشعب في دولة تحكمها المؤسسات والقانون وقدسية الدستور.
لكن، لا شيء من ذلك موجود في سوريا، بحسب مؤشر الحريات العامة في العالم الخاص بمنظمة “Freedom House“، حيث يتمتع رئيس الجمهورية، الذي يهيمن على السلطة التنفيذية، بصلاحية واسعة غير قانونية.
وفي أيار 2021، فاز رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بولاية رابعة مدتها سبع سنوات، حيث حصل على 95.1% من الأصوات، في منافسة تميزت بقائمة غير تنافسية من المنافسين، ولم يشكّل أي منهم تهديدًا خطيرًا لحكم الأسد. وقد أفسد التصويت قانونًا منع السوريين الذين يعيشون في الخارج من المشاركة.
ورغم ذلك، بقي النظام السوري الممثل الوحيد للدولة السورية في الأمم المتحدة، من خلال المندوب الدائم لسوريا، بسام الصباغ، في نيويورك.
وبموجب المادة رقم “107” من الدستور السوري الصادر عام 2012، فلرئيس الجمهورية اختصاص إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وإلغائها وفقًا لأحكام الدستور وقواعد القانون الدولي.
كما نصت المادة رقم “75” على صلاحية مجلس الشعب في إقرار أنواع المعاهدات، ومنها المعاهدات التي تخالف القوانين النافذة ويتطلب نفاذها إصدار تشريع جديد.
وبحسب “اتفاقية فينا لقانون المعاهدات” في المادة رقم “6”، فإن لكل دولة أهلية لعقد المعاهدات.
كما يعتبر الشخص ممثلًا للدولة من أجل اعتماد نص المعاهدة أو توثيقه، أو من أجل التعبير عن رضا الالتزام بالمعاهدة في إحدى الحالتين التاليتين: إذا أبرز وثيقة التفويض الكامل المناسبة، أو إذا بدا من تعامل الدول المعنية أو من ظروف أخرى أن نيتها انصرفت إلى اعتبار ذلك الشخص ممثلًا للدولة من أجل هذا الغرض وممنوحًا تفويضًا كاملًا.
ويعتبر رؤساء الدول، ورؤساء الحكومات، ووزراء الخارجية، ممثلين لدولهم بحكم وظائفهم ودون حاجة إلى إبراز وثيقة التفويض الكامل، من أجل القيام بجميع الأعمال المتعلقة بعقد المعاهدة.
ويمكن التعبير عن رضا الدولة الالتزام بالمعاهدة بتوقيعها، أو بتبادل وثائق إنشائها، أو بالتصديق عليها، أو بالموافقة عليها، أو بقبولها، أو بالانضمام إليها، أو بأي وسيلة أخرى متفق عليها.
ولذلك فإن جميع التصرفات التي تعقدها حكومة النظام من اتفاقيات وعقود ومعاهدات دولية، بشرط عدم تعارضها مع الدستور، فهي ملزمة لسوريا.
المصدر: عنب بلدي